موت الديمقراطية في الغرب… هو موت الغرب

الدكتور خالد الشفي

وداعا أيتها الديمقراطية ومرحبا من جديد (او لا مرحبا) بالاعور الدجال.

ليس المجال هنا  لبحث ما تعني الديمقراطية من ناحية اللغة والمنشأ والاصطلاح… فهذا معروف عند اغلب الناس .

ان ما تعنيه الديمقراطية (او بالأحرى ما يريده الناس) هي حفظ حقوق كل الناس (كل افراد المجتمع) بما يضمن الكرامة لهم والسيادة لدولتهم.. لمنع  طغيان فئة على اخرى او تمرير قانون يضمن مصلحة فئة على حساب الفئات الاخرى بشكل مجحف…. بل ان المقصود من الديمقراطية هو حفظ حقوق الاقليات كما تحفظ الاكثرية حقوقها من غير تعنف او تعسف..

الديمقراطية اذن ليست وسيلة للتآمر على حقوق اي فئة من فئات المجتمع عن طريق صناديق الاقتراع… او تحقيق ردة فعل بقصد الغلبه او الانتقام.. ما يسمى باشواط الانتصار والانكسار  المتتابعة…. بل هي اقتراع وانتخاب لافضل الحلول لضبط التوازن في المجتمع وتحقيق السلامة والامن… الكرامة والسيادة للجميع.

ان ما يرغب به كل انسان ممن انتخبه ان يكون أمينا على برنامجه وكل ما ادعاه من  مشروع اداري لتحقيق ماقلنا انفا!. ويتحقق الهدف المنشود من المنتخبين عندما تتخذ القرارات في مجلس البرلمان (ممثلي الشعب) بناء على التصويت بالاغلبية داخل قبة البرلمان (او حرمه).. ومنه تصدر القرارات المصيرية التي تحدد وترسم مسار المجتمع والدولة لسنوات جديدة…

اي ان كل تصويت على اي مشروع او قرار يكون هو المعبر الحقيقي عن صدق نوايا المنتخبين وامانتهم… وهو ما يعبر عنه القران الكريم بالتقوى!!

﴿احسب الناس ان يقولوا امنا وهم لايفتنون…﴾ (صدق الله العظيم)

وهنا نجد ان في الديمقراطية مرحلتين من التصويت:

الاولى: يناط بالمنتخبين مسؤولية التشريع من قبل الشعب لفترة من الزمن وهذا ميثاق غليظ هو الأمانة او الوكالة.

وفي الثانية: تترجم هذه الامانة (وهذا التوكيل) بالتصويت داخل البرلمان على مختلف المشاريع .

وهنا ايضا لا بد من اخذ برأي الخبراء في كل مسألة.. وهم في الاسلام الشهداء العدول.. لهذا فان الاجتهاد في المعرفة وطلب العلم هو من اهم اقسام الجهاد في الاسلام…

﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة  ليتفقهوا في الدين﴾..

وهناك ايات واحاديث كثيرة تشير الى هذا المعنى… لسنا بصدد التفصيل ..

ويكون القرار عندئذ بتغليب  المصلحة العامة على باقي المصالح.. من غير الاضرار بمصالح الاقليات… من بعد شرح ومناقشة.. ومشورة….الخ.

ومن هنا نجد بشكل واضح ان الديمقراطية في العالم الغربي بدأت تأكل نفسها بنفسها لانها خيبت آمال شعوبها بسبب انحرافها عما أسست له وثارت وبذلت المهج من اجلها… (من الشعب وبالشعب والى الشعب..ابراهام لنكن)..

 بل ان ما تعاني منه اليوم هو نفس مشكلة الديمقراطية الصورية التي صدرتها وعلبتها.. وباعتها الى الدول التي احتلتها واستضعفتها واغتصبت ثرواتها… وهذا رد فعل عن كل عمل سيء يعود ويرجع على صاحبه… سنة الله في عباده… بما تدين تدان.

اذن الديمقراطية الغربية (والحضارة الغربية) اليوم في مرحلة الاحتضار والناس في مرحلة الانتظار وتهيأة الاكفان لتبادل العزاء.. وشراء مقبرة تليق بهذا الحدث العظيم (وهيبة الجنازة).. لانه المدفون كان ذو حظ عظيم في هذه الدنيا.. ويمتلك دول وليس مجرد عقارات! وستقام على روحه ولائم قد تنسي الجياع سبب جوعهم.. ولو لوهلة وجيزة!!

وهذا ما تنبأ به كثير من الساسة عندما شاهدوا مراسيم تشييع ودفن الدكتاتورية التي ادعت سابقا انها ستنعش الانسان عن طريق الاشتراكية أو الشيوعية.. (وتقسيم الثروات… وعدالة التوزيع) من قبل حكام ‘عدول’!! لكن عزائهم لم يستمر طويلا لقصر ذات اليد والافلاس المتقع.. لا ولائم على روح هذا الفقيد  الذي مات بسبب فقره وافلاسه.. ولم تكن هناك ولائم  لتنسي الفقراء جوعهم  ولو لفترة … لكن النتيجة واحدة عند الاثنين.. هي موت الامم كما هو محتم على بني البشر منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم  تارة اخرى!.

رب سائل يسأل: ما علاقة الاعور الدجال بالمقالة؟ او بالمصطلح الاسلامي من هو الاعور الدجال من أين أتى؟ او متى سياتي؟ وماهو التكليف الشرعي تجاهه؟

لقد نشأنا على فكرة المخلص والدجال الاعور عقودا او قرونا من السنين نتطلع فيها الى يوم الخلاص ويوم السعادة في الدنيا (قبل الاخرة).. يوم العدالة.. يوم رفع الظلم وازاحته ذلك الكابوس للابد… الراحة الابدية.. والحرية المنشودة.. يوم تحقيق العدالة.. يوم الانتقام من الشيطان ‘الاعور الدجال’ من بعد الاحتفال  برجمه مرة  كل سنة  ولا ندري كيف ننتقم منه او نصده عنا؟

ثم كيف تتم هذه السعادة.. هل بعد موته مباشرة؟ ام هناك فترة للتأهيل والتدريب؟ بل من هو الاعور الدجال اصلا؟..

هل هو الشيطان؟

ام النفس الشريرة؟

هل هو امريكا والغرب؟

هل هو الصهيونية؟

هل هو الاشتراكية أو الشيوعية؟

هل هو عند ظهور يأجوج ومأجوج… وعندها يكون يوم الخلاص..  أم انه ما زال معشعشا في نفوسنا وصدورنا منذ الولادة، منذ ان خلق الانسان.. منذ ادم عليه السلام عندما خذلته نفسه ووسوس له الشيطان وأكل من الشجرة.. من بعد نهي الرحمن.. وعندما سولت نفس قابيل قتل اخيه هابيل!!

انه العصيان.. والابتعاد عن هدي الرحمن. هذا هو الأعور الدجال… سبب كل هذا الخذلان، وانتصار الشيطان على الانسان.

(ياايها الانسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك  فسواك فعدلك في اي صورة ماشاء ركبك.)

صدق الله العظيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى