الأساطير التاريخية بين الرمزية والتوظيف السياسي

*الكلمات التي تلقى في المؤسسة لا تعبر عن رأي مؤسسة الابرار الاسلامية وانما تعبر عن رأي صاحب الكلمة.

المهندس محمد حسين فرج الله الأسدي

الأساطير التاريخية بين الرمزية والتوظيف السياسي

معركة هرمجدون أنموذجا

 التاريخ: 17 ابريل 2025

محاضرة تتناول كيف تتحول الرموز إلى أدوات توظيف سياسي – معركة هرمجدون نموذجا رمزيا وتحليليا
تقديم
في هذا العرض، نناقش كيف يمكن أن تتحول بعض الخرافات التاريخية ذات الطابع الديني إلى أدواتٍ تُستَخدم في التوظيف السياسي، خصوصًا حين يُعاد تفسيرها خارج سياقها الرمزي أو الديني.
وسنركز على معركة هرمجدون كنموذج لهذه الظاهرة، حيث تحوّلت من نبوءةٍ توراتيةٍ غيبيةٍ إلى خطابٍ مؤثرٍ في قراراتٍ سياسيةٍ معاصرةٍ، خاصةً في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية.
يتناول العرض الخلفية الدينية للمفهوم، والعوامل التي ساهمت في تبنيه من قبل بعض القوى المسيحية الإنجيلية، ودوره في تشكيل سياسات تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.
*ما هي معركة هرمجدون؟*
معركة هرمجدون ذُكرت في سفر الرؤيا الاصحاح 16:16 كموقع للمواجهة النهائية بين قوى الخير والشر:
*”فجمعهم إلى الموضع الذي يُدعى بالعبرانية هرمجدون”*.
وهي ترمز عبر التاريخ إلى نهاية الزمان وبداية العصر الألفي السعيد.
رغم أنها لم تقع فعليًا، إلا أنها أصبحت جزءًا من الأدبيات الدينية والخيال الشعبي المسيحي.
*الإنجيليون ومعركة هرمجدون*
الإنجيليون هم تيارٌ مسيحي يُؤمن بالولادة الجديدة وبسلطةِ الكتاب المقدس
يعتقد كثير منهم أن نبوءات نهاية العالم تُطبَّق حرفيًا، ومنها نبوءة هرمجدون.
هذا الإيمان يدفعهم لدعم إسرائيل سياسيًا باعتبارها جزءًا من المخطط الإلهي لنهاية الزمان.
*من هم الإنجيليون ونبذة عن معتقداتهم بخصوص نهاية العالم*
الإنجيليون يؤمنون بسلطة مطلقة للكتاب المقدس.
يرون أن نبوءات نهاية العالم ستتحقق حرفيًا.
هرمجدون تعد لديهم معركة فاصلة بين الخير والشر في نهاية الزمان.
هذا الاعتقاد يشكل جزءًا أساسيًا من رؤيتهم للعالم والسياسة الدولية
*شخصيات إنجيلية بارزة*
روبرت جيفريس: أحد داعمي ترامب الدينيين، شبهه بالملك كورش التوراتي.
لانس والنو: يروج لنظرية ‘الجبال السبع’ للسيطرة المسيحية على الثقافة والسياسة.
هال ليندسي: يتحدث عن المعركة كجزء من نبوءات نهاية العالم وعودة المسيح ويربطها باحداث الصراع بالشرق الأوسط.
بات روبرتنسون: مؤسس شبكة سي بي أن، والذي يتحدث فيها عن المعركة مرارا كحدث حتمي لنهاية العالم وربطها بالتطورات السياسية العالمية.
جاك فان إمبي (الملقب نبي الأخبار): يربط باستمرار الاخبار اليومية بالنبوءات مركزا على المعركة وعودة المسيح.
*نبذة عن القس جون هيغي*
•جون هيغي هو قس أمريكي ومؤسس كنيسة Cornerstone Church في مدينة سان أنطونيو، تكساس، وهي كنيسة إنجيلية كبيرة تأسست عام 1987.
•هو مؤسس ورئيس منظمة Christians United for Israel (المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل) التي بلغ عدد أعضائها 20 مليون.
•له العديد من المؤلفات والخطب التي تركز على نبوءات الكتاب المقدس، خاصة ما يتعلق بنهاية الزمان، والعلاقة بين الأحداث العالمية والنبوءات الإنجيلية.
•يتمتع بشهرة واسعة في الأوساط الإنجيلية المحافظة، كما يُعرف بخطابه السياسي الداعم لليمين الأمريكي.
•اتخذه ترامب مستشارا دينيا له.
٠ أثار الجدل بسبب بعض تصريحاته المتعلقة بالإسلام والديانات الأخرى، مما عرضَه لانتقادات من بعض الجماعات الدينية والحقوقية.
*القس جون هيغي ودوره*
يعد جون هيغي من أبرز القادة الدينيين الإنجيليين الذين روجوا لفكرة هرمجدون.
أسس منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” والتي تؤمن بأن دعم إسرائيل دينيًا واجب إنجيلي.
يستخدم خطابه الديني في التأثير على السياسات الأمريكية الخارجية.
*تأثير القس جون هيغي على السياسيين والجمهور الأمريكي*
يستخدم هيغي خطابًا عاطفيًا يربط بين النبوءات والسياسة.
يملك تأثيرًا على قاعدة واسعة من الإنجيليين.
يدعو لدعم إسرائيل كجزء من تحقيق نبوءة هرمجدون.
يحضر مؤتمرات سياسية ويقدم استشارات لزعماء سياسيين.
*أبرز السياسيين الأمريكيين المؤمنين بهرمجدون*
مايك بومبيو: وزير خارجية سابق، تحدث عن نبوءات نهاية العالم.
مايك بينس: نائب ترامب السابق، يربط بين السياسة والدين بشكل علني.
تيد كروز: سيناتور جمهوري، يستخدم لغة دينية في خطاباته السياسية.
*أعضاء الكونغرس من اليمين المسيحي*
مارجوري تايلور غرين: تصف نفسها بـ’القومية المسيحية’ وتؤمن بربط الدين بالدولة.
لورين بويبرت: من مؤيدي الدمج بين الدين والسياسة وتروج لأمريكا المسيحية.
*مراحل تطور التوظيف السياسي لأسطورة هرمجدون*
* بدأ التوظيف السياسي لمعركة هرمجدون في الخطاب الأمريكي بشكل ملحوظ خلال السبعينيات والثمانينيات.
* ترسّخ بوضوح في عهد الرئيس رونالد ريغان (1981–1989)، حيث لمّح نفسه في بعض خطاباته إلى أن الأحداث الجارية قد تكون “علامات على اقتراب النهاية”، وذكر أنه لا يستبعد أن يكون الجيل الحالي هو الجيل الذي سيشهد هرمجدون، وفقًا لتفسيره الإنجيلي.
* ولكن التأسيس الأيديولوجي بدأ أقدم من ذلك، في الخمسينيات والستينيات، مع صعود التيارات الإنجيلية في أمريكا، خاصة مع كتابات مثل:The Late Great Planet Earth (1970) للكاتب الإنجيلي هال ليندسي الذي ربط أحداث نهاية الزمان بالدولة الحديثة.
* ثم جاء تيم لاهاي وجيري جينكنز بسلسلة روايات Left Behind في التسعينيات، مما جعل اسطورة هرمجدون جزءًا من الوعي الشعبي الأمريكي.
* الحدث السياسي الأبرز الذي جعل التوظيف واضحًا كان بعد قيام دولة الإحتلال الصهيوني عام 1948، حيث بدأ الإنجيليون يربطون ذلك مباشرة بإسطورة هرمجدون، وبالتالي دخل الموضوع تدريجيًا إلى السياسة الأمريكية، خصوصًا مع التقاء المصالح بين اليمين المسيحي المحافظ والحزب الجمهوري
*دونالد ترامب والتوظيف السياسي لهرمجدون*
خلال رئاسته، اتخذ ترامب قرارات كبرى تتفق مع رؤية الإنجيليين، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
روّج له زعماء دينيون كأداة إلهية لتنفيذ نبوءات الكتاب المقدس.
تصريحاته ومواقفه أثارت جدلاً حول تأثير الدين على السياسة الخارجية الأمريكية.
*السياسيون البريطانيون والأوروبيون*
•نايجل فاراج (بريطانيا): يستخدم رموزًا دينية في خطابه السياسي لتعزيز مفهوم “الهوية القومية”.
•فيكتور أوربان (المجر): يروج للهوية المسيحية كعنصر قومي.
*أمثلة على السياسات الأمريكية المتأثرة بهذه الخرافة*
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.
زيادة الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل.
خطابات رسمية تشير إلى التوافق مع النبوءات التوراتية.
ضم هضبة الجولان ألى الكيان المحتل.
*مخاطر سوء التوظيف السياسي للأساطير والقصص التاريخية*
استخدام الرموز الدينية بشكل سياسي سيّء يؤدي إلى تأجيج الصراعات.
يشجع على التطرف الديني.
يمنع الحلول الواقعية للصراعات الدولية.
*عقيدة الإمام المهدي عند الشيعة مقارنة بنبوءة هرمجدون*
•عقيدة المهدي تشير إلى منقذ يظهر آخر الزمان ليملأ الأرض قِسطاً وعدلاً.
•تشترك مع هرمجدون في الفكرة المهدوي ونهاية الزمان.
•لكنها تختلف في المنطلقات اللاهوتية والسياقات التاريخية.
•كلاهما يُستخدم أحيانًا لأهداف سياسية
*الخاتمة*
•إيمان بعض القادة السياسيين بالخرافات الدينية مثل هرمجدون يمكن أن يؤثر بشكل كبير على السياسات الدولية.
•يجب التفريق بين الرمزية الدينية والاستغلال السياسي للأفكار الدينية.
•ضرورة الدعوة للتفكير النقدي والوعي بخطورة الدمج بين النبوءات والسياسات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى