الفجوة الثقافية بين الاباء والابناء وتحديات التربية

ندوة مؤسسة الابرار الاسلامية بعنوان الفجوة الثقافية بين الأباء والأبناء وتحديات التربية

الضيوف: الاعلامية السيدة انفال الموسوي والمحامية لميعة الظاهر

التاريخ: 7 نوفمبر 2024

كلمة الاعلامية السيدة انفال الموسوي

بسم الله الرحمن  الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى :

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِين)

الانسان كائن قابل للتكامل .. باحث بالفطرة عن الكمال

 يتكامل الإنسان بالتربية والتقويم .. وفيما لو تمت الاستفادة من الطاقات الداخلية للفرد لتتناغم والإمكانات الخارجية ، يصل الى الكمال الذي هو السعادة الحقيقية التي يسعى كل إنسان إليها ،والعكس صحيح ..  فبعد أحد عشر قَسماً عظيماً وجليلاً يقول تعالى في سورة الشمس: {قد افلح من زكاها و قد خاب من دساها}.

وبما ان الانسان قابل للتكامل و التطور ويسعى للكمال… فلا يتحقق هذا السعي الا بالتطور والتغيير سعيا منه الى الأفضل.

لا يصحو أي شعب بين ليلة و ضحاها ليجد نفسه قد تطور اجتماعيا و اقتصاديا و لغويا و ثقافيا و حضاريا وتكنولوجيا.. الخ.. لابد ان تكون هناك تغييرات طارئة بين جيل و اخر تغير هوية المجتمع وتطوره تدريجيا .. أحيانا تكون التغييرات او التطورات محسوسة لحجمها.. وأحيانا تكون ناعمة كدبيب النمل لا تحس الا بعد تفشيها او بعد مرور أمد.

اليوم لا نتحدث عن التغيير الإيجابي الذي يطرأ على الأجيال.. كالاعمار والتطور التعليمي والثقافي والبحثي.. اذ طلب مني ان اتحدث عن الفجوة الجيلية بين الإباء والابناء والتي تعتبر مشكلة وعقبة احيانا تحول بين التربية والحفاظ على الهوية لاسيما ونحن كجالية نعيش في الغرب وما ادراكم ما التحديات التي نواجهها هنا في الغرب.

ما سبب هذه الفجوة؟ غالبا الا التغيير الذي يرنو اليه الأبناء خارج جلابيب ابائهم اوالجيل السابق الذي يعتبرونه اقل ذكاء وطموحا منهم.. و في برهة من أعمارهم يجدون انفسهم اكثر علما و معرفة و يأخذهم غرور الشباب بأنفسهم.

الجيل: يُعرَّف الجيل بمجموعة الأفراد الذين ولدوا وعاشوا في المدّة الزمنية نفسها وتجمعهم أمور مشتركة كثيرة, لاسيما ان عاشوا المكان نفسه او يحملون الهوية نفسها: كالقومية اوالدين او الانتماء.. فجيل من الكرد بلاشك يختلفون عن جيل من اليابانيين رغم ان كلا الجيلين عاشا في ذات المرحلة الزمنية.. لكن كلا الجيلين يشتركان بأمور كثيرة أخرى و ربما اهم كالتكنولوجيا ووسائل السفر والاعلام والحروب.

والجيل هو الفترة الزمنية الفاصلة بين ولادة الآباء وأبنائهم، وتقدر في البشر ما بين 20 إلى 35 عامًا. ومؤخرًا يقدرها بعض علماء التربية و الاجتماع ما بين 15 إلى 20 عامًا.

تحدث الفجوات بين الجيل الاجدد و الاقدم او الأسبق.

من اهم أسباب الفجوة الجيلية هو التطور في الحياة لاسيما في الأونة الأخيرة بعد التحولات السريعة التي طرات على المجتمعات عموما ..نذكر منها الانفتاح الاقتصادي و التكنولوجيا والاعلام السهل الذي بات في متناول الايدي و الذي زاد الهوة اتساعا واصبح يشكل تصادما بين الإباء والابناء.

اكثر ما تمتد اليه دوافع الصراع بين الأجيال، أو الفجوة الجيلية الى:

  • اللغة
  • الشعور بالانتماء.
  • القيم ..
  • الدين .
  • الآراء السياسية.
  • العمل .
  • الثقافة

نأخذ مثالا اللغة: اول ما تلاحظ الفجوة هو استخدام اللغة، اذ تتبنى الأجيال الجديدة لغة او مصطلحات تختلف عن لغة الجيل الأكبر ليتميزوا بها عن الجيل السابق خاصة اللهجة العامية فللمراهقين لهجة خاصة ربما لا تليق بالبالغين التحدث بها (سلانك). تعتبر اللهجة العامية غالباً سريعة الزوال وتتطلب كلمات جديدة ثابتة لتلبية المتطلبات الزمكانية.. بعض الأمثلة عن مصطلحات عراقية ظهرت حسب الحاجة او الزمن لم تكن موجودة قبل عقود (كنك. جوزة. شخص حديقة ولا تعني حديقة النباتات).

بعيدا عن اللهجة العامية هناك مصطلحات اختلف معناها مع التطورالتكنولوجي. مثلا مصطلح (المهارات الوظيفية) المطلوب عند التقديم على وظيفة او عمل..  في زمن جيل والدي تختلف تماما عن المهارات الوظيفية المطلوبة في جيلي.. وبطبيعة الحال يختلف معنى هذا المصطلح لدى الجيل الجديد.

مصطلح ‘مهارات التواصل’ :الكتابة والتحدث بشكل رسمي للموظف، بينما قد يعني المصطلح نفسه للموظف من جيلي البريد الإلكتروني و كيفية التواصل من خلاله، اما الان فهي تعني في عصرنا هذا محادثات خاصة ومتعددة لدى كل شخص تكون في الهواتف المحمولة والرسائل النصية.

فيلم انترن الامريكي (عام 2015 نموذج عن الفجوة بين الأجيال ) لاسيما في مجال العمل والوظيفة.

كل شخص سليم يطمح ان يكون افضل من الجميع للوصول الى الكمال والسعادة وقد حث سبحانه وتعالى على التنافس وصولا الى الكمال والسعادة ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).

الا الأبناء.. يتمنى كل شخص طبيعي ان يكون ابناءه اكثر نجاحا وافضل منه.. هذا امر فطري.. لذا يسعى الإباء الى التربية والتعليم و النصح والتوجيه. ونموذج ذلك جلي في الايات القرانية عن وصايا الأنبياء والصالحين لابنائهم.. مثلا يوصي إبراهيم بنيه و كذلك يعقوب:

(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). و نستذكر أيضا وصايا لقمان لابنه: (وإذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم، يا بني ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير، يا بني اقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا ان الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الأصوات لصوت الحمير).

لكن التربية الصحيحة للطفل تبدأ قبل ولادته بعشرين عاما. و هنا يأت حسن اختيار الاب او الام للطفل المنتظر.

وصايا كثيرة في ديننا الإسلامي للحث على حسن اختيار الشريك وانتم تعرفونها: تخيروا لنطفكم فان العرق دساس.. اياكم و خضراء الدمن. وغيرها.

وكذلك الروايات الواردة عن كيفية اختيارالائمة لزوجاتهم لاسيما من اصبحن (أمهات الائمة).. نموذج ذلك الامام علي عليه السلام بعد رحيل زوجته سيدة النساء اتجه الى أخيه عقيل وكان نسابة ليرشده لاختيار زوجة فاقترح عليه لفاطمة بنت حزام الكلابية (ام البنين) اذ تنتمي لاسرة تعرف بالشجاعة والبلاغة وخصال حسنات جمة (جينات جيدة إضافة الى تربية حسنة).

تختلف الرعاية عن التربية: هناك من يقسم التربية الى ثلاث او اربع مراحل:

-الطفل حديث الولادة.

من متطلباتها التغذية والنظافة والنوم والحنان.

-الطفولة المبكرة (6-7). وتعد من اهم مراحل التربية للإنسان اذ تبقى اثارها مرافقة له مدى العمر. يتعلم فيها المهارات الأساسية كالكلام والمشي وباقي الاداب والقيم والهوية. 

في هذه المرحلة ستتداخل تربية مؤسسات أخرى: المدرسة الاعلام المساجد وكذلك سيكون للاصدقاء تاثير على الطفل. فيها يبدأ الطفل ببلورة شخصيته.. يشعر بأناه وحقوقه.. وعليه ان يعرف بعض واجباته أيضا، الطفل الكبير (14-15) .

بعض علماء الاجتماع والتربية يرون ان التربية تنتهي في هذا العمر..  اذ يستغني الطفل فيها عن رعاية الاهل – حسب ظنه –.

لحد هذا السن يمكن توجيه الطفل واملائه بالاوامر والنواهي والأصول و ما الى ذلك.. حين يصل الى هذه المرحلة يرفض أحيانا الانصياع لاوامر الاهل وتوجيهاتهم بل يعارضها ولا يبق لديهم سوى النصح.. والقرار له، (لاعبه سبعا و أدبه سبعا وآخه سبعا كما ورد في المأثورات).

-المراهقة تمتد الى عمر العشرين.. وان اختلفت الآراء فعلى ارض الواقع يبقى المراهق او الشاب بحاجة الى توجيه و نصح حتى الى ما بعد العشرين من عمره.. لكن.. ليس بالاكراه والضغط فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر.. هنا تبدأ الفجوة الجيلية..

الحلول:

الفهم والادراك والوعي:

اليوم نحن هنا جالية إسلامية في الغرب.. نواجه تحديات جد خطيرة.. يراد بنا ان نعيش ثقافة القطيع (اوالعقل الجمعي) بحيث ننقاد كالقطيع دون ادراك للمشاكل والاهداف التي يريد الاخر ايقاعنا بها ليتفوق ويسيطرعلينا ونتحول اجلكم الله: كالانعام او اضل.

بداية.. على الوالدين او المربي ان يكونوا على قدر من الوعي وان يتحلوا بالفهم والادراك بخطورة الأهداف.. وتشخيص وسائلها بشكل دقيق للتمكن من إيجاد سبل المواجهة وحلولا ناجعة لتفادي اضرارها. طبعا قبل كل هذا على الوالدين ان يكونا متفاهمين فيما بينهما وهذا بحد ذاته جهاد.

لا تخلو الزيجات من مشاكل .. لكن التعامل مع المشاكل بأنانية والانشغال بالبحث عن الحق وترك الواجب (ان يرى كل منهما ما له من حقوق وليس ما عليه من واجبات).. وتدخل ضعاف الدين والوعي في هذه المشاكل ستزيد الطين بلة.. والمتضرر الأكبر هم الأبناء، او ان ينشغل الاب والام عن تربية أبنائهم بامور أخرى ربما مهمة كالعمل.. لكن عليهم ادراك ان من ينشغل عن تربية أبنائه.. فهناك من هو متفرغ تماما لتربيتهم!

انت مسؤول عن وجود هذا الطفل في الحياة اذن انت المسؤول عن تربيته من الالف الى الياء.. ليست المربية ولا الجد والجدة الذين بينهم وبين هذا الطفل جيلين او ربما اكثر.. ولا الأقارب ولا الجيران.

نوجه هنا الحديث خاصة للامهات فالام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الأعرا .. وقد حبى الله المرأة صفات لتكون وعاء للطفل والاسرة معا.. هذا لا يعني ان نحرم المراة من حق التعليم والعمل والمشاكات والنشاطات خارج المنزل لكن مع التأكيد ان لا يكون خروجها وانشغالها على حساب الاسرة والأطفال.

اذن من المسلمات ان يكون الوالدان على وفاق بينهما أولا.. لتوفير قلعة محصنة هادئة متصافية وسليمة للرعاية و التربية.

لا يختلف اثنان ان البيئة المحيطة بنا والقائمين عليها هنا في الغرب يمتلكون قدرات اكبر من قدراتنا نحن كجالية من حيث امتلاك الأدوات المؤثرة في البيئة المحيطة: مركز القرار سياسيا. الاعلام. سن القوانين والأنظمة. المؤسسات التعليمية وصولا الى مجالات العمل: كل هذه البيئة هي اكبر منا وهي تتبع أيديولوجيا واجندات محركة لها تهدف الى تذويب الجالية الوافدة والمجتمعات وصهرها داخل البوتقة ليسهل عليها القيادة الى الهدف المرجو الا وهو: تفكيك الاسرة التي هي بذرة المجتمع ونواته.. واذا تفككت الاسرة تفكك المجتمع وسهل انقياده.

الملاحظ بالثقافة الغربية انها ثقافة متفككة من الناحية الاجتماعية تقوم على عوامل عديدة لم تعد الاسرة من أولوياتها بل العكس من ذلك، ويبدو ان الإرادة المخططة تريد الهيمنة على العالم . تبدأ الفكرة من عقل مخطط تنبثق في اوربا وتمتد الموجة الى دول العالم الأخرى. اكبر مثال شعار المساواة الذي ينادون به منذ عقود.. المساواة بين المرأة والرجل. المساواة التي لا تحقق العدالة بل غالبا ما تظلم المرأة لو ان فتياتنا تعي ذلك.

اليوم بناتنا ونساؤنا في دولنا الاسلامية يرفعن هذا الشعار (سترونغ اندبندنت) الذي افقدها الكثير من حقوقها وساواها بالرجل الذي من المفروض ان يكون قواما عليها لتحصينها ودلالها ورعايتها.. ترفض الفتاة كل هذا وتترك اقدس عمل اوكل اليها وشرفها لتكون اما ومربية أجيال.. لتلهث خلف نجاح وهمي يحمل حرف الدال والالف وحروف أخرى.. او مقابل شهادات تقدير ورقية او حفنة مال! (لسنا ضد التعليم والدراسة والثقافة والعمل ما دام لا يتعارض مع دور المرأة الرئيس).

المشكلة ان بعض الاهل يدعمون بنتهم لتحقيق ما يرونه أيضا نجاحا دون تعليمها التوازن بين الحفاظ على البيت والاسرة والعمل خارجا ! وهنا اعود لنقطة البداية: على الوالدين فهم وادراك الخطر والتحدي المحيط بالاسرة واهداف من يريدون تسيير المجتمع كقطيع لتحقيق أهدافهم بالسيطرة عليه، واعود الى نقطة البداية أيضا: ان تربية الطفل تبدأ قبل ولادته بعشرين عام، وهذا واجب الوالدين.. الشهادات الاكاديمية ليست كل شيء فهناك ما هو اهم في الحياة وما الدراسة الاكاديمية الا وسيلة وليست هدفا. ومن هذا المنطلق تبدأ التربية الحقيقية والتي نفتقدها أحيانا لدى بعض الاسر في مجتمعنا.

نعم على الجيل الجديد ان يتطور ويتغير.. هناك رواية تنسب للامام علي عليه السلام ورغم ضعف المصدر لكنها لا تخلو من صحة (لا تؤدبوا اولادكم على اخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم). نعم علينا ان نتقبل تغير وتطور الجيل لكننا لا نتحدث عن الثوابت من عقيدة وقيم.. فالحرب اليوم على الاسرة أصبحت عالمية وعلنية تهدف الى زعزعة امن واستقرار الاسرة التي هي نواة المجتمع وبالتالي هدمها لتهديم المجتمع والسيطرة عليه.

الدكتورعلي شريعتي في كتابه الموسوم (العودة الى الذات) واثناء وجوده في فرنسا لاحظ أن قضية العودة إلى الذات من القضايا الأساسية التي يدور حولها الحوار في ساحة المفكرين تحديدا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بسبب مد الثقافة الغربية على هذه القارات تحديدا ومحاولة الهيمنة عليها بغزو ثقافي ناعم .. وبوصفه مفكرا مسؤولا ينهض بواجبه تجاه المجتمع الإسلامي تطرق اليها في كتابه (العودة الى الذات) ويعني بالذات هو الإسلام الأصيل.. الإسلام الذي يخلو من الخرافات.. اسلام العلم والعمل والقيم والحضارة.. اسلام الإنسانية والتضحية والايثار. اسلام التربية الصحيحة لايصال الانسان والمجتمع الى الكمال وسعادة الدارين.

وجاء الحوار حول هذه القضية في سياق تأكيد الاستقلال الحضاري، ونقد الغرب، ورفض التبعية له، ولإثبات وجود الذات شرطًا لنهضة الأمّة.. ان لم تحقق الامة ذاتها فلن تنهض ونشاهد جليا اليوم ما يحدث في المنطقة من نزاعات وكيف ان هناك (امة تدعي انها عربية وإسلامية) لكن فاقدة للهوية الحقيقية وتابعة للغرب ولا تستطيع حتى تمييز الحق من الباطل فما بالكم بالنهوض والوقوف مع الحق في مواجهة الباطل’. هنا يؤكد علي شريعتي انه ربما تكون هويتنا إسلامية لكن ثقافتنا غربية!

الثورة الصناعية غربية  والتكنولوجية غربية  والاعلام غربي.

المنتجات، حتى الثياب والأزياء واسلوب الحياة والعلاقات.. أصبحت كلها غربية. (صارت أزياءنا فلكلورية. اطباقنا فلكلورية) غزتنا المطاعم الغربية. (احتفالات كرسمس وهالوين وفالنتاين وغيرها) في بلداننا نماذج على ذلك للاسف.لماذا يحتفل بعض المسلمين بالكرسمس ويضعون شجرة وهدايا ويتشبهون بالغرب؟ يظنون او يشعرون بهذا انهم اصبحوا جزءا من الحضارة (البراقة والناجحة بالمنتجات والتكنولوجيا)، واصبحنا كمسلمين نعيش على هامش الحضارة.. كم سمعنا من أبنائنا بل حتى بعض أبناء جيلنا والمحيطين بنا. نستحي من كوننا مسلمين! حتى ان البعض يختار أسماء أبنائه لتتلائم مع الأجواء الغربية!!!! ظنا منهم انهم بهذا بلغوا الثقافة و الرقي!

في ظل هذه االعولمة من الصعب ان نقنع أبنائنا اننا امة إسلامية ذات حضارة وقيم واخلاق  (كيف نثبت هذا والانسان كائن مادي يحتاج الى تجارب ملموسة)، حتى مفهوم مصطلح العولمة (والقرية الصغيرة) حين طرحوه قبل عقود وللأسف تحقق هذا المصطلح.. حذر منه المفكرون الإسلاميون حينها لسبب بسيط هو ان المنتج الغربي متفوق بشكل هائل والحلقة الأضعف في العولمة هو الشعوب العربية والإسلامية! اننا كمسلمين سنضيع في هذه القرية الصغيرة ولن يكون لنا اثر يذكر. ليست عولمة بل هيمنة سياسيا. اقتصاديا. ثقافيا. تكنولوجيا.

الفارق المهم الاخر الذي احدثته ثورة المعلومات والتكنولوجيا بين الزمن الغابر والزمن الحاضر، وهو أن الطفل كان يعيش فترة طويلة من طفولته وشبابه متأثرًا بمعلومات وخبرات كباره، يثق برأيهم ويحترم خبراتهم، وأمّا الآن فقد نجد الطفل الناشئ سرعان ما يشعر بأن رصيد معلوماته يفوق على ما يجده لدى ذويه الكبار في البيت، وهذا الشعور يجعله لا يثق برأي ذويه الكبار ولا يستشيرهم ولا يستمع إليهم، ولا سيما إذا كان ما يرونه يخالف ما ارتأى له، وهو يغفل في غروره عن حقيقة أنّ معرفة الأجهزة والأحداث غير معرفة الحياة والوجود، ويزيد الطين بلّة ما يصيب الناشئين من اغترار بالمادية الحديثة، وحب الاستهلاك، والركض وراء الدعايات، والمنافسة في محقَّرات الأمور، فيأتي الشاب البسيط هنا في الغرب يترك كل هذا البريق والنجاح في مجال التكنولوجيا والتطور والنظام والعمل.. وافتخر انك مسلم وعربي وهو لا يرى سوى الخيبات والجهل والتخلف (طبعا هو يرى ما يريه اعلام العولمة المهيمن) ونعود الى نقطة فهم وادراك الابوين بما يحيط من تحديات وتشخيص العلة لايجاد سبل الوقاية قدر الإمكان. لا يمكنه ان تتفوق على هذا المد بالتالي يشعر الشاب او المراهق بالضعف والتحقير.

الحل عند علي شريعتي

هنا يطرح المفكر علي شريعتي الحل: اذا ما استطعنا ان نقدم الإسلام الأصيل الذي يعتمد على مبدأ العقل والنقل السليم (اسلام مقنع و ليس الإسلام الخرافي) اسلام قادر على الاقناع وإيجاد إجابات الأسئلة الكثيرة وحلول المشكلات التي تولدت ما بين الهوية الإسلامية والهوية الغربية فلن نكون قادرين على المواجهة والحل ويبقى التاثير الغربي هو المهيمن واقوى من التاثير الشرقي او الإسلامي.

حلول أخرى:

– التقارب بين الوالدين وأبنائهم:

–              فهذا إبراهيم يبني بيتَ الله الأولَ ويرفع قواعده، ليس معه أحد يشاركه في هذا المشروع التاريخي العظيم إلا ابنه إسماعيل؛ إنه مشهد رائع جدًّا في تقارب جيلين، جيل الشيوخ وجيل الشباب وتعاضدهما، حيث يشترك الجيلان في تنفيذ مشروع واحد: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[البقرة: 127–129].

وإذا كان المشهد السابق يصور الاشتراك في النشاط الجسدي، فإن مشهدًا آخر يقدم نموذجًا رائعًا في الاشتراك في النشاط العقلي؛ فهذا داود يبحث في قضية خصام ليجد حلًّا يحقق العدل ويُرضي الإله، والذي يرافقه في عملية البحث والنظر هو ابنه سليمان: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[الأنبياء: 78، 79].

وهذا الابن يوسف رأى رؤيا فأسرع إلى أبيه ليكون أبوه أوّلَ من يعلم بخبر ما رآه في حُلمه: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}[يوسف: 4].

والأب الحنون الحكيم يجيد الاستماع لابنه، فاستمع وتضامن وقدّم ما لديه من النصح لتتحقق رؤيا ابنه بسلام؛ فهو قد عرف أنها رؤيا عظيمة، وأن ابنه سوف يبلغ مقام النبوة السامي كما أنه سوف يُجبَى إليه مُلْكٌ عظيم: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[يوسف: 5]

ومن التقارب بين الأجيال أن يقوم الجيل الكبير بتفويض المهمات الكبيرة إلى الجيل الناشئ؛ وهذا ما نراه في قصة موسى، فهذه أم موسى تثق في ابنتها وتفوِّض إليها مهمة خطيرة جدًّا، مهمة ترتجف منها الجبال وترتعد منها الرجال، وكانت عند حُسن ظن أمها بها حيث أنجزت المهمة بكل لباقة ومهارة: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[القصص: 11–13].

–              أهمية وجود قدوة في حياة الشاب

–              و نحن اليوم نعيش ذكرى مولد عقيلة الهاشميين الحوراء زينب عليها السلام

–              قدوة للنساء و الرجال معا

–              (ضرب الله مثلا للذين أمنوا امراة فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة)

فلندرس هذا النموذج ونقتدي به.. لا ان نعيش زمانهم بل ان ننقل نموذج القدوة الى حياننا اليوم.. في كل التفاصيل.. فنتساءل  ماذا لو كانت القدوة بيننا اليوم).

لو كانت زينب هنا كيف سيكون دورها في: البيت والتعامل مع الاهل. الشارع (الحجاب المشي القول والفعل) المدرسة. الجامعة. العمل. حتى تفاصيل الخطوبة الزواج.. ثم الطلاق.. كيف كانت زينب عليها السلام ستتصرف في هذه المواقف ؟؟

حين يرى الشاب او الشابة الاخرين يتشجع لتقليدهم سلبا او إيجابا.. فلان فعل هذا و فلانة قامت بهذا انا أيضا أقوم مثلها ولا احد سينتقد ويعترض و يتفشى المنكر في مجتمعنا تدريجيا فلا يعود احد بمنأى منه. فلنكن نحن قدوة لابنائنا في كل مفاصل الحياة.

فلنغير انفسنا الى الأفضل ونتخلى عن بعض سلبياتنا في سبيل اصلاح أبنائنا و المجتمع .

لملمة الموضوع :

–              نتذكر دائما وصية الله لرسوله: انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر (الغاشية)

–              نتذكر دوما ان بعض الأنبياء ابتلوا بابناء عاشوا فجوة كبيرة بينهم وصولا الى الانحراف وهذا لا يعني فشل النبي او الامام في التربية بل هناك ظروف أخرى جعلت الشاب ينحرف

–              ان لا ننبذ الشاب الذي اختلف معنا فربما احاطتنا به تجعله يعود ادراجه الى الصراط الذي نرجو ان يكون هو الصراط المستقيم

–              ان لا نشعر الابوين انهما فشلا في التربية.. بل هذا ابتلاء يصيب الجميع كي لا يضطروا الى نبذ الابن والتخلي عنه في المهجر

–              القدوة

–              الدعاء

–              ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما

–              و اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

 

ملخص كلمة السيدة لميعة الظاهر

سأتحدث عن بض مشاكل الاسرة وحالات الطلاق.

لقد علماء النفس ان الدين له الاثر الكبير على القضاء على المشاكل ومواجهة عدم الاستقرار وهكذا يجب علينا ان نقضي على المشاكل الاسرية خصوصا في هذا الوقت التي تؤثر على الابناء.

مشكلة الطلاق من اهم المشاكل النفسيرة على الاولاد. كذلك توجد مشاكل اخرى، مثل مشكلة الموبايل بالرغم من عدم الابتعاد عنه. في ايام الزمان كان الهاتف الارضي متواجد في بيت العائلة وعندما يرن الهاتف الجميع يعرف من المتصل. اما الان في كل عضو من اعضاء العائلة عنده موبايل ويجلس في غرفته.

من بعض ماشكل الاسرة هي مشكلة الطلاق ولمن تكون الحضانة. بالنهاية في الاولاد هم الذين الضحية. ما هو مصير الابن؟ الاب يقول لي والام تقول لي والابن يرتجف.

اذا مشكلة الحضانة من المشاكل المهمة في مشاكل الاسرة. هناك مشاكل اخرى حيث ان نسبة الطلاق عالية جدا من كثرتها. هذه المشاكل تؤثر على نفسية الاولاد.

لماذا الطلاق؟ من الاسباب الجوهرية لا يعرف الزوجين حقوقهم وواجباتهم. في الوقت الحاضر يكون التعارف على مواقع التواصل الاجتماعي. يجب ان يكون هناك تعارف وخطوبة ومن ثم الزواج. لا بد من السؤال عن الزوج والزوجة اثناء التعارف ثم الخطبة. مثلا سال احدهم الذي تقدم على الخطبة ماذا تشتغل فقال انه مهندس. وقال لها لا تسألي عني في الشركة ولا تتصلي، ولكن في احد الايام اتصلت به على الشركة وقالوا لها لا يوجد لدينا مهندس بهذا الاسم ولكن هذا الشغل عامل في الشركة.

فترة الخطوبة يجب ان تكون مدة اطول من اجل التعارف. فنحن نحاول ان نحل هذه المشاكل بين الازواج.

ما هي اسباب السعادة وكيف يكون الاولاد في حالة نفسية جيدة؟

السعادة الزوجية ليست لعدم وجود خلافات ولكن كيفية نجاحها. السعادة تمثل تاج على رأس الزوجين. ابتسم لزوجتك. فالكلمة الطيبة تدخل لقلب المرأة.

عليك ان تعجب بفستانها الجديد وتسريحة شعرها. مثل هذا العمل الصغير يبعث الفرح في نفس زوجتك. تعودي ان تضحكي اذا ضحك. احفظي ما يقصه عليك من اسرار.

ابتعدي عن الكذب  امام زوجك. كوني له زوجة واما وصديقة.

حاولي ان تحلين المشاكل في اقرب فرصة. فكل اب وام حتى تصبح الحياة سعيدة، عليهم ان يعيشون بتفاهم امام الاولاد عدم فهم الحياة الزوجية تأثر على الاولاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى