تأملات في خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك

الصوم لترميم الجسد والروح

ندوة مؤسسة الابرار الاسلامية يوم الخميس 7 مارس 2024

العنوان: تأملات في خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك ومفهوم الصوم لترميم الجسد والروح

الضيوف: سماحة الشيخ عبد الحسن مسعود

والدكتور حسن ابراهيم علي

 كلمة سماحة الشيخ عبدالحسن مسعود

كان أئمتنا ينتظرون شهر رمضان بأساليبهم الخاصة. سوف نلقي بعض الضوء على مقاطع من خطبة النبي (ص) لاستقبال شهر رمضان.

جاء في الرواية عن الصدوق بسند معتبر عن الامام علي الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي ان رسول الله (ص) خطبنا ذات يوم وكان آخر جمعة من شهر شعبان وكان لتلك الخطبة اثر عظيم ومرت بها الاجيال. نجد في هذه الخطبة إلمامة من الرسول عن قيمة  الشهر الكريم.

أيها الناس: إنه قد أقبل عليكم شهر هو من افضل الشهور، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله…. عملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مقبول….الشقي من حرم غفران الذبوب في هذا الشهر العظيم…. واذكروا بجوعكم وعطشكم جوع يوم القيامة… وصلوا أرحامكم واحفظوا ألسنتكم وغضوا عما لا يحل النظر اليه أبصاركم..

وتوبوا إليه من ذنوبكم…

اود ان الفت نظركم الى صيغة الخطاب:

إنه قد أقبل إليكم… الخطاب موجه إلى الناس… صوم رمضان مرحلة متقدمة في مراحل النمو الايماني. المؤمن يهتم بشهر رمضان. يفترض ان يكون الخطاب للمؤمنين، لكن هناك تناغم مع القرآن الكريم: ﴿يأ أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام….﴾

هذا التناغم في الخطاب بمحاولة الرسول (ص) ان يشمل كل الناس في هذه الرحمة التي تتجلى فيها المعاني العظيمة لحركة  الانسان نحو الله.

شهر الله اقبل بثلاثة مرتكزات: البركة والرحمة والمغفرة. هذه تغطي معاني الايمان. البركة التي يمن الله بها على عباده في هذا الشهر، في أيامه وساعاته، في كل وحدات الزمن. هناك عطاء. الانسان يجذب للترغيب السوقي، فيذهب وراء العطاءات في السوق. الله يوفر هذه العطاءات في شهر رمضان. الارقام تتصاغر امام الرحمة الالهية الواسعة.

في شهر رمضان الله يوصل الرحمة لعبادة عن طريق انواع العبادة… انفاسكم فيه تسبيح… حتى في ساعات التعذيب في السجون، ينام الانسان برغم التعذيب… نومكم فيه عبادة، كأن الملائكة مشغولة بتسجيل هذه المنح الالهية.

ينبغي علينا ان ننفتح على هذا العطاء، فالله يسخر الملائكة لتسجيل حسابات البشر. الله يعطيهم مسؤولية كتابة أعمالنا. عند الله يتم تسجيل الصغيرة والكبيرة… هناك امتيازات في هذا الشهر يغفلها الانسان وتشغله امور الدنيا… ليس معلوما اذا كان الانسان سيبقى حيا للعام المقبل… انها بشارة من الله، ان الشهر ياتينا بالبركة. هذه البركة من حماقة الانسان أن يتجاهلها او يستغني عنها. كلنا بحاجة للحسنة الواحدة… فنحن مقبلون على آخرة ويوم لا ينفع الانسان فيه مال ولا بنون. ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾.

هناك مشاريع عديدة للخير، البعض يقيم دورات قرآنية، والبعض يتفاعل مع اهله واولاده من اجل الخير.. ﴿ليلة القدر خير من الف شهر﴾.

الله يغدق على عباده.. فهو يحب عباده ويريد لهم الخير.. اولادنا يعصوننا احيانا ثم نصفح عنهم… فما بالك بالله الذي لديه من العطف والحنان يتجاوز اضعاف ما لدى الامهات تجاه اولادهن. البركة لا تتوقف عند الحسابات الدنيوية. حين تتعامل مع الله لا تدع الارقام تقيدك. الناس عند النزول كان رقم الألف هو المعروف.

المسألة الثانية هي الرحمة، وهذه تكشف لنا العطف الالهي. الله يفرح لعباده. حين تقول للطفل ان يأتي، فانك ترتاح له. هذه المعاني لندعها تاخذ قيمتها في نفوسنا وقلوبنا. علينا ان لا نتصور بان الاعمال هي بعدد الركعات والتسبيحات. فاذا تعاملت مع الله بهذا المستوى من التفاعل فانه يخلق لك تقدما في البناء. هذا العطاء والرحمة والمغفرة تؤكد كرم الله وحبه للمؤمنين. الله يسهل لنا عمل الخير.

المسألة الثالثة هي المغفرة. الله غفار. المغفرة توفر لنا حالة توقف وتفكر، ولكن لا بد ان يكون لدى الانسان توجه نحو الله. يخطيء الجميع، ولكن ينبغي ان يجدد الانسان عهده مع الله. لا بد ان يكون لدينا استعداد للتخلي عما يتضارب مع المغفرة. التخلي عن المعصية. يريد الله منك ان تتحرك نحوه. عليك ان تجعل نفسك لوّامة في هذا الشهر بشكل متسارع الخطى. من اللحظة الاولى تتضاعف العطاءات. لا بد للمغفرة لكي تتحقق ان يكون لديك استعداد أولي. يجب ان يبدأ الاستعداد بالنيّة. اذا توجه الانسان لله بهذا المستوى من الايمان. ادعية شهر رمضان تحتوي الكثير من هذه المعاني.

دعاء أبي حمزة الثمالي يدعو ربه ان يقوّيه لاداء العبادة.

شهر هو عند الله افضل الشهور. الله يريد ان لا تفكر في الوحدات الزمنية، ساعة وليلة واسبوع. انطلق انطلاقة بلا تحديد نهاية لها. بعد الوحدات الزمنية ياتي دور الوحدات السلوكية. انفاسكم فيه تسبيح، نومكم فيه عبادة. يجب ان يكون لديك نشاط داخلي لمواجهة السلبيات. يجب ان يكون هناك تطابق بين القول والعمل.

الشهر فرصة لجرد الحساب مع النفس، والا فلن تكون هناك استفادة من المنحة الالهية. لا بد ان اعالج الاستحقاقات المالية والسلوكية والعلاقات خصوصا مع الارحام.

على الانسان ان يبحث عن المحتاج لمساعدته.

الدكتور حسن ابراهيم علي

الصوم كما نفهمه نحن المسلمين

ساتحث عن جوانب أخرى كالحمية والصوم المتقطع. خير من يتحدث عن هذين المجالين أخصّاء التغذية.

قال تعالى: ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على  الذين من قبلكم﴾. كتب اي شرّع. المسلمون ليسوا اول من فرض عليهم  الصيام. فرض على اليهود والنصارى. كثير من الديانات غير الالهية تحتوي على صوم. الفرق اننا في الاسلام نتحدث عن امر واضح.

الصوم المفروض على المسلمين هو صوم شهر رمضان ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن…﴾.

هناك تفصيلات فقهية حول الصوم. لدى الآخرين الصوم ممارسة مطاطية، اما عندنا فالصوم واضح وله احكام مفصلة بشكل دقيق. هناك الصوم المتقطع.

يقول الرسول (ص): صوموا تصحّوا. الصحة هنا معناها الاوسع. حين نتحدث عن الصحة يتبادر لنا الصحة  الجسدية، لكن الصحة الجسدية يجب ان لا تكون الصحة هي الاولى فحسب. تقول منظمة الصحة العالمية: الصحة تشمل الصحة البندية والنفسية والرفاه الاجتماعي. هذا مفهوم واسع. يقول الرسول: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه. حسب الآدمي لقيمان يقمن صلبه، فان غلب الآدمي نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس. الانسان يحتاج الى قلبل من الطعام لتستقيم حياته. اذا كان لا بد ان يأكل فليلتفت لهذه المعادلة. ما يملأ في الواقع هو ثلث المعدة، لان السوائل لا تبقى طويلا في المعدة. كثير من المؤمنين لا يستفيدون كثيرا من الصوم. لكي تستفيد يجب ان لا تتخم نفسك عند الافطار. القيمة الصحية تذهب ولكن تبقى جوانب اخرى ذات فائدة. يفترض ان يقل وزن الشخص مع آخر الشهر، ولكن القلة هي التي تفقد وزنا، بل ان البعض يزداد وزنه.

الفوائد الروحية في هذا الشهر كبيرة جدا وقد تفوق الفوائد الصحية البدنية. خطبة الرسول فيها جوانب كثيرة،والجانب الروحي هو الأهم، وجوانب اجتماعية عندما يتصدق الانسان ويساعد الآخرين خصوصا المحتاجين.

في العالم الإسلامي، حتى الفقراء يشبعون في شهر رمضان، ونتمنى ان تستمر هذه الظاهرة بعد رمضان.

قال رسول الله: من صام صامت جوارحه. قرآت هذه الخطبة عدة مرات هذا الاسبوع. انقل لكم حديثا مع احد الاخوة المؤمنين: قال: في كل سنة يقرآ الخطبة ويكتب عددا من الامور التي سيفعلها هذا العام، ثم يحاسب نفسه. لو سلكنا هذا المسلك سنكون قد استفدنا من الخطبة.

في شهر رمضان اشعر ان الاجواء مختلفة عن باقي الايام واتخيل ان كل الناس صائمون حتى غير المسلمين.

الاتقياء وذوو الورع اقرب الى الجوع من الشبع.

قال الامام علي عليه السلام: النبي (ص) ما شبع قط، وكنت اضع حجر المجاعة على بطنه. انها فرصة للتنبيه والتذكير. الزهاد حالهم كهذا وفي مقدمتهم الامام علي (ع). كان شديدا على نفسه خصوصا عندما تقلد الخلافة.

في الجوانب الأخرى، الحمية والصوم المتقطع. الحمية موضوع جديد – قديم. عندما كنت طالبا في العراق قبل 40 عاما، كان وزني 50 كليوجرام. كانت الممرضات تسعين لفقد الوزن حتى باستخدام العقاقير. الجديد نسبيا هو الصوم المتقطع. هناك مقولة عن الامام علي: المعدة بيت الداء والحمية بيت الدواء. انها مقولة صادقة. ترى انسانا عاميا ولكنه يقول ان مشكلتنا هي معدتنا، بينما بعض المتعلمين لا يلتزمون بذلك. الفكرة من الحمية ان تقلل السعرات الحرارية التي تستهلكها. اذا كنت تحتاج الى 3000 سعرة فاذا اخذت 2500 سعرة ستفقد وزنا. اغلبنا نعيش حياة جامدة ليس فيها حركة، وناكل كثيرا.

هناك عدد من الحميات:

حمية البحر المتوسط

حمية الصوم المتقطع، ولكن ليس فيه امر واضح

ماذا يدل هذا الصوم؟

انه ليس هناك وحدة في الطرح، فكل شخص يفهمه كما يريد. اذا بحثت عن مساويء الصوم، لا تجد شيئا. هناك اجماع ان الصوم مفيد، فاذا بحثت في جوجل عن مضار الصوم لا تحصل شيئا. كل الاديان حتى غير الالهية تتلكم عن الصوم وفوائده. الفرق كبير جدا. اذا بحثت عن الصوم المتقطع ستجد دعايات كثيرة في جوجل. نستخدم الجلوكوز كمصدر اساسي للطاقة. يأتي من العضلات والكبد. نصوم 16 ساعة يهبط الجلووكوز، فيسعى الجسم لتوليد طاقة من غير الجلوكوز، خصوصا الدهون. عند الصوم البدن ياكل من الدهون وبمرور الوقت يقل الوزن. اذا بحثت عن الصوم المتقطع، تجد كثيرا من الفوائد واغلب من بحث فيه من غير المسلمين.

في الطب يقارن الدواء بغيره من الادوية لمعرفة الافضل. الامر الواضح ان الصوم بصورة عامة مفيد لان الناس يأكلون الاطعمة المركبة والمنقّاة، ولها مضار اكثر. عندما تاخذ سكر بشكل مباشر تكون نتيجته فورية، بينما الرز الذي يكون السكر يستغرق وقتا لتكوين السكر.

هناك فوائد اخرى منها ان المناعة تزيد ويقل الضغط ويقل السكر، حين لا تاكل كربوهيدرات تحتاج ان تاكل امورا اخرى كالخضار ولكن فيها سليلوز.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى