احتفال مؤسسة الابرار بمناسبة ذكرى ولادة الزهراء عليها السلام

الزهراء (ع): منزلتها ودورها

كلمة القيت في مؤسسة الابرار الاسلامية بتاريخ 4 يناير 2024.

السيدة ام مفاز راجي

بسم الله الرحمن الرحيم

نبارك لصاحب العصر والزمان ولجميع المؤمنين والمؤمنات ولادة بضعة الرسول (ص) وسيدة نساء العالمين الزهراء البتول عليها السلام.

الحمد لله رب العالمين خالق الخلق أجمعين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه و اله و سلم  ”أيها الناس اعلموا أني فاطمة“.

نداءٌ أطلقتها الزهراء عليها السلام في مسجد الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وفي محضر المهاجرين و الانصار.

معرفتنا بالزهراء عليها السلام وكل ما نذكر من الاسرار والحقائق واللفتات الروحانية العظيمة .. لم تدرك العقول شئ امام هذه العظمة التي تذكر الرواية: ((إن الله خلق فاطمة من نور عظمته تبارك و تعالى)).

فعندما يكون الحديث عن فاطمة الأم المثالية هذا حد علمنا نحن .. أو الحديث عن فاطمة الزوجة المثالية وامرأة نموذجية تحملت وضحت ودافعت عن الرسالة هذا كله في حدود عقولنا البشرية التي تخطأ وتصيب وعلى قدر ودرجة الفهم والاستعياب الذي نحن عليه.

فاطمة انسانة بهيأة الملاك السماوي ((الحوراء الانسية)).. بنت تحمل كل سمات الانوثة والمشاعر الجياشة بالعاطفة مع أبيها وبعلها وبنيها.. انها القدوة في تحمل أعباء الرسالة ولم تترك أباها في ساحة القتال والدعوة الى الله تعالى فهي الحانية العطوفة والبضعة المعصومة تحنو عليه وتضمد جروحه وتدعم رسالته فكان ينطبق عليها وصف أبيها بـ ((أم أبيها)).

وكفى بالله تقديرا بما قاله الرسول: ((أن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك)).

الزهراء بعد رحيل أبيها تقف في مسجد الرسول ( ص) وتخطب بالناس بعد أن اجهشوا القوم بالبكاء وأنّت أنة وقالت: ((أيها الناس أعلموا أني فاطمة))

ما الذي تعنيه هل تريد أن تبين أسمها أمام القوم؟ أم تريد أن تُعرّض بنفسها لأنهم  يجهلون من هي؟

الذي يمكن ان نستخلصه من هذا النص:

١- دلالة مظلوميتها :

(اعلموا أني فاطمة). إني فاطمة التي انفلق نوري من عظمة الله و منه انفلق نور محمد (ص) ونور علي والائمة الأطهار عليهم السلام

إني فاطمة التي قال في حقي ان الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك.

إني فاطمة التي تشملني آية التطهير وأنا جزء  منها، وهكذا كانت تعني الكثير في كلمتها للتعريف في مقامها عند الله ورسوله والناس اجمع فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين. مالذي حدث!!

أنَّها ظُلمت وسُلِبي حقها وحق زوجها أمام مرأى المسلمون ومسمعهم، لم يحركوا ساكنا لنصرة الزهراء أو الوقوف بجنبها على أقل التقادير إلا النفر القليل منهم، وهذا سبب  كاف لتضمين الزهراء (عليه السلام) خطبتها بتعريفٍ لها ولزوجها وبيان علاقتهما بالرسول (صلَّى الله عليه وآله)، ويبدو أن المسلمين تناسوا حتى فضل رسول الله عليهم، فقرعت الزهراء آذانهم بآية قرآنية تُذكرهم بأن الرسول كان يحرص أن لا يصيبكم إلا الخير  والمنفعة، وكان رؤوف بكم ورحيم بأنفسكم، وذلك في قوله تعالى: ﴿قد جاءكم رسول مِنْ أنفُسِكُم عَزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾.

٢- العتاب الشخصي لنسيان الامة لفضل الرسول عليهم ع
وإذا مازجنا بين التعريف الشخصي للزهراء (عليه السلام) لنفسها وزوجها مع دلالة هذه الآية الكريمة؛ فإنَّنا سنجد أنّ الزهراء (عليها السلام) تُعاتب المسلمين على نسيانهم لفضل الرسول صلى الله عليه واله وسلم  بانهم قابلوا ذلك الإحسان بالإساءة عندما تخلَّوا عن ابنته وأخيه وتركوهما عُرضةً للسلطة تستضعفهم وتستولي على حقوقهم، وهنا تظهر الحقيقة من استعمال الزهراء (عليها السلام) للفظة (أبي) في قولها: (اعْلَمُوا أنِّي فاطِمَةُ، وَأبي مُحمَّدٌ)، وكذلك لفظة (الأخ) في قولها: (وَأخا ابْنِ عَمَّي دُونَ رِجالِكُمْ)، مع إصرارها على انها بنت نبيكم  وان زوجها تفرد بالإخوَّة مع الرسول.

وكلُّ ذلك لتقول للمسلمين إنَّكم لم تحفظوا الرسول في أقرب النَّاس إليه (ابنته وأخيه) الوحيدينِ، وإذا لم تحفظوا الرَّسول في ابنته وأخيه فستحفظوه بمن،  وهل تُقابل رحمته وحرصه وتألمه عليكم بترككم ابنته وأخيه أو كان الأجدر بكم مقابلة إحسانه بالإحسان إليهما على اقل تقديرٍ؟ .

وهل الأمة حفظت اجر الرسالة في محبة الزهراء عليها السلام والولاء الخالص للائمة الأطهار؟

هذا ما كانت الزهراء ان تشد عقول الحاضرين لكثير من أمور غابت عنهم حينما غاب جسم الرسول الأكرم عنهم.

٣- مكانة الزهراء بين الرسالة والامامة:

الزهراء عليها السلام هي حلقة وصل بين الرسالة و الإمامة أم الأئمة المعصومين وسيدة نساء العالمين فصارت الوعاء الطاهر للسلالة النبوية الطيبة والكوثر المعطاءة لعترة رسول الله والائمة الميامين

٤- اعلموا اني فاطمة:

مكانة وجودها مع الرسول والتبجيل الخاص لها((فداها ابوها)) و ((فاطمة بضعة مني وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبي)).

انه تعظيم ليس عاطفي او فيه دوافع شخصية ومشاعر انسانية وميول شخصية وانما هو تعزيز الموقف العقائدي الذي جاءت به رسالة السماء وهي السر العظيم المستودع في شخصية ملكوتية في هيئة امرأة انسية تحمل كل صفات النبوة وهي ليست بنبي، وهي تحمل كل مؤهلات الامامة ولكنها ليست اماما وانما هي معصومة من الرجس والدنس ومن الذين اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا 
ومن هنا فإن هذا النداء  بالقول: اعلموا أنَّها فاطمة يدق اسماع جميع المسلمين ان هناك حقيقة مضيعة عظمى  علينا ان نبحث عنها ونستثمر ذكرى ولادتها الميمونة في استنهاض الهمم؛ لتصحيح المسار فلننصر الزهراء وزوجها بالقول والفعل، وان نعمل على أقل تقدير برد الجميل لرسول الانسانية فينا بأن أخرجنا من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان؛ ولا سيَّما وهو المطلب الذي قاله رب العالمين  في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ولا يوجد أقرب من الابنة والأخ.

ولان الزهراء عليها السلام جمعت في شخصيتها كل المعاني السامية ولأنها تمثل النموذج الأكمل بين النساء في روحها وعقلها وسلوكها ونشاطها الاجتماعي والتربوي والديني فهي الشخصية التي تستحق استحقاق سماوي واستحقاق ارضي أن تكون المثل الأعلى وقدوة عظمى بين النساء للاقتداء بها وكيف كانت الزهراء وعاء الرسالة ومنه انبثق نور الرسالة ليهدي به العالمين ومن هنا أراد الإسلام للمرأة أن تكون لها دور في صناعة الإنسان من خلال العاطفة الجياشة التي تصب في مصلحة الدين والإسلام وتصحيح المسار بالمجتمع حينما  يُتعامل معها كاداة للمتعة واللذة وللربح والكسب ولترويج المصالح  كما في الدعاية وغيرها.

اننا امام الدعوات الشرسة والعنوانين البراقة للنيل من إنسانيتها واستهداف الأسرة في المساوات والخضوع إلى تغيير الموديلات والماركات الوهمية والاهتمام بالجمال الخارجي دون الداخل دون مراعاة تربية الأطفال وبناء الأسرة في اجواء المحبة والود والثقافة الدينية.

اللهمَّ اجعلنا من الموالين والناصرين  للزهراء أبيها  وزوجها وذريَّتهما في الدُّنيا والآخرة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لو تسمحوا لي في هذا المجلس المبارك ان أتبرك بقراءة أبيات شعرية كتبت في حق الزهراء البتول عليها السلام.

زهراء والحسنان من حسناتها

وروائع الآيات وحي صفاتها

لولا عليٌّ لم يكن كفؤا لها

بين الرجال سواه من ساداتها

و بقول أحمد إنها الروح التي

ما بين جنبيه يريك سماتها

هي خير نسوان الورى لا كونها

بنت النبي وإنما لتقاتها

لمودة الزهراء فرض واجب

فوق الفروض صيامها وصلاتها

وبآية القربى وليل جامع

للمحكمات الغرّ من آياتها

وبه (قل تعالوا) قل تعالوا واحكموا

من مثل فاطمةٍ وفي درجاتها

ايُّ النساء بها يباله ربّها

أهل الشرايع غير فاطم ذاتها

ذي اية التطهير أجلى شاهد

في انها تمتاز عن جاراتها

فلذلك يُسمع في القيامة هاتف

غضوا إذا مرت على عرصاتها

غضوا فإن على الصراط الأحمد

بنت جنان الله من نفحاتها

فسلام عليك يا مولاتي يا أيتها الحوراء الأنسية يوم ميلادك ويوم تكوني شاهدا والصلاة و السلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى