الدروس الأخلاقية من واقعة الطف

الدكتور بهاء الوكيل

تاريخ 10 يوليو 2024 المصادف اليوم الثالث من شهر محرم الحرام 1446 هجري

أفتتح بهذه الأبيات التي قيلت

ليس الحسين إماما ً!!.. بعضُ الحسين أئمّة

بخلق روح حسين ٍ .. قد أكمل الله حلمه

أود توضيح بعض المقدمات:

اولها ان القيم والمباديء الانسانية هي احكام تنطلق من العقل ويطبقها الانسان في واقعه وتصبح سننا واحكاما سير عليها الناس.

حين يقر العقل هذه القيم فان منشأها الفطرة الالهية.

الإسلام اعتنى بموضوع الحروب وجعل سننا لخوضها.

الاسلام لا يريد الحرب ويدعو الى السلام ولكن حين تفرض الحرب فلا بد من الدفاع.

آيات القرآن الكريم تزخر بموضوع الدفاع عن النفس والمجتمع وتمنع الاعتداء (ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين).

حين تفرض الحرب فعلى الانسان ان يدافع عن نفسه ضمن احكام قبل الحرب واثناءها واخرى للمناطق المدنية.

من بين المباديء قبل الحرب التأكيد على موضوع الصلح والالتزام بالمعاهدات وحث الاطراف على الحوار قبل الدخول في الحرب، والحفاظ على رسل السلام حتى لو كانوا اعداء. بينما نرى ان بعض رسل السلام قتلوا.

اثناء الحرب هناك اخلاق ومباديء مستوحاة من كتب الفقهاء، ومنها الجزء الاول من موسوعة الحسين للشيخ الكرباسي، يدرج هذه الاحكام ومنها: عدم البدء بالقتال. الإسلام لا يبدأ بالقتال. الامام علي في صفين او الجمل لم يبدأ بالقتال.

وكذلك كان الامام الحسين عليه السلام، كان بامكانه قتل كبار الاعداء الذين كانوا في مرمى السهام. احد الانصار طلب منه اذنا ببدء القتال ولكنه رفض.

عدم استخدام النار والسموم في الحرب.

عدم التمثيل والتعذيب.

عدم نقل رأس المقتول من ارض المعركة.

رأس الحسين واصحابه نقلت من دولة الى اخرى، وكان ذلك اول بادرة في التاريخ.

كذلك عدم قتل اللاجيء وقبول الملتجيء وعدم قتل الجريح.

الاسلام يلتزم بهذه المباديء ويدعو للالتزام بها.

عندما سمع الامام علي عليه السلام احد افراد جيشه يسب معاوية، نهره.

اما التعامل مع المدن التي تحدث فيها الحرب فعدم قتل الكبار والمقعدين والاناث والخنثى وذوي العاهات والملتجئين خوفا من الحرب، والمهنيين والحيوانات.

عدم هدم البيوت وعدم حرق الارض او الاشخاص. هذه بعض الامور الفقهية التي يحث الاسلام عليها.

في معركة الطف كيف تصرف الطرفان؟

في صفّين حين جاء الامام علي عليه السلام الى الموقع سبق جيش معاوية اليه، فاستولى على المياه ومنع اصحاب الامام علي عليه السلام منه، فما كان من الامام الا ان ارسل قوة بقيادة مالك الاشتر، فاستولوا على المياه ولكنه لم يمنع الآخرين منها. لو منع الماء لكان النصر حليفه، ولكنه اراد ان ينتصر بالمباديء وليس بالسيف.

في واقعة الطف، عمر بن سعد ومن معه تصرفوا بشكل آخر، فقد حرقوا الخيام ومنعوا الماء.

جيش الحر بن يزيد الذي كان في8 آلاف مقاتل وهو الذي جعجع بالحسين نحو كربلاء، كان بحالة  عطش فما كان من الحسين ألا ان امر “اسقوا القوم ورشفوا الخيل ترشيفا”. أثر ذلك في نفسية الحر فاعتذر وانحاز للحسين عليه السلام.

بدء القتال: كانت فرصة للحسين عليه السلام للانتصار ولكن….

البكاء على الاعداء: كان الحسين عليه السلام يبكي، فسألته زينب: هل على نفسك تبكي؟ قال: لا انما ابكي على هؤلاء يدخلون النار.

قضية توبة الحر: فما فعله الحر بالحسين لم يكن قليلا، ولكن عندما تاب قبل الحسين توبته، وجعل منه مقاتلا في صفوفه بعد ان كان مقاتلا في صفوف اعدائه.

قائد لديه 70 مقاتلا، ويسمح لهم بالخروج للقتال، لكنه كان يطلب من  اصحابه قائلا: اني لا اعلم اصحابا اولى ولا خيرا من اصحابي ولا اهل بيت ابر من اهل بيتي. ألا وإني أظن ان يومي مع الاعداء قريبا، فانطلقوا جميعا في حل وليس عليكم مني ذمام. ان القوم انما يطلبوني فلو اصابوني لم يطلبوا غيري. لكن هذا الطلب قوبل برفض من الاصحاب: انت تقتل ونحن نعيش بعدك؟ قال بعضهم: لو قتلت سبعين مرة لما انصرفت.

قضية اخرى من اخلاق الحسين عليه السلام: النصح للاعداء.

يصعب على الانسان ان ينصح عدوه، فكلما سمحت له الفرصة يقف وينصحهم ويحاول ارشادهم للطريق

﴿وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون﴾.

كان الامام الحسين عليه السلام يخاطب هؤلاء. اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى اعظكم بما حق عليّ، برغم انهم كانوا يحملون السيوف.

“فان قبلتم عذري كنتم بذلك اسعد ولم يكن علي من سبيل

فاجمعوا وامركم وشركاءكم. ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين”.

هذا جزء من اخلاق ابي عبد الله نقولها لنتأسى بها.

 

مجلس حسيني لسماحة الشيخ عبدالله حسين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى