ليلة القدر… في حساب الزمن..ويوم القيامة

الدكتور خالد الشفي

هل الزمن هو حقا البعد الرابع للانسان ام البعد الاول والاخر؟

الزمن هو البعد الاول والاخر للانسان.. وليلة القدر لها الشأن العظيم  في هذا البعد.. وهذا الصدد !… كيف؟

الزمن هو قصة الخليقة لكل شئ (حتى الانسان) ابعاد ثلاث الطول والعرض والسمك ولكن الزمن هو المقياس الذي اراد الله سبحانه ان يقاس به الانسان.. ومدة بقاء الكون.. وان يقيس الانسان به نفسه.. في رحلة الحياة وما بعد الممات.

ان كل مافي الكون متحرك والحركة هي دليل ومقياس لهذا الزمن.. اذ لا زمن من دون حركة ولا قيمة للحركة من دون هدف صالح كان ام طالح. بل ان كل احداث التاريخ كانت بزمن ولا قيمة لمكان الحدث من دون زمن.

ان قيمة الانسان هي بمقدار حركته نحو الهدف اهدنا الصراط المستقيم.. جهد ومثابرته صدق واخلاص.

يبدأ الزمن (الحركة) للانسان منذ الولادة وينتهي بالموت وما بينهما يسمى الحياة او قل مدة (امد) او رحلة الحياة.. هو عمر الانسان.. انه الامد بين الحياة والموت .. بل ان الكون كله متحرك لغاية محددة.. من الأزل الى الابد  وما بينهما هو الامد .

حياة الامم.. حضاراتها في صعودها ونزولها.. علوها وسقوطها (موتها او سباتها) تحدده حركتها وهي مقياس لبقاءها ولازمانها!!

بين الباري في كتابه العزيز نشأت الانسان وبداية الكون:

﴿أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما..﴾ وقال: ﴿اني جاعل في الارض خليفه﴾ .. ﴿وما خلقت الانس والجن الا ليعبدون..﴾.

حركة وهدف… هدف الله من هذه الحركة هو الرحمة..   وتجديد العطاء من خلال العبادة.. وليس اجبار على طقوس او تعبير لنقص او سد حاجة.. سبحانه!

اذاً الدليل على  الزمن او العمر هو الحركة، وحركة الانسان (كما بين الخالق) هدفها العمل الصالح والذي اساسه الاخلاص والايمان.. بعيدا عن العبث والضياع والخسران..

﴿والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾. ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾.

وبين الخالق كيف يحسب الزمن من هذه الحركة. أي كيف تدل الحركة على الزمن ؟

﴿ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم﴾… حركة بهدف ونظام كوني.. كي يعرف الانسان عدد السنين.. مقدار الزمن. لذا يكون السؤال صحيحا عن عمر الانسان، هو كم افنيت من عمرك عدد سنين؟ وافنيتها في ماذا؟ ثم هناك اعلام وانذار  باقتراب الاجل والمسارعة لأخذ النتيجة!!

﴿اقتربت الساعه وانشق القمر﴾.. تأكيد من الباري على ان الوقت (الزمن) محدد للكون كله.

﴿والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم﴾.

وهذه الحركة الكونية تدل على ان كل شئ له زمن محدد (عمر) ينتهي بالتوقف.. بالموت او الفناء.. وفي الموت تتوقف الحركة فلا زمن حينئذ! ﴿قال  كم لبثتم في الارض عدد سنين قالوا لبثنا يوما او بعض يوم﴾.

ثم انذر الباري باغتنام الفرصة.. فرصة العمر:

﴿وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض  اعدت للمتقين﴾.. وهنا تذكير بان السرعة هي مقياس لقطع المسافة بزمن اقصر او قل اختصار الزمن للحصول على خير أكثرفي زمن اقصر.

اذا كيف يتحايل الانسان كي يمد من عمره (زمنه) كي يعمل الكثير وينال الكثير في هذا الامد المحدد.. وهل عمره الا مقرون بالحركة؟ لكنه محدود وملئ بالمصاعب!!.. وقد لا يكفي هذا العمر لنيل الخير كله او تبديل السيئات حسنات… وقد ينقص بسبب المرض او الموت المفاجئ..

هنا تتجلى رحمة البارئ عندما سن مشروع العبادة.. وايام الطاعة.. حركة تدل ليس فقط على الزمن وانما على رحمة تتمدد وتتجد رغم الزمن المحدد.

﴿وما خلقت الانس والجن الا ليعبدون﴾. والعبادة هي الحركة الهادفة في المجتمع والتي تطيل في عمر الانسان اي بعده الزمني ومن ثم تحصيله.. ونيل الجائزة.  ومن هنا جاء مفهوم ليلة القدر.

ليلة القدر  خير من الف شهر. فكل ليلة قدر في كل سنة هي خير من الف شهر.. فكيف يكون عمر الانسان الزمني.. لا شك انه يتخطى مفهوم السنين.. انه القدر قد يتغير.. يتمدد ويتجدد فلا تيHس او تتحير، بل كيف يمتد عمر الانسان(امده) اذا اضاف لها العمل الصالح في كل لحظة من حياته والذي يمد في بعده الزمني من بعد مماته عندما تتوقف الحركه وتتلاشى باقي ابعاده الثلاث !!

أيها الانسان لا تضيع وقتك بالتوافه ومجالس البطالين.. هل تحب ان تكون ذا ابعاد ثلاث فقط..؟ ويضيع منك الزمن الذي هو بعدك الاول والاخر ومن اجله خلقت؟ ﴿اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه..﴾ ﴿ورحمتي وسعت كل شئ..﴾.

وركز القرآن الكريم على كل الاحداث وسماها ايام (معنى زمني).. يوم القيامة.. يوم الحساب، ويوم الحسرة للذين لم يجتهدوا كثيرا في حياتهم.. ووصف حسرة الانسان على ما ضيع : ﴿قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت﴾.. طلبا للاستنئناف وتمديد الزمن ..

وبالقارعة وهو يوم مهول عصيب للعاصين والمتمردين  والحاقة… اسم ليوم الحساب ويوم توزيع الجوائز.. يوم التغابن …

 نعود لليلة القدر، ليلة القدر فيها يفرق كل امر حكيم !ونجد العلاقة  واضحة بين ليلة القدر ويوم القيامة.. انه القدر المقدر في ليلة يحفظ بها الاثر ويطول بها الزمن.. فلا تتأخر ولا تتبطر.. هناك الجائزه لمن صبر.. ودعى ربه.. تضرعا.. استعد واخذ العبر ونفض عن نفسه غبار السفر..

حدث بحدث ويوم (القيامة) يقابله العمر كله وليله القدر  !! فتأمل .

سبحانك يا رحمن يارحيم.. انه عطاءك المستمر دال عليك.. مشيرا الى عزتك حكمتك وعطفك.. رأفتك وحنانك.. ومل اسمائك.. يا حنان يامنان ..

الهي  فاز القائمون وربح الصائمون  ونجى العارفون .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى