تأملات قرآنية “سورة الفاتحة”
كلمة ألقيت في مؤسسة الابرار الاسلامية بتاريخ 14 مارس 2024 الموافق الثالث من شهر رمضان المبارك 1444 هجري.
مقدمة سماحة الشيخ حسن التريكي
من خصائص شهر رمضان انه أنزل فيه القرآن.
إنزال الكتب السماوية له علاقة بشهر رمضان: عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان الى البيت المعمور ثم نزل في 20 سنة، نزلت صحف ابراهيم في اول ليلة من شهر رمضان، وانزلت التوراة لست ليال من شهر رمضان، وانزل الانجيل لثلاث عشرة وانزل الزبور
من الواضح ان هناك ارتباطا بين انزال الكتب السماوية والشهر المكرم، وكان ختام ذلك إنزال القرآن كما ورد في سورة الدخان وكما في سورة القرآن.
لكل شيء ربيع وربيع شهر رمضان القرآن.
تحتفل البشرية عادة بذكرياتهم، مثل يوم الاستقلال، وكذلك يجب الاحتفاء بنزول القرآن.
المسلمون يحاولون العودة الى كتاب الله ولو على مستوى القراءة.
اذا دخل رمضان هرع الكثيرون لقراءة القرآن، وهو عمل طيب لعله يكون مقدمة لعودة الانسان الى الله.
الافضل من تلاوة القرآن تدبر القرآن، يحاول ان يكتشف هذا القرآن وما فيه من معان وإشارات. قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرأن ام على قلوب اقفالها)(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا).
للاضاءة على تدبر القرآن معنا الاستاذ امير البصري مع تأملات قرآنية في “سورة الفاتحة”
بداية لا بد أن نوضح أن المقصود بهذه التأملات في السور القرآنية.. ما تثيره فينا السور المباركة والآيات الكريمة في قرآن الله وكتابه العزيز من معان ودلالات وأفكار في العقل بالإضافة إلى وقعها النفسي والروحي. والقرآن يثير فينا هذا الجانب على مستوى الفهم الشخصي (أفلا يتفكرون.. أفلا تعقلون.. أفلا تبصرون) فهي ليست تفسيرا بل تستفيد من التفاسير في بيان واستجلاء هذه الدلالات والأفكار والإثارات.
ولنشرع بسورة الفاتحة.. فاتحة الكتاب
من عادة الشعوب والأمم والجماعات الإنسانية ذات التوجهات الدينية والقومية والسياسية بشكل خاص.. منذ القدم وحتى اليوم، أن تمارس كل منها طقسا جامعا وحماسيا لإثارة إحساسها بوجودها و وحدتها وتكتلها وسعيها لتحقيق أهدافها، فتعتمد فعالية أو فعاليات معينة لتملأ هذا الفراغ، إن كانت بدائية كدقات الطبول أو الغناء الراقص كما في الشعوب الأفريقية واللاتينية وجنوب شرق آسيا.. أو كما تفعل الشعوب الحديثة بافتتاحياتها بالنشيد الوطنى والموسيقى الخاصة.
ذلك إن الشروع بالشيء المعين ابتداءا به يعني فيما يعنيه أولا اعتماده أساسا ومنطلقا ورمزا جامعا لهذه الجماعة البشرية أو تلك، تسالموا على هذا الاعتبار وأهميته، ومن هنا جاء هذا اليقين لدى المجتمعات الإنسانية في اعتماده.
عندما منن الله على البشرية بالإسلام والقرآن كانت الفاتحة أم الكتاب، فاتحة لحياتهم وفعالياتهم وصار المسلمون يبدأون بها و يتلونها فرضا في صلاتهم و كتقليد واستحباب شرعي في مناسباتهم و أفراحهم وأحزانهم وفي افتتاحية أي عمل يشرعون به.. وحتى أن صارت الآية الأولى منها (بسم الله الرحمن الرحيم) تقليدا للشروع في بداية أي عمل حتى الأكل والشرب.
ولكن شتان بين هذا التقليد الذي ساد في حياة المسلمين وما تثيرة سورة الفاتحة من معان تربوية وفكرية وعقائدية واجتماعية وكونية وإيحاءات دينية مع الخالق سبحانه والحياة والمستقبل والآخرة.. شتان بينه وبين الممارسات البدائية وحتى الحديثة المعاصرة كالنشيد الوطني الذي يثير حماسة ما.. بخلاف ما تثيره الفاتحة من معان ودلالات.. ولعل دلالتها العامة وميزتها الأكبر تكمن في إثارة الوعي البشري لفهم الحياة واستيعاب مسيرة الإنسانية وترسيخ معالمها وأهدافها في طريق الحرية والتحرر من وثنيات الدنيا وعبودياتها إلى عبودية الخالق سبحانه.
وكبيان وتأكيد لمركزية و أهمية هذه السورة سميت بأم الكتاب أو أم القرآن كما ورد فيها عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم). وسميت كذلك بفاتحة الكتاب لأنها أول سورة نزلت كاملة لابتداء القرآن بها. و فرضت كممارسة عملية يومية في الصلاة كما ورد عنه ص (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). فماذا يمكن أن تنطوي عليه هذه السورة من أهمية، احتفى بها النبي ص في وصفها والإشادة بها ؟
ولعل واحدة من أسرارها تسميته صلى الله عليه وآله وسلم لها بالسبع المثاني.. لتدخل عالم الرقم 7 الرقم المعجز ذي السر الكوني.. فالسموات سبع والأرضون سبع وأطياف الضوء سبعة ونغمات الموسيقى سبعة ومدارات الذرة سبعة والطواف والسعي والرمي في مناسك الحج تؤدى كل منها سبع مرات والسجود للمصلي على أطرافه السبعة وخلق الإنسان في سبعة أطوار وأيام الناس والأمم جميعا سبعة أو اسبوع …. إلخ.. فهل يمكن أن نستشف منها تشريفا للمؤمن الذي يقرأها أو يرتلها أنه يتناغم و يتماهى مع خلق الله وقوانينه ؟!
قبل كل شيء لا بد من تأكيد وتكرار الإشارة إلى ملاحظة أن هذه السورة التي يرددها المسلمون في حياتهم ويتلونها فرضا في صلاتهم تمثل الترنيمة الدينية الفكرية الصوتية الأولى للمسلمين الجامعة المانعة في ترسيم وترسيخ الخطوط الأولى والناظم الأول لشخصيتهم وهويتهم مما تثيره وتوحيه من معان وأفكار وتأثيرات..وذلك لأنها بآياتها السبعة تختصر قضية الإيمان والرسالة.
(بسم الله..) نقطة البداية والإنطلاق المركزية للخروج من حالة الشتات والتشتت الداخلي للإنسان وتوزعه في أنانياته وذاتياته وأصنامه إلى مركزية ذات الله وجلاله ورحمته، ليصبح هو المدار والفضاء والمركز الذي إليه تتجه حركة الإنسان التكاملية في الحياة.. ولتسقط جميع تلكم الوثنيات التي تحجم حركة الإنسان وآفاقه، ولتتحدد مسيرة الإنسان إلى الله في كل شيء.
(الرحمن..) ذي الرحمة العامة، الرحمانية، التي أفاض فيها على الكون جميعه في نشأة خلقه وتدبيرهم بقوانينه وغاياته، والإنسان جزء من هذا الكون والمخلوقات، وجد في هذه النشأة الرحمانية وكان المخلوق الأسمى المكرم بينها ، وهذا الإيمان يجعله لا يستشعر الغربة فيه، ويدرك المعنى من وجوده وحياته.. ما دامت كل المخلوقات من حيث النشأة والغاية ذات أصل واحد، محكوم بالربوبية الكونية الرحمانية لله سبحانه .. وما دامت نواميس الخلق والمخلوقات وهو منهم تسير بنظام الله وقوانينه فيتناغم العقل الإنساني معها ويستجلي معانيها ومسيرتها الواحدة.
(الرحمان) هو التعريف و التوصيف الأساسي الأول لاسم الله والذي يرمز ويختصر معنى (الربوبية).. بمعنى الرب المربي ذا الرحمة الكونية والذي لم ولن يشارك الله أحد فيه هذه الصفة فهو اسم خاص به سبحانة بخلاف الرحيم الذي يمكن ان نصف به المخلوق والبشر. (قال من ربكما يا موسى.. قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) (49 _ 50 طه).. فاسم الله الذي نبدأ به ونبتدىء هو الرحمن الرب خالق المخلوقات والكون جميعا.. وهاديها أي من ركب فيها كل نواميس وقوانين نشأتها وحركتها ومسيرتها في الحياة حتى استكمالها الغاية منها..تستوي في ذلك السموات والأرضون وما فيها من جبال وبحار وإنسان وحيوان ونبات… فالإنسانية جميعا أمام هذه الفرضية والسؤال (هل من خالق رب إلا الله؟) هل تستطيع له ردا؟! وهل العلم الإنساني يملك تفسيرا آخر ينكر صنع الخلق والمخلوقات جميعا في نشأتها وحركتها وحياتها وقوانينها وموتها لغير الخالق سبحانه وربوبية الرحمن واجب الوجود الأول الخالق الذي أعطى كل شيء في الوجود خلقه ثم هدى إذ أي فرضية أخرى لا تنهض بالجواب؟!!!
(الرحيم).. إذا كانت الرحمانية تعني الربوبية التي تعم الخلق جميعا في نشأتهم وحياتهم وحركتهم وقوانين هذه الحياة، ويتنعم بها الإنسان كل إنسان فأن الرحيمية خص الله بها عباده المؤمنين (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما)(الأحزاب 43). (وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم)(البقرة 143)، لحاجتهم القصوى إليها في مسيرتهم الإيمانية التصاعدية التكامليه إلى الله تعالى (إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه)(الإنشقاق- 6). فهذه الرحلة في الحياة إلى الله التي يصف حركتها القرآن بالكدح أي السعي والعناء يقتضي اللطف الإلهي بعباده الضعفاء وهم يسعون إليه، أن تشملهم هذه الرحمة والرعاية الخاصة.
(الحمد لله رب العالمين)..
المقتضي أو الاستحقاق والواجب الأول.. بعد وعي الإنسان وإيمانه بالله ومن هو (الرب الخالق الرحمن الرحيم) والذي استدعاه أن يبدأ ويشرع باسمه (بسم الله الرحمن الرحيم)، أن يؤدي:
أولا.. فرض الحمد والشكر على هذه النعمة، نعمة الخلق والوجود والحياة وكل مستلزماتها. قال الإمام الصادق عليه السلام كلمة (الحمد لله) تشمل حمد الله وشكره على كل شيء. ولأن ألف ولام الحمد للجنس وللإستغراق لكل النعم أي تعني (تمام الحمد وكمال الحمد)، وليدرك الإنسان أن الوجود الإنساني بكليته مدين للخالق وأن فرض الشكر عليه يقتضي أن يتعرف على هذا المنعم العظيم وهو (رب العالمين) وليدرك كما أن الله ربه وخالقه فهو رب وخالق العالمين جميعا. فالسموات والأرضون وما فيهن والوجود الكوني جميعا مخلوقاته وفي قبضته ويمينه. وهذا الوعي والإيمان الإنساني بالله (رب العالمين).. يعالج كذلك إشكالية نفسية بالغة الإيقاع من الشعور بالغربة والإغتراب الوجودي والنفسي الذي يتعرض إليه الملحدون، فيما يرى المؤمنون أنفسهم جزءا من مخلوقات رب العالمين وحاكميته. بل تمنحهم أمانا و شعورا أسمى بأنهم جزء من عباد الله في الكون، (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) (الإسراء 44).
(الرحمن الرحيم)
الواجب الثاني.. أن يكرر صفة رب العالمين الخالق التي استفتح بها أنه الرحمن الرحيم ليستحضر مؤكدا صفة الخالق برحمتية العامة والخاصة والذي يحتاجهما في مسيرة الحياة الدنيا وامتحانها.
(مالك يوم الدين)
الواجب الثالث.. أن يستحضر ويقر بالمآل والمصير والعاقبة.. القيامة والحساب والجنة والنار. ليضع الله والآخرة والعدالة في حسبانه للخلاص الأبدي.. يضع دائما هذا الهدف نصب عينية وفي مدار عقله وهو يخوض غمار هذه الحياة.
(إياك نعبد وإياك نستعين)
الواجب الرابع.. خطاب رب العالمين وتخصيصه في إخلاص العبادة له سبحانه من أي شرك في العبودية (إياك نعبد) ومن أي حول وقوة واستعانه بغيره (وإياك نستعين).
(إهدنا الصراط المستقيم… صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
الواجب الخامس.. طلب الهداية لصراط الله المستقيم وهو صراط وطريق من قد أنعم الله عليهم ومن غير المغضوب عليهم ولا من الضالين.
وبذلك نكون في السبع المثاني والقرآن العظيم وأم الكتاب أمام ترنيمة وترتيلة كاملة بدأت بإعلان شعار الإيمان والعقيدة (بسم الله الرحمن الرحيم).. فنكون بذلك قد أعلنا هويتنا وقضية الإيمان الكبرى بهذه البداية والشروع.
لكن ما هي مقتضيات واستحقاقات هذا الإيمان؟ الفاتحة تعلمنا:
أولا.. الحمد والشكر لله رب العالمين الرحمن الرحيم.
ثانيا.. أن نخصه بالعبادة الخالصة من الشرك في العبادة ومن الإستعانة بغير الله (إياك نعبد وإياك نستعين).
ثالثا.. أن نتوجه بدعاء وطلب أساسي في سياق هذا الإيمان وتثبيته واستمراره (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) يكون الضمانة لصحة وسلامة الإيمان الذي أعلناه.
وهذا الأمر الثالث من واجبات الإيمان يثير أكثر من إشكالية وتساؤل.. إذ الأمران الأوليان في الفاتحة بعد إعلان البسملة يختصران قضية العقيدة و الرسالة ومطلوباتها العملية وغاياتها.
الإشكالية الأولى… أن قوله تعالى (إهدنا الصراط المستقيم) تعني أن ثمة صراطات وطرق منحرفة ومدعاة ستحسب على صراط الله ودينه.. وعليه ينبغي الإحتراز منها والتنبه والدعاء وطلب الهداية لعدم الوقوع فيها. وإلا لما قالت الآية (اهدنا الصراط المستقيم).
الإشكالية الثانية… تشير الآية السابعة الأخيرة في تحديد هذا الصراط إذ وصفتهم بثلاث علامان:
1.. صراط الذين أنعمت عليهم
2 .. غير المغضوب عليهم
3 .. و لا الضالين
فمن هم يا ترى؟ ليكونوا هم الصراط المستقيم. هناك تفسيرات وآراء عديدة يمكن أن نستجمعها في إتجاهين ونظريتين:
اتجاه ونظرية فسرت الصراط بالإسلام والقرآن ومتابعة رسول الله.. إلخ وهي تفسيرات لعلماء من أهل السنة. ويلاحظ عليها أنها تفسيرات عامة ولم تقدم حلا للإشكالية لأن ما اعتمدت عليه في تفسيرها للصراط بالإسلام والقرآن وسنة الرسول هي محل ومادة الخلاف التي وقع فيها الخلاف والاختلاف. وبسببها وبسبب قضية الخلافة والحكم السياسية حدثت الإنقسامات وتعددت المذاهب..
والإتجاه والنظرية الأخرى فقد كانت واضحة حاسمة في تشخيص ما هو الصراط المستقيم ومن يمثله. وهي نظرية مذهب أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام (أنت يعسوب المؤمنين وأنت الصراط المستقيم ) يرويها كذلك إبن أبي حاتم في تفسيره وهو أحد الأساطين الثلاثة من علماء التفسير السنة، والآخرين الطبري وابن المنذر.
وعن عبدالله بن عباس إن الصراط المستقيم هو صراط آل محمد. وعن الإمام الصادق عليه السلام (والله نحن الصراط المستقيم).
والدليل الحسي على صدق هذه النظرية:
أولا.. الكثير الكثير من نصوص القرآن والأحاديث الشريفة تتطابق مع هذا الإتجاه.
ثانيا.. سيرة الأمام علي والأئمة من ذريته وتراثهم تؤكد ذلك، ولما لم يسجل أي أحد عليهم مثلبة ما.
وبالمطلق حاشاهم أن يوصفوا بالمغضوب عليهم والضالين.
ثالثا.. هم دون سواهم من أمة المسلمين ممن أنعم الله عليهم بطيب الولادة والهداية وجليل الصفات والأخلاق وأعظمها وحباهم نور العلم وجعلهم عدل القرآن وأوصى رسوله بالتمسك بهما وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض وأن مهدي هذه الأمة منهم..إلخ
إذن هم المقصودون.. صراط الذين أنعم الله عليهم.
عن الإمام الصادق عليه السلام مخاطبا شيعته (إنما يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد..).
وفي حوار للإمام الصادق عليه السلام مع أبي حنيفة في جزئه الأخير.. قال عليه السلام: وقد بلغني أنك تفسر آية في كتاب الله وهي (ولتسئلن يومئذ عن النعيم) (التكاثر 8) أنه الطعام الطيب والماء البارد في اليوم الصائف.
قال أبو حنيفة: نعم.
قال عليه السلام: دعاك رجل فأطعمك طعاما طيبا وأسقاك ماء باردا ثم امتن عليك به ما كنت تنسبه إليه؟
قال أبو حنيفة: إلى البخل.
قال عليه السلام: أفيبخل الله تعالى؟
قال أبو حنيفة: فما هو ؟ يقصد النعيم الذي يسأل عنه العباد يوم القيامة.
قال عليه السلام: حبنا أهل البيت.
ومراد ومقصود وحاصل حب أهل البيت عليهم السلام الإهتداء بصراطهم المستقيم.
أستدراك ضروري
لا بد أن نسجل استدراكا ضروريا في سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام وفي سيرة الحكم عند الإمام علي عليه السلام.. أن تعاملهم مع قضية الإمامة والخلافة كان يجري وفقا لسياسة الأمر الواقع، لا كما أرادت النظرية القرآنية والسنة النبوية الشريفة، وكلمة الإمام حاسمة وواضحة في ذلك “لقد علمتم أني أحق بها من غيري، والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة، إلتماسا لأجر ذلك وفضله وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه”.
وقولة الإمام “والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين” تؤكد بل تشرع قانونا في نظام الأولويات في أحوال المسلمين السياسية وقواعد الحكم الإسلامي، وتقدم سلامة أمرهم العام ووحدتهم وعدم تشتتهم على الحق العام الثابت بالقرآن والسنة. وغالبا ما كان الواقع السياسي هو من يفرض معادلاته على حياة المسلمين وحكمهم.