ندوة الدين والسياسة والدبلوماسية

الإعلامي نجاح محمد علي

التاريخ الخميس 23 مايو

﴿من المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا﴾

﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما﴾.

أعزيكم وأعزي المراجع العظام برحيل هذه الكوكبة وبوفاة سماحة الشيخ علي الكوراني الذي توفي في اليوم نفسه.

عاصرت الشيخ الكوراني وكان أستاذي، وقد كتب الكثير حول الامام المهدي ودور الايرانيين في عصر الظهور، واليمانيين أيضا. اول كتاب كان اسمه: الممهدون يتحدث عن خصوصيات الشعب الايراني تحديدا.

رأينا كيف ان الايرانيين يمهدون لعصر الظهور. الامر الذي يجعلنا نتيقن، بعيدا عن موضوع العلامات. نتحدث عن شعب ايراني فريد من نوعه يهييء الوضع لظهور الحجة بن الحسن عليه السلام.

كنت في طهران قبل أيام بعد سنوات طويلة من الهجرة القسرية. استضفت من جهة الرئاسة الايرانية وشهدت ماذا يعمل الرئيس الشهيد وتحدثنا حول عدد من القضايا. وقد اصيبت رجلي من سيارة التشريفات وأقعدتني أسبوعين.

ذهبت لزيارة إمام زادة صالح في طهران. أحد الموظفين رحب بي. خطر في ذهني ان يدعو لي. قلت للموظف، أرجو ان تدعو لي دائما، فقال: جعلك الله شهيدا.

ما رأيته في ايران خصوصا بعد الحادثة هو تفاعل شعبي مع الحكومة.

استطيع ان اقول ان ايران من جيد الى أجود في أوضاعها.

فهي تعاني من حظر اقتصادي، عداء عربي إقليمي، كل ذلك يحصل، فهو شعب يمهد لظهور الامام المهدي.

اتابع القنوات الفارسية وأرى الناس، بغض النظر عن الاعداد والطبقات الاجتماعية المختلفة حتى من غير المحجبات كانوا يقولون: لم ننتخب الرئيس ولكننا نادمون.

اطلقوا عليهم “شهداء الخدمة” وكان مشروعهم تقديم الخدمات للناس. هذه السفرة هي الأخيرة في حياته. بدأ ذلك بزيارة الى اقليم خوزستان حيث الاغلبية العربية. كان ذلك خلال أزمة السيدة اميني. بعض الجماعات الانفصالية هددوا المحلات التجارية التي زارها وكانت تلك الزيارة تكشف عن شجاعة وحنكة.

شاهدتم الملايين من المشيعين التي بدأت من تبريز مرورا بقم ثم طهران ومنها الى خراسان. كان امرا محيّرا.

نعرف الشعب الايراني، وقد عاصرته منذ بداية العمليات الارهابية مثل تفجير مقر الحزب الجمهوري واستشهاد 73 على رأسهم محمد حسين بهشتي، وبعد شهرين استشهد الرئيس ورئيس الوزراء، ثم الحرب العراقية – الإيرانية، حتى في زمن إقالة ابي الحسن بني صدر حيث قام مجاهدو خلق لزعزعة الامن ومرت الامور بسلاسة. خلال فترة الحرب التي شنها صدام كنت هناك أيضا حيث واجهت ايران عدة أزمات منها خوزستان، كردستان، طبس، أزمة الرهائن الأمريكيين.

الشعب الايراني معطاء، ولّاد. عندما استشهد بهشتي وكنت في طهران، ثم ذهبنا الى جامعة طهران. القى هاشمي رفسنجاني خطابا جميلا وهدّأ الجموع وقال: اعزاؤنا انتقلوا من اليد السفلى الى يد الله العليا. ينتقلون من هذه الدنيا الفانية الى جنة الله، مقام الرضا.

بعيدا عن الموضوع الشخصي، عاصرت كل هؤلاء الرؤساء من بني صدر الى الشهيد رجائي حتى جاء الرئيس خامنئي، ثم رفسنجاني، ثم خاتمي، ثم أحمدي نجاد ثم روحاني. الرئيس الثامن يتم تمثيل رئيسه في يوم ولادة الامام الرضا، ويستشهد يوم ولادة ثامن الائمة، ويسمى “خادم الرضا”.

الرئاسة في ايران منصب كبير وهو الموقع الثاني وهي تنفذ برامج سياسية. هناك تفاوت في شخصية الرئيس. عندما يعرض برنامجه الانتخابي وتسمح له لجنة صيانة الدستور

يصبح منفذا للدستور. صعوبة العمل الرئاسي والتنفيذي في هذا العالم المليء بالمتنافضات وهو نظام القطب الواحد.

المادة 154 تلزم الحكومة بدعم المستضعفين في العالم.

ايران تلتزم بدعم المستضعفين والمحرومين والمظلومين

لكنها تلتزم بعدم التدخل في شؤون الدول الاخرى، وكذلك في شؤون المجموعات المذكورة.

ايران تدعم القضية الفلسطينية ولكنها لا تتدخل في شؤون حماس وغيرها. وسائ الاعلام المعادية لا تصدق ذلك. ايران بلد دستوري، لا تتدخل ولكنها تدعم، حتى السيد رئيسي رحمه الله قدمه الاعلام الغربي والمعادي انه اشد المتطرفين والمتشددين. وسائل الاعلام اوجدت هذه التسميات. كان هناك الاصلاحيون والمحافظون. كان هناك ايضا الخط الاول والثاني والثالث. صنفوا ابراهيم رئيسي ومجموعته انهم من المتشددين وصنفوا روحاني وجماعته بالاصلاحيين. كل حكومة تعمل وفق المادة 154. صنّف حسن روحاني الذي كان ينتهج سياسة التوجه نحو الغرب بانه إصلاحي. كان يعتقد ان حل الخلاف مع امريكا والغرب خصوصا في مسألة البرنامج النووي. يمكن ان يمهد لحل المشاكل في الداخل خصوصا الاقتصاد. نجح في توقيع الاتفاق النووي ولكن ضمن شروط ناقصة من ضمنها عدم مصادقة الكونجرس، ثم رفض توقيعه ترامب.

النقطة الاخرى من الاتفاق ما يسمى بالاصبع على الزناد. الترويكا الاوروبية بامكانها اعادة العقوبات الدولية عندما تعتقد ان ايران لم تلتزم بتعهداتها. فشل الاتفاق النووي وحدث ما حدث، وانتهى باغتيال بعض الشخصيات المهمة. السيد رئيسي كان يقول ان توجههم نحو الشرق.

هناك محاولات من روسيا لاضعاف القطبية الواحدة. عمل بذكاء وحنكة مع الشهيد عبد اللهيان، لايجاد علاقات مع الجيران. في عهده جاءه السعوديون. السعودية هي التي قطعت العلاقات مع ايران وهي التي جاءت لاعادة الاتفاق برعاية صينية. الدول العربية جاءت الى ايران، وذهبت الى سوريا. ايران انتصرت عسكريا في سوريا في عهد رئيسي

وانتصرت سياسيا في الإقليم. حتى امريكا حاولت من خلال عمان وقطر لاجراء حوارات مع ايران انتهت للافراج عن بعض السجناء. وصلت الاموال الى قطر ولكن الامريكيين اوقفوها. امريكا تحتاج لموقف من ايران قبيل الانتخابات الامريكية. الرئيس الشهيد وطاقمه اظهروا قدرة فائقة على المزج ما بين الالتزام بالمباديء واظهار المرونة واظهار ان ايران بلد الحوار والمنطق. كان يفترض ان يزور رئيسي العراق الاسبوع المقبل ويلتقي مع الطوائف الأخرى.

عندما رفع الرئيس الشهيد نسخة من القرآن الكريم في الامم المتحدة كان يعد لمؤتمر يعقد في طهران قريبا اسمه “مؤتمر العلوم في القرآن”. كانوا مستعدين ان يشجعوا اي عالم او مفكر في هذه المجالات وان يدعموه. استشهد الرئيس رئيسي، اعتقد جازما انه استشهد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى