المرجعية الدينية وقضايا الامة الاسلامية

موقف المرجعية الإسلامية من قضايا الأمة الكبرى

 

ندوة مؤسسة الابرار الاسلامية في يوم الخميس  30 نوفمبر 2023

الضيوف: سماحة الشيخ حسين شحادة وسماحة السيد علي الصالح

مقدمة سماحة الشيخ حسن التريكي:

هناك مواقف داعمة وأخرى سلبية. كان موقف الامام علي عليه السلام برغم هضم حقه وظلمه، عندما رأى ان هناك خطرا يهدد بيضة الاسلام نزل الى الميدان: حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه.

في دعاء الثغور، يقول الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام. 

وهكذا ائمتنا ومراجعنا الذين دعموا قضايا المظلومين خصوصا الشعب الفلسطيني. رأينا مواقف بدءا من الشيخ كاشف الغطاء.

لدينا الشيخ حسين شحادة والسيد علي الصالح:

 

الشيخ حسين شحادة 

﴿يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره﴾

ما زلنا تحت ظلال الايام الفاطمية. السؤال الفاطمي: كيف ينزل الضوء على أمة لم يزل رأسها عالقا في الجهل والتعصب والضلال؟ وكيف تستوفي هذه الامة شروط القوة ويداها كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.

ومن اين تاتي البصيرة الى امة لم تنتبه بعد الى النقطة الفاصلة بين الحق والباطل وبين الظالم والمظلوم وبين الخير والشر، بين ائمة الهدى وائمة الضلال.

كمدخل لمقاربة عنوان هذه الندوة، اسمحوا لي أن ألفت نظر المصطلحات الدينية لا يقتصر على مراجع الاجتهاد والتقليد بل يتسع ليشمل قادة الفكر والاصلاح والتجديد.

كذلك اسمحوا لي ان الفت النظر الى ان القضايا الكبرى ترتبط بقضايانا الكبرى بدءا بهزيمتنا الحضارية والخلل الذي اصاب وحدتنا، مرورا بالاحتلال الرابض فوق صدورنا، وصولا الى استلاب هوية وما آل اليه واقعنا البائس من فتن وانقسامات تركت تاثيرها الواضح ليس على المرجعية الدينية الشيعية فحسب بل على المرجعيات الاخرى.

المرجعية الدينية تمأسست فتعاون منها ما ائتلف وتفرق منها ما اختلف.

من مشرق العالم الاسلامي الى مغربه وعلى مدى قرن من الزمان تنوعت ادوار المرجعيات الدينية فشهدنا صفحات مضيئة احدثت تحولات عظمى في تاريخنا الاسلامي الحديث، في العراق، ايران، لبنان، الخليج، مصر، شبه القارة الهندية.

تذكرون ونحن ابناء المرجعية الاسلامية، شخصيتنا تكونت تحت مصابيح وقناديل هذه المرجعية.

تمحورت ادوار المرجعية حول نموذجين يتصلان بما نواجهه من تحديات:

الاول: كان لمواجهة الاحتلال القديم، في القرن الماضي انقسم ظهر الامة الاسلامية بين تيارات ثلاثة: الاول: التبعية والانبهار (تيار التغريب).

الثاني: تيار الانتقاء بين ما هو حضاري وما هو استعماري من الغرب .

 

الثالث: بدأ يتشكل على قاعدة القطع الصارم مع ثقافة الغازة وبدأ تظهر مشاريع المقاومة.

النموذج الثاني: مقاومة الاحتلال الجديد منذ العام 1948 حتى الآن.

وقصم ظهر الامة مرة اخرى مع بروز تيار التسويات المهينة وبروز تيار التطبيع مع العدو الصهيوني، وما بين هذا وذاك تبلور المشروع الرائع، الجميل والامين على نهج منهج اهل البيت عليه السلام. اعنى به مشروع محور المقاومة. ها هنا اود ان الفت الى ان محور المقاومة لم يولد بقرار رسمي، بل نشأ وترعرع في احضان المرجعية الشيعية، فثقافة المقاومة وفكرها جزء من عقيدتنا الايمانية وبالتوليوبا، ولتولي والتبري وهي ركن اساس من ثقافتنا الرسالية من اول آية نزلت على قلب محمد وتضوعت في محراب علي والحسن والحسين، حتى وصلت كربلاء التي فتحت الباب على عصر المقاومة والاستشهاد.

برغم الآلام والحصار وتجويع الشعوب، وقهرها ومصادرة حقوقها في الحرية والكرامة والعدالة الا ان المقاومة بقيت صامدة ومتجدرية في العقيدة والوجدان غير ان تحديات عديدة لم تسلم المقاومة من العراقيل والتحديات.

كان اعظم التحديات تعطيل دور المرجعية المناهضة للانظمة المستبدة. ىبدأ مشروع تكتبك العلاقة بين المرجعية والجماهير مع بداية انتصار الثورة الاسلامية واستمر مع الانتصارات النوعية التي انجزتها المقاومة الاسلامية في لبنان حين خططوا لضرب المرجعية كانوا يعرفون ان مصدر قوة هذه الامة هي هذه المرجعية.

التحدي الثاني: بدأ مع المخططات التي عشناها، تأجيج الفتن بين ابناء الامة الواحدة وقد استنزفتنا هذه الفتن.

التحدي الثالث: تدوير الصراعات السياسية والحزبية بين النخب التي عشنا جانبا من فصولها ورأينا الصراع الدامي بين التيارات الماركسية والاسلامية كل ذلك لتعطيل النهوض العربي والاسلامي.

 

التحدي الاعظم من بين هذه التحديات هو توسيع دوائر الثقوب المجتمعية. هذه الثقوب التي تسللت منها الامية والجهل ومشكلات الاقليات والاكثريات، وتسلل منها ظاهرة تجويف الاسلام من قيمه ومضامينه، الامر الذي ساهم بخطف الدور المركزي للمرجعيات الدينية ىفشارع السلطة له تاثير حتى على مرجعياتنا.

اضيف مشكلة جديدة تتلخص في يومنا حول ترتيب اولويات النهوض والدور المنوط بالمرجعية، صحيح ان التاريخ الشيعي هو تاريخ كان دائما مستهدفا. كنا ضحايا الارهاب منذ القطرة الاولى التي سقطت من رأس الامام علي عليه السلام حتى الآن. نحن ضحايا العنف والتطرف والارهاب. برغم ذلك ولان مفهوم الامامة في عقيدتنا الشيعية تعني شيئا اوسع من مشروع السلطة، كان موقف علي: لأسلمن ما سلمت امور المسلمين. نحن دعاة سلام ورسل للمحبة والقيم.

اختم حديثي بالتوجه نحو غزة وفلسطين: هذا يتصل بسؤال المستقبل: ابدأ من ناحية فقهية: آن الاوان ان نرد الاعتبار للفكر السياسي والاداري، كان ذلك الفكر من احلام شهيدنا السيد محمد باقر الصدر. وقد كتب مقدمة التفسير الموضوعي او فلسفة التاريخ كمقدمة لكتاب “مجتمعنا”، لا يمكن ان يقوى دور المرجعية الا في ضوء تصحيح العلاقة مع الآخر.

كشف لنا اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين ان الشوارع امتلأت بجميع المذاهب والاديان واحرار العالم، كانت الدمعة في الاحداق عندما شاهدنا ان ملياري مسلم لم يستطيعوا ايصال الدواء لغزة. كانت فضيحة بامتياز، وتكشف عن عمق هزيمتنا الحضارية في مقابل الشوارع التي امتلأت من شرق العالم الى غربه تضامنا مع غزة وفلسطين.

دور المرجعية الاسلامية هو الوجه الآخر لدور الشعوب، ما زال في شعوبنا كرامة.

وصيتي ان نجعل هذه التظاهرات العالمية فرصة للتقدير، هل بالامكان ان نؤسس لوبيات اسلامية تمارس الضغط الايجابي من اجل الحفاظ على اعراضنا ونسائنا وعقيدتنا؟  ما الذي يمنع ان يكون لنا لوبي اسلامي في باريس او بروكسيل او واشنطن؟

حين نفكر بعمق بحجم التحديات التي نواجهها، نفكر بحجم ما نملك من قوة. اللوبي الصهيوني ليس اقوى من الآخرين. أهم مشروع يمكن ان يحفظ لنا هوية الشرق الاوسط.

الطموح ان نضيء الهلال الاسلامي الشيعي الذي اطلق للمرة الاولى في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي مشروعا حقيقيا لتحرير فلسطين. اقصد بالهلال الشيعي طهران بغداد دمشق بيروت القدس. نحن اقوياء لكننا على مدى 70 عاما اهدرنا حجما واسعا. حجم الاموال التي انفقناها على السلاح ولم يستخدم في طلقة واحدة. علينا ان نعيد انتقادا ذاتيا. النصر مرهون بلحظة السجود، ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. الوهن الذي اصابنا حتى على مستوى المرجعيات الشيعية.

بالرغم من اهمية الزيارة التي قام بها قداسة الباب الى النجف، ما زلنا نبحث عن دور آخر. صحيح ان مداد العلماء افضل من دماء الشهداء ولكن الصحيح انه عندما يجف مداد العلماء لا يمكن ان يوقظ الامة الا دماء الشهداء.

 

ملخص كلمة السيد علي الصالح

هناك رواية لدى الفريقين ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خاطب امير المؤمنين علي عليه السلام: انت وشيعتك هم الفائزون يوم القيامة. هذه الرواية تركز على مشايعة الامام علي وأحب اهل البيت او زار أحدا من اهل البيت. هذه الروايات تتحدث عن ثواب واجر كبير.

التشيع ليس قضية مذهب بل رسالة قد تجده عند من يصلي كشيعي او لا يصلي كشيعي. نستشهد بزهير بن القين والحر بن يزيد، حتى عندما صلوا كشيعة لم يتوقف التاريخ عند صلاتهم؟  ليس هناك دليل على إسلام وهب، بل انه مسيحي.

التشيع ليس صلاة مسبلة او جمعا في الصلاة. عندما يرفع شعارات اهل البيت الانسانية نصبح شيعة حقا. نحن شيعة بالمذهب وليس بالشعارات.

الامام الخميني رحمه الله حولنا من ان نصلي كشيعة الى ان نرفع شعارات كشيعة.

التشيع الذي يقف كمحور في العالم ليس التشيع الذي يصلي كعلي ويصوم كعلي، بل الذي يتصدى لشعارات علي ايضا. هذه الشعارات هي التي جعلت الشيعة ذوي رسالة. لو عشنا في زمن مالك لكنا مع مالك، لو كنا في زمن الحسين لكنا من انصاره. التشيع المطلوب هو الذي يستبطن موضوع الانتظار. الانتظار افضل اعمال امتي. علينا ان لا ننظر الى السلبيات ولكن ايجابيات الانتظار.

ما حدث في فلسطين قد غير نظرة التاريخ حول الظهور وما قدمت الامة من دماء زكية احدثت بداء وتغيير في المنطقة.

لدينا فرحة كبيرة بنصر الله الذي لم يمر مثله: انتصار الثورة الاسلامية، سقوط صدام، هزيمة اسرائيل

 

 

 

 

 

 

التسجيل الكامل للبرنامج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى