فلسفة الدعاء في مدرسة اهل البيت (ع)

قراءة في الثورة الاسلامية في عامها الخامس والاربعين

ندوة مؤسسة الابرار الاسلامية بتاريخ الخميس 15 فبراير

الضيوف: الدكتور السيد نزار الحيدري

الاخ القاريء والمنشد مهدي سهوان

مقدمة الشيخ التريكي:

﴿ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين﴾

هل من الصدفة ان تترب ولادات هؤلاء ام إشارة لالتزام هؤلاء خصوصا ان هناك اشتراكا في سيرتهم بين الحسين وابي الفضل العباس وزين العابدين، حيث جمعتهم الطف وقضية الإسلام، وجاهد كل منهم بالطريقة التي رآها وفق التكليف الشرعي.

قال الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد من العراق، وهو شاعر مفوّه، ولكن ما أضعفه أنه عاش في زمن الطاغية وقوله بعض القصائد فيه، وهو من فرقة الصابئة وليس من الشيعة:

سلام عليك حبيب النبي ـ ـ وبرعمه طبت من برعم

حملت اعز صفات النبي ـ ـ وفزت بمعياره الاقوم

دلالة انهم خيروك ـ ـ كما خيروه فلم تثلم

بل اخترت موتك صلت الجبين ـ ـ ولم تتلفت ولم تندم

وما دارت الشمس الا وانت ـ ـ للألاءها كالاخ التوأم

كلمة الدكتور السيد نزار الحيدري

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾.

صدق الله العلي العظيم

أود أولاً أن أوجه الشكر الجزيل للإخوة الأفاضل في مؤسسة الأبرار الإسلامية، وأخص بالذكر سماحة العلامة الجليل الشيخ حسن التريكي حفظه الله، على الدعوة الكريمة للتحدث إلى هذه الثلة المؤمنة من الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات .

يطيب لنا أن نشارك المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها في تبادل التبريكات الزاكيات والتهنئات العاطرات بمناسبات الولادات الشعبانية الشريفة للإمام الحسين والعباس والإمام السجاد وعلي الأكبر والقاسم سلام الله عليهم، وخاتمهم الإمام المهدي عجل الله فرجه وسهل مخرجه وجعلنا من أعوانه وأنصاره ، ولو أن حديثي سيقتصر على ذكر ملامح من علوم وفضائل الأمامين الحسين والسجاد عليهما السلام .

ولد الحسين عليه السلام في الثالث من شعبان في السنة الرابعة بعد الهجرة حسب أشهر الروايات واستشهد في العام الحادي والستين بعد الهجرة، وبذلك يكون عمره الشريف سبعاً وخمسين سنة، وقد دامت فترة إمامته حوالي أحد عشر عاماً .

ولا شك بأن استشهاد الإمام يوم عاشوراء قد جسد كل معاني الإباء والفداء وجميع قيم الرجولة والبطولة، فكان بحق مناراً للثوار وشعاراً للأحرار في كل زمان ومكان وقائداً للمجاهدين ورائداً للمكافحين في كل عصر ومصر.

لقد سجل الامام الحسين عليه السلام أروع ملاحم التأريخ وخاض أقدس معارك الإنسانية على مدى العصور والدهور، فهو بحق شخصية عملاقة فذة في عطائه من أجل نصرة الحق ودحر الباطل، وفريدة في بلائه في سبيل إقامة دولة العدل الإلهي على وجه هذه المعمورة.

ومن المعلوم أن الحسين عليه السلام يختص مع بقية أهل البيت عليهم السلام بكونهم القمة السامقة في كل خصال الفضل والجلال والذروة الشاهقة في جميع خلال الكمال والجمال.

كما أن الحسين نزل بحقه مع جده وأبيه وأمه وأخيه عدد من آيات القرءان الكريم كآية التطهير وآية المباهلة وآية المودة وآيات وصف الأبرار في سورة الإنسان أو الدهر (هل أتى).

كما أن النبي صلى الله عليه وآله قد علق على صدر الحسين أرفع الأوسمة، كحديث (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً) وحديث (الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)، فضلاً عن الروايات الواردة بحقه مع أخيه الحسن عليهما السلام كحديث (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) وحديث (الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا) وحديث (الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا)، بالإضافة إلى الروايات الواردة في فضل أهل البيت جميعاً كحديث الثقلين وحديث السفينة وغيرهما.

ومن الصفات البديعة والمزايا الرفيعة التي يتمتع بها الحسين عليه السلام لباقته الخطابية ومهارته الكتابية وبراعته البلاغية.

ومن يتبع خطب وكتب الحسين وخاصةً أقواله الثورية وكلماته الجهادية يكتشف الحكم البليغة التي تسمو بجلال المعنى وتحلو بجمال المبنى.

فكم كان الحسين رائعاً عندما قال (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة)، وكم كان الحسين حكيماً حين قال (الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قلً الديانون)، وكم كان الحسين أبياً عندما قال (هيهات منا الذلة)، وكم كان الحسين ثائراً عندما قال: (لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد)، وكم كان الحسين مجاهداً عندما قال (فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً).

ومما يجدر بالملاحظة والإعتبار، دعاء الحسين عليه السلام في يوم عرفة حيث وقف في سفح جبل عرفات وارتجل هذا الدعاء الجليل الجميل الطويل.

ومما يلفت النظر أن الحسين استخدم في أحد مقاطع هذا الدعاء العديد من المصطلحات العلمية الدقيقة في مجال تركيب جسم الإنسان .

دعونا نستمع إلى هذا المقطع :

(وأنا أشهد يا إلهي بحقيقة إيماني وعقد عزمات يقيني وخالص صريح توحيدي وباطن مكنون ضميري، وعلائق مجاري نور بصري، وأسارير صفحة جبيني، وخرق مسارب نفَسي، وخذاريف مارن عرنيني، ومسارب صماخ سمعي، وما ضمت وأطبقت

وما ضمت وأطبقت عليه شفتاي، وحركات لفظ لساني، ومغرز حنك فمي وفكي، ومنابت أضراسي، ومساغ مطعمي ومشربي، وحمالة أم رأسي، وبلوع فارغ حبائل عنقي، وما اشتمل عليه تامور صدري، وحمائل حبل وتيني، ونياط حجاب قلبي، وأفلاذ حواشي كبدي، وما حوته شراسيف أضلاعي. وحقاق مفاصلي، وقبض عواملي، وأطراف أناملي، ولحمي ودمي وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخي وعروقي وجميع جوارحي، وما انتسج على ذلك أيام رضاعي، وما أقلت الأرض مني، ونومي ويقظتي وسكوني وحركات ركوعي وسجودي ).

ويجدر في هذا المقام محاولة تفسير بعض المصطلحات الواردة في هذا المقطع من دعاء عرفة :

مجاري نور بصري : إن مجاري نور البصر طويلة نسبياً ، حيث أن الضوء يقع على المرئيات فتصل صورتها إلى العين وتمر خلال طبقات العين العديدة من القرنية إلى الشبكية ، ثم إلى العصب البصري الذي يقطع المخ من مقدمته إلى مؤخرته، حيث أن المنطقة البصرية تقع في القسم الخلفي من المخ، حيث تتضح الصورة للناظر.

أسارير صفحة جبيني: الأسارير هي الغضون، والجبين قد يطلق على الجبهة أو على أحد جانبيها .

خرق مسارب نفَسي: الخرق هو المنفذ، ومسارب النفَس هي المجاري التنفسية إبتداءً من الأنف وإنتهاءً بالحويصلات الرئوية التي يحصل فيها تجهيز الدم بالأكسجين.

خذاريف مارن عرنيني: الخذاريف جمع خذروف وهو القطعة من أي شيء، والمارن أرنبة الأنف أو ما لان من طرف الأنف، والعرنين هو الأنف أو ما صلب منه. ولو دققنا في تشريح الأنف لوجدناه يتكون من عدة أجزاء إبتداءً من المنخرين وانتهاءً بالبلعوم الأنفي .

مسارب صماخ سمعي : الصماخ هي القناة السمعية، علماً بأن الأذن تتكون من ثلاثة أقسام :

الأذن الخارجية التي تبدأ بالصوان وتنتهي بالطبلة، ثم الأذن الوسطى وفيها ثلاثة عظام صغيرة أسماؤها المطرقة والسندان والركاب وهي التي تنقل الصوت إلى الأذن الداخلية التي تنقل الصوت إلى العصب السمعي الذي بدوره يوصل  الصوت إلى القسم السمعي في المخ .

الحنك: له معنيان، الأول سقف الفم والثاني الذقن وهو جزء الوجه الذي يقع تحت الفم .

منابت أضراسي: منبت السن في الفك يسمى السنخ.

عدد الأسنان الدائمية إثنتان وثلاثون (ستة عشر في كل فك، ثمانية من كل جانب).

أسماء الأسنان من وسط الفم إلى الشدق (وهو زاوية الفم من باطن الخد) :

الثنايا ثم الرباعيات (وكلاهما تسميان القواطع) ثم الأنياب ثم الضواحك ثم النواجذ ثم الطواحن (علماً بأن النواجذ والطواحن تسميان الأضراس).

ولعل سبب ذكر الإمام للأضراس لأنها أكثر عمقاً وتفرعاً داخل اللثة وأهم دوراً في مضغ الطعام، علماً بأن السن الأخير يسمى بسن العقل لأنه آخر الأسنان ظهوراً.

أم الرأس هي الأغشية التي تحيط بالدماغ وتحافظ عليه، وهي ثلاثة أسماؤها من الداخل إلى الخارج: الأم الحنون والأم العنكبوتية والأم الصلبة.

بلوع فارغ حبائل عنقي :البلوع ربما يعني عضو البلع وهو البلعوم، وتأتي أهمية البلعوم لأنه ممر الغذاء والهواء وفيه آلية خاصة تمنع الطعام والشراب من الذهاب إلى الرغامى أي القصبة الهوائية. أما حبائل العنق فربما يقصد منها ما يسمى بالأوداج الأربعة المذكورة في فقه الذباحة.

تامور صدري: التامور في المعاجم القديمة هو أحد أسماء القلب، ولكن المعاجم الطبية الحديثة اتخذت هذا الإسم للغشاء المغلف للقلب، كما اتخذت اسم الشغاف للغشاء المبطن للقلب، علماً بأنني قد وجدت في أحد المعاجم اسماً آخر لغلاف القلب وهو النِخاب.

حبل الوتين: هو الشريان الأبهر وهو الشريان الرئيس الذي ينقل الدم المحمل بالأكسجين من القلب إلى جميع أجزاء الجسم .

نياط حجاب قلبي: النياط هي الأربطة التي يتعلق بها القلب داخل القفص الصدري.

أفلاذ حواشي كبدي: أفلاذ جمع فلذة وهي القطعة من الشيء.

وما حوته شراسيف أضلاعي: الشراسيف (جمع شرسوف) هي النهايات الغضروفية للأضلاع السفلى السائبة التي تشرف على أعلى البطن، وربما المقصود بما حوته الشراسيف هي الأعضاء الموجودة في القسم العلوي من البطن كالمعدة والكبد والطحال والمعثكلة (بنكرياس).

وحقاق مفاصلي: الحقاق جمع الحُق وهو الحفرة الموجودة في بعض المفاصل كالكتف والورك.

أطراف أناملي: أنامل جمع أنملة وهي السلامية الأخيرة السائبة من الإصبع التي ينمو فيها الظفر، علماً بأن الأنامل هي أهم أجزاء الأصابع فيما يتعلق بالحركة والإحساس، بالإضافة إلى معجزة (البصمة) التي تستخدم كرمز خاص بالأشخاص، حيث وجد الخبراء أن بصمة أنامل أي إنسان لا تشبه بصمة أي إنسان آخر.

نسأل الله عز وجل أن يوفقنا للإقتداء بسيرة إمامنا الحسين عليه السلام ولتطبيق الأهداف التي ثار من أجلها والقيم التي ضحى لتحقيقها والمبادئ التي استشهد في سبيلها.

كما ينبغي أن نتذكر جيداً أننا لكي نكون حقاً من أنصار وشيعة الحسين عليه السلام، يجب علينا أن نصطف في جبهة الحق ضد الباطل، وفي محور الخير ضد الشر وفي جانب المعروف ضد المنكر، ومع المظلوم ضد الظالم .

فسلام على الحسين يوم ولد في أفضل عائلة على الإطلاق ويوم استشهد في كربلاء ويوم يبعث حياً في مقعد صدق عند مليك مقتدر ورضوان من الله أكبر

حديث عن الإمام السجاد عليه السلام

ولد الإمام زين العابدين عليه السلام في المدينة المنورة في الخامس من شعبان في السنة الثامنة والثلاثين للهجرة حسب أشهر الروايات. أمه أمة فارسية اسمها شاه زنان أو شهربانو.

حضر الإمام في واقعة الطف وكان عمره الشريف حينذاك ثلاثاً وعشرين سنة ولكنه لم يشارك في المعارك الحربية بسبب المرض، غير أنه رأى كل المجازر الفضيعة التي وقعت على أبيه وأهل بيته وأصحابه صلوات الله عليهم، ولاقى الأمرين في رحلة السبي من كربلاء إلى الكوفة ثم إلى الشام وبعدها العودة إلى المدينة مروراً بكربلاء.

وقد أبلى الإمام بلاءً حسناً في إيصال صوت النهضة الحسينية وفضح الحكام الطغاة الظالمين، وخاصة في خطبته الثورية البليغة بمحضر الطاغية يزيد.

بعد العودة إلى المدينة المنورة استمر سلام الله عليه في بيان أحقية ومظلومية أهل البيت عليهم السلام.

كما اتجه الإمام إلى الجانبين المعرفي والعاطفي رغم الإضطهاد الفكري والتعتيم الإعلامي الذي كانت تمارسه السلطات الأموية الجائرة، فقد وظف زين العابدين الدعاء لنشر التعاليم السماوية والمفاهيم الإلهية في خضم الأجواء الملوثة بالتقاليد الجاهلية والموبوءة بالممارسات الأموية.

فلو لاحظنا مثلاً دعاء أبي حمزة الثمالي أو زيارة أمين الله أو المناجات الخمس عشرة أو الصلوات الشعبانية أو أدعية أيام الأسبوع أو الصحيفة السجادية التي تلقب بزبور آل محمد والتي تضم أربعة وخمسين دعاءً في المناسبات المختلفة والأغراض المتعددة، لوجدنا أن الإمام عليه السلام قد جمع المعاني السامية والبلاغة العالية لإيصال الأفكار الإسلامية الصحيحة والأخلاق المحمدية الأصيلة.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد حفظ لنا التأريخ أثراً خالداً من تراث أهل البيت عليهم السلام، ألا وهو (رسالة الحقوق) للإمام زين العابدين عليه السلام التي تضم خمسين حقاً.

وقد وضع الإمام لرسالته ديباجة قال فيها :

(إعلم أن لله عز وجل عليك حقوقاً محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها أو حال حلتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آية تصرفت فيها).

ثم يقول عليه السلام (فأكبر حقوق الله تبارك وتعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق.

وتشمل الرسالة حقوق الجوارح كاللسان والسمع والبصر واليد والرجل والبطن والفرج، وحقوق الأفعال كالصلاة والصوم والحج وحقوق العلاقات الإجتماعية كحق السلطان والرعية والأرحام والجار والصاحب والشريك وغيرهم.

ولو قارنا رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام، بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام ١٩٤٨م، لوجدنا الفروق الكثيرة والكبيرة بينهما، فإعلان الأمم المتحدة يخلو من الجانب الروحي، وفي الجانب الإجتماعي فإنه يهمل العائلة أو الأسرة، كما يهمل أيضاً الجانب الأخلاقي في العلاقات الجنسية، وخاصةً بعد التعديلات والملاحق التي أضيفت له مما يؤدي إلى التفسخ العائلي وانتشار الرذائل والفواحش وغيرهما من العلل الإجتماعية .

أذكر لكم حديثين مهمين مرويين عن الإمام السجاد عليه السلام، لهما علاقة مباشرة ببعض الآراء السائدة في مجتمعاتنا المعاصرة :

الحديث الأول: (خلق الله الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيداً قرشياً).

الحديث الثاني: (العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين؛ وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم).

أقرأ عليكم أبياتاً من قصيدة الفرزدق بحق الإمام السجاد عليه السلام، في القصة المعروفة حين حج الطاغية الأموي هشام بن عبد الملك وأراد استلام الحجر الأسود فلم يستطع لشدة الزحام، فجلس يتطلع إلى الحجيج، وصادف أن الإمام السجاد دخل المسجد الحرام واتجه إلى الحجر فانفرج له الناس سماطين واستلم الحجر بسهولة بينما هشام وأصحابه ينظرون، فسأله أحدهم: من هذا؟ فأنكر هشام معرفته، وكان الشاعر الفرزدق حاضراً فارتجل قصيدته الميمية الرائعة، وفيما يلي بعض أبياتها :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا الذي أحمد المختار والده

صلى عليه إلهي ما جرى القلم

لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه

لخرّ يلثم منه ما وطى القدم

هذا علي رسول الله والده

أمست بنور هداه تهتدي الأمم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

وليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من أنكرت والعجم

ينجاب نور الهدى عن نور غرته

كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

ما قال (لا) قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم

قرر الأمويون التخلص من الإمام فدسوا له السم بأمر من طاغية زمانه الوليد بن عبد الملك.

ومما يروى عن هذا الطاغية أنه ذات يوم استفتح بالقرأن فظهرت له الآيه الكريمة (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) فغضب الوليد وسدد سهمه على القرأن ومزقه وهو يقول:

تهددني بجبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ فقل يا رب مزقني الوليد

وهكذا استشهد الإمام السجاد عليه السلام في اليوم الخامس والعشرين من شهر محرم في العام الخامس والتسعين للهجرة حسب أشهر الروايات وكان عمره الشريف سبعة وخمسين عاماً واستمرت فترة إمامته أربعاً وثلاثين سنة.

دفن السجاد في مقبرة البقيع بجوار عمه الإمام الحسن عليه السلام

وهاهم أبناء القوم لم يكتفوا بما فعل أسلافهم الأمويون فاقترفوا جريمة هدم قبور أئمة أهل البيت عليهم السلام في البقيع وذلك بتأريخ الثامن من شوال سنة١٣٤٤ هـ.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا للإقتداء بالإمام في عباداته وابتهالاته وفي مقاومته للظالمين.

فسلام على زين العابدين يوم ولد ويوم وقف في مجلس الطاغية بالشام ناطقاً بالحق ومنكراً للباطل ويوم استشهد ويوم يبعث حياً في مقعد صدق عند مليك مقتدر ورضوان من الله أكبر.

الاخ مهدي سهوان:

قال تعالى: ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركّعا سجّدا يبتغون فضلا ورضوانا﴾

الذين كانوا مع النبي محمد (ص) في المنهج والفكر والحركة، يجب ان يكون من صفاته بالاضافة للإيمان. لا يكفي من المؤمن ان يكون مبتعدا عن الطاغوت ويقول: الحمد لله، هذا إيمان ناقص، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله يجب ان يكون كإبراهيم الخليل ان يحمل فأسا ويكسر الاصنام وان يكون كعلي، يصعد فوق الكعبة ليكسر الاصنام وان يكون كالحسين، يتحرك نحو الفساد وينشر العدل.

اشداء على الكفار تعني ان تكون صلاتي دافعا للتغيير ومحاربة الكفر، وان اكون حاضرا في الميادين واقفا في صراع مع الباطل. هكذا كان الامام الخميني رحمه الله.

فترة من الزمن لم يكن هناك حركات اسلامية بمستوى ما فعله الامام الخميني. كان يجيب على اسئلة السائلين بقوله: الشاه اولا. استطاع ان يسقط الشاه ببعض الصفات التي يحملها في فكره ومنهجه.

استخدم بعض المفردات من القرآن الكريم لينطلق بها الى الحركة التغييرية ﴿يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم﴾. استخدم القدرة الكاملة بنصرته دين الله فحصل نصر الله وكذلك: ﴿إن ينصركم الله فلا غالب لكم﴾.

الانسان حتى لو كان فردا يستطيع ان يحقق النصر اذا تحرك بكل ما يملك في سبيل الله. عن النبي محمد (ص): من خاف الله خاف منه كل شيء. تحقق الخوف الحقيقي في قلبه من الله فخاف منه كل متجبر في الارض.

راينا الحصار الذي فرض على الجمهورية والحرب والضغوط العالمية، لان الامام خاف الله فخاف منه كل شيء.

عن الامام علي الهادي عليه السلام: من اتقى الله يُتقى.

الامام اتقى الله فكان الآخرون يتقون الإمام لانه سيتصارع مع خط ثابت الخطى، ومن أطاع الله يطاع، وقد تمثل الامام بطاعة الله فأطيع من قبل صلحاء الامة. استطاعوا اكتشاف الحق عبر شخصيته.

النقطة الاخرى: الآثار التي نجمت عن الثورة داخلية وخارجية

  • داخلية:
  • انتشار الصلاح والإيمان بعد الفساد المنتشر: كان الفساد منتشرا في ايران قبل الثورة. كان فسادا غريبا. ببركة الثورة انحسر هذا الفساد داخل ايران.
  • الاكتفاء الذاتي عند الجمهورية: كانت تعتمد على الغرب في الامور الطبية والعسكرية. اليوم يذهب الناس اليها. هناك اكتفاء في الجوانب العسكرية والطبية، كل ذلك ببركة الارتباط بالله وحركة اهل البيت. الامام كان يحقق هذا الهدف الكبير الذي اراده الامام الحسين عليه السلام ان يحدث في الامة.
  • مشاركة الشعب في صناعة القرار. هناك ديمقراطية حيث الشعب يشارك في صناعة القرار.

الآثار الخارجية:

قبل الثورة كان عدم الاهتمام بلب الدين وعماده، وهي الصلاة لم يكن موجودا.

كان انتشار المادية واسعا خصوصا في دول الخليج، وكان الاختلاط بين الرجال والنساء منتشرا في المنازل كان البعض يمارس العابا محرمة.

لم يكن هناك اهتمام بالدين والاسلام، الا نادرا ربما لدى علماء الدين.

مع الثورة تغيرت الامور، اكتظت المساجد بالصلاة والدعاء. دعاء كميل لم يكن يقرأ عندنا في البحرين إلا نادرا. دعاء الندبة ودعاء التوسل وحديث الكساء والزيارة الجامعة كل ذلك يقرأ بشكل يومي. هذه ببركات الثورة.

لم تكن هناك بصيرة حقيقية بالطرح السياسي الغربي. اليوم يدرك اولادنا الصغار انهم مستهدفون من اجل افسادهم، لذلك تحركوا للتمهيد لدولة الامام الحجة.

لو اراد الانسان ان يكرّم صاحب هذه الثورة فلن يستطيع. الكل ينظر لك الآخرون بانك قادر على الصمود في المجالات الاقتصادية والثقافية. يحسبون لك الف حساب. اصبح لنا حضور ووجود، في لبنان ومصر واليمن. من يخالف هذا الخط فانه يخالف منهج الامام الحجة عجل الله فرجه.

استطاع الامام الخميني توليد صحوة واسعة على مستويات عدة:

  • الروحي: هناك اناس يعيشون حالة خاصة مع الله.
  • هناك الصحوة الفكرية والثقافية. اصبحنا وأبناؤنا قادرين على ادراك ما يحدث في العالم.
  • وهناك الصحوة السياسية.
  • والصحوة الاقتصادية.
  • والصحوة الاجتماعية.

هنيئا لمن عاش عصر الإمام ومن سار على خطه واستمر خلف الفقهاء. جعلنا الله واياكم اهل هذا الخط والثقافة.

يكفي انه لما اعلن يوم القدس كان يعرف ماذا يعني ذلك في المستقبل. اعلن اسبوع الوحدة الإسلامية لعلمه ماذا سيحقق.

قصيدة للدكتور سعيد الشهابي

مولد الحسين.. حامل راية محمد

mawlid Imam Hussain

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى