عيد ميلاد النبي عيسى عليه السلام: لماذا هذا الاختلاف في تاريخ ميلاده؟
السيد علاء آل عيسى
بسم الله الرحمن الرحيم
عيد ميلاد النبي عيسى عليه السلام: لماذا يُحتفل به في تواريخ مختلفة؟
قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَهُزِّىٓ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَٰقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾
يحتفل العالم في هذه الأيام بذكرى ميلاد السيد المسيح (ع)، ويذكر بعض الباحثين أن المولد لم يكن في هذا التاريخ وإنما كان في تاريخ آخر. حيث يحتفل الكاثوليك بعيد ميلاد المسيح في 25 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، في حين تحتفل معظم الكنائس الأرثوذكسية بالمناسبة ذاتها في 7 يناير/ كانون الثاني، وتحتفل الكنائس الأرمنية به في 6 يناير كانون الثاني.
المسألة لا علاقة لها بتاريخ ميلاد النبي عيسى عليه السلام الفعلي، بل بحسابات فلكية وباختلاف التقاويم التي اعتُمدت لقياس الأشهر والفصول على مر العصور.
الأكيد أن التاريخ الدقيق لميلاد السيد المسيح عليه السلام كما يرد ذكره في الأناجيل، أو في القرآن الكريم، او بطرق اخرى غير معروف، ولا يمكن تأكيده.
والحقيقة أن تاريخ العيد المحتفل به اتُفق عليه على مرّ السنين لأسباب يذكرها بعض المؤرخين إلى التلاقح بين طقوس الجماعات المسيحية الأولى، والعادات الوثنية التي كانت سائدة في مناطق واسعة من الإمبراطورية الرومانية.
وكما هو معروف، لا يرد ذكر تاريخ ميلاد المسيح في أي من الأناجيل الأربعة القانونية المعتمدة من قبل الكنائس اليوم (انجيل متى، مرقس، لوقا ويوحنا). وحسب هذه الاناجيل أن (يسوع) ولد لعائلة فقيرة وكان مجهولاً تماماً قبل بداية رسالته، وبالتالي لم يكن من النبلاء أو الملوك الذين اهتم معاصروهم بتدوين تاريخ ولادتهم أو وفاتهم.
لماذا يٌحتفل بميلاد السيد المسيح عليه السلام في تواريخ مختلفة؟ هنالك عدة اراء
الرأي الاول:
بحسب الصحافي الفرنسي الراحل المختص بالأديان هنري تينك، تتقاطع رواية ميلاد المسيح كما ترد في إنجيل لوقا وفي إنجيل مرقس، مع حدثين تاريخيين معروفين.
يشار في إنجيل لوقا إلى حدث تزامن مع ولادة يسوع اي النبي عيسى عليه السلام “عندما أصدر القيصر أغسطس مرسوماً يقضي بإحصاء سكان الإمبراطورية الرومانية، حين كان كيرينيوس حاكماً لسوريا”، بحسب النص.
يشير إنجيل لوقا إلى أنّ يوسف (خطيب مريم) اصطحبها حبلى من الناصرة إلى بيت لحم، لغرض الاكتتاب في التعداد، فولدت ابنها هناك، وذلك لتأكيد نبوءة ولادة المسيح من نسل داوود.
ولكن المراجع التاريخية تشير إلى أن الإحصاء السكاني تمّ في العام السادس أو السابع للميلاد، وليس في العام صفر.
بموازاة ذلك، يشير إنجيل متى إلى أن هيرودوس ملك اليهوديّة أمر بقتل كل الأطفال بعمر السنتين، بعدما أخبره بعض ملوك المجوس أنّهم شهدوا ولادة “ملك جديد لليهود”، محتسباً الوقت التقديري بين رؤيتهم لذلك الحدث، وإبلاغه به.
لا يعرف المؤرّخون بوجود أي نص يوثق تلك المجزرة، بالرغم من الإشارة في عدد من المراجع إلى دموية حكم هيرودوس.
الرأي الثاني:
بحسب الكاتب والصحافي الفرنسي المختص بالتاريخ لوران تيستو، فإن المسيحيين الأوائل لم يحتفلوا بميلاد المسيح، إذ كانوا يعتبرون الاحتفال بالميلاد تقليداً وثنياً. ولم يُطرح بالنسبة لهم سؤال تاريخ ميلاده، لأن المناسبة الأهم بالنسبة لهم كانت صُلبه، وقيامته.
وفي تحقيق عن المنشأ الوثني لتقليد عيد الميلاد نُشر في مجلة “لو موند دي روليجيون” عام 2019، يقول تيستو إن المسيحية في قرونها الأولى، واجهت منافسة من عبادة أخرى جذبت الكثير من الأتباع، وهي عبادة الإله ميثرا، ذات المنشأ الفارسي.
بحسب الأسطورة، يولد ميثرا في 25 ديسمبر، وكان ابن الشمس، وحين يبلغ سن الرشد، يقتل في عراك مع ثور، ثم يقوم من الموت، ويصعد إلى السماء على عربة من نار.
الرأي الثالث:
في تلك الحقبة أيضاً سادت أيضاً عبادة اله الشمس “سول انفكتوس”، كان سول إنفكتوس لقبا دينيا لثلاثة آلهة مستقلة عن بعضها في الإمبراطورية الرومانية هو ايل جبل وميثراس وسول. وكان للرومان احتفال في 25 ديسمبر اسمه “ميلاد الشمس الذي لا يقهر”.
وكان إله الشمس يكرّم في 25 ديسمبر أيضاً، لتزامن ذلك التاريخ مع موعد الاحتفال بانقلاب الشتاء، أي حين تبلغ ساعات الليل امتدادها الأقصى، وتبدأ بالتراجع، أمام ساعات النهار.
ذلك ما كان يُعدّ ولادة جديدة للشمس في عدد من الثقافات، مع عودة النور للحياة وإضاءة الأرض بالتدريج. وهكذا، بات ميلاد المسيح يتزامن رمزياً مع ولادة النور الذي يضيء درب البشرية.
واعُتمد 25 ديسمبر في مجمع نيقية او مجمع المسكوني عام 325 كعيد للميلاد ونيقية بلدة في آسيا الوسطى والتي تتكون حالياً من أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وطاجكستان وقيرغيزستان). (ولا يعرف بالضبط عدد من حضره من الأساقفة ولكن يُعتقد أن العدد تراوح بين 250 إلى 318 أسقفًا معظمهم من الشرق)، “حيث يكون عيد ميلاد المسيح في أطول ليلة وأقصر نهار (فلكياً).
اعتمد قسطنطين، أول الأباطرة الذين اعتنقوا المسيحية، 25 ديسمبر تاريخاً للاحتفال، وثبته البابا ليبيريوس عام 354.
الرأي الرابع:
قصة الحكماء الثلاثة ومعرفتهم بأنه سوف يولد نبي. كانوا يراقبون السماء فبالمراقبة وجدوا نجمتين تقتربان من بعضهم البعض وهما كوكب زهرة وكوكب المشتري. اقتربت الى اقرب شيء فقالوا انه ولد في هذه الليلة نبي.
الفلكيون كما لديهم حسابات لحركة النجوم لمئات السنين فهم لديهم صورة عن خلفية الكون ولديهم برامج بحيث يستطيع ان ينظر الى خلفية الكون الى قبل 2000 سنة او اكثر ويعرفون كيف كانت مواقع النجوم والكواكب. العلماء وجدوا ان هذين الكوكبين زهرة والمشتري اقتربا واقرب نقطة مع بعضهما هو يوم 17 حزيران. في هذا الوقت تقريبا لا ينضج في النخلة الا الرطب.
وقد ذكرت عدة صحف عالمية خبر ما توصل اليه علماء الفلك.
لا بد من الاشارة الى التقويم الرومي أو (اليولياني (بالإنجليزية: Julian Calendar) هو تقويم فرضه يوليوس قيصر في سنة 46 ق م يحاول التقويم اليولياني محاكاة السنة الشمسية ويتكون من 365,25 يوماً مقسمة على 12 شهراً.
التقويم الرومي او اليولياني او جولين بالانكليزية الذي قدمه يوليوس للعالم في 46 قبل الميلاد. كان هذا تقويمًا قريبًا بشكل ملحوظ من الطول الفعلي للسنة ولكن وجد أنه ترك ما يقرب من يوم واحد في فترة 128 عامًا. لذلك بحلول الوقت الذي كان عام 1582 م ، كان التقويم اليولياني قد انحرف فعليًا بمقدار 10 أيام كاملة عن التاريخ الفعلي. لإصلاح التقويم ، قدم البابا غريغوري الثالث عشر التقويم الغريغوري (جورجين) في عام 1582 والذي تم اعتماده ببطء وتدريجي من قبل الدول الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم. وأصبح الفرق حاليا 13 يومًا.
تبقى الإشارة إلى أن بعض الكنائس ومنها الكنائس الأرمنية تحتفل بعيد الميلاد في 6 يناير كانون الثاني، ليتزامن مع عيد الغطاس، أو ذكرى عمادة المسيح. وفي بعض التقاليد يسمى بعيد الظهور الإلهي.
اما القران الكريم فان الخطاب كان موجها الى مريم بنت عمران حيث قال لها {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً}
الرأي الاول:
تدل هذه الاية الكريمة ان الأمر كان في موسم الرطب، وهو قريب من موسم الصيف.
الرأي الثاني:
أن النخلة كانت يابسةً فاخضَّرت وأورقت وأثمرت رطباً جنيا لساعتها ولا يعرف متى ولد النبي عيسى عليه السلام.
نحن نعظِّم السيد المسيح (ع)، الذي جعله الله آيةً للناس، كما جعل آدم من قبل: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}.
فقد أراد الله سبحانه أن يظهر قدرته، سواء في خلق آدم: أو في الولادة المعجزة لعيسى من أمه الطاهرة مريم بنت عمران التي بشرتها الملائكة بولادته: {إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍۢ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْاخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ). صدق الله العلي العظيم.
نحن لا نريد أن ننحرف عن الخط التوحيدي العقيدي الإسلامي، فنحن نؤمن به رسولاً لله وعبده. فالله أراد للإنسان المسلم أن يؤمن بالله وبرسوله وبالأنبياء كلهم.