السَّتْرُ بينَ الكَمِّ والكَيْفِ
الشيخ زعيم الخيرالله
السَّترُ هو لباس المرأةِ المسلمةِ الذي يشن عليه التغريبيونَ حملةً شديدةً خصوصاً هذهِ الايام مع تزايد ارتداء المسلمات للباس الساتر لاجسادهن.
واخترتُ كلمةَ السَّتر بدلاً من كلمة الحجب؛ لأنَّ لباسَ المرأةِ المسلمةِ لايحجبُها عن ممارسة دورها في الحياة، ولا يعزلها عن ممارسةِ أدوارها الاجتماعيَّةِ. والفقهاء استخدموا عبارة “الستر والساتر” في الصلاة .
أمّا الحجاب الذي يعني الحجب والعزل فقد ورد في نساء النبيِّ صلى الله عليه وآلِهِ وسلم لخصوصية نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم. يقول الله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما﴾.الاحزاب: الاية:( 53 ) .
والستر ظاهرةٌ فطريَّةٌ موجودةٌ في كل المجتمعات على اختلاف ثقافاتها ودياناتها ورؤاها، ولكنَّ الاختلافَ ليس في الظاهرة نفسها بل في المساحات التي يجب ان تستر من الجسم وبالخصوص جسم المرأة. اختلافُنا مع الاخرين هو اختلافٌ في الكم، اي في كمية اجزاء الجسم التي ينبغي سترها. والا فالعريُ مرفوضٌ عند كل البشر باستثناء الشاذين منهم. نجد ذلك حتى في الديانات الاخرى كالراهبات في المسيحية وفي اليهودية وغيرها من الديانات سماويةً كانت أم وضعيَّةً.
هذا في جانب الكم، اذ الاختلاف في كم المساحةِ المستورةِ من الجسمِ. ولكن هناك جانبٌ آخرَ من الستر في التصور الاسلامي هو الستر الباطني… السَّترُ الذي أشرنا اليه هو “الستر الظاهري” ولكن التصور الاسلاميَّ للستر لا يقتصر على الستر الظاهري، بل يشدد -ايضاً- على الستر الباطنيِّ والذي هو “الحياء”، يقولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾. الاعراف: الاية:26
ولباس التقوى لباس باطني يستر باطن الانسان، وهو الحياء، فالمرأةُ المتسترة ظاهرياً ومتهتكة باطنياً، المرأة التي نزعت عنها جلباب الحياء لا قيمة لمظهرها الخارجي، وان كان ذلك مطلوباً دينياً؛ لان السترَ الظاهريَّ يؤدي وظيفةً اجتماعيةً وهي حماية المجتمع اخلاقياً من سعار الغريزة وانفلات الشهوات.. وهذا الكلام الذي نقوله ليس كلاماً طوباوياً وانما هو كلام يشهد عليه الواقع بالارقام الموثقة والمؤكدة، فالستر الظاهريُّ يقوم بدور حماية المجتمع من الاهتزاز الاخلاقي والستر الباطني”الحياء” يقوم باكمال المهمةِ التي تتجاوز حدود الستر كواجب؛ لان الواجب الظاهريَّ قد يتعرض الى الاهتزاز والضغوط ولكن قوّةَ الايمان من الداخل تحميه من الانهيار. الستر الباطني يجعل الشخصيَّةَ متماسكةً وصلبةً في وجه التحديات والظغوط. الستر الظاهري وحده لا يكفي للصمود بوجه التحديات فالبعض من النساء خلعن سترهن الظاهريَّ بسبب الضغوط والسخرية لان تماسكهن الداخليَّ ضعيف لا يقوى على الصمود بوجه المعركة المستمرة على سترِ المرأةِ المسلمة وعفافها.