ذكرى استشهاد زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام
أقامت مؤسسة الأبرار الإسلامية في لندن مساء يوم الخميس المصادف 17/8/2023 أمسية بمناسبة ذكرى شهادة زيد بن علي الشهبد، بمشاركة الأستاذ علي قباني – باحث وكاتب أكاديمي من مصر – حضورياً والأستاذ زيد الوزير – باحث إسلامي من اليمن – عبر الأثير.
كلمة السيد زيد الوزير:
الامام زيد بن علي استمرار لثورة الامام الاكبر الشهيد الاعظم الحسين بن علي، بل لوالده الامام علي الذي ثار على الظلم بالقلم اولا والسيف ثانيا. علي والحسين عليهما السلام كانا يمثلان الحضارة الروحية للاسلام بما فيها من قيم ومثل رائعة لما طغى الامويون على الحكم قضوا على هذه الروح وابقوا على الذرائعية المادية. جاء الحسين ليعيد للروح الاسلامية نبضها، لكنه استشهد في مأساة لم يعرف التاريخ لها مثيلا. ثم جاء زيد بن علي يحمل الرسالة نفسها وهي اعادة الروح الحضارية للاسلام بما يمثله من اخلاق وقيم.
بعد استشهاد الحسين رأى اهل البيت ان يناضلوا عن طريقين: طريق القلم والارشاد والتعليم التي حملها الامام العظيم جعفر الصادق عليه السلام وكان صادقا في قوله وفعله وارسل الدعاة الى كافة المناطق لنقل رسالة الاسلام، واستشهد آخرون من اجل حرية الارادة لان الامويين سعوا للسيطرة على المسلمين مدعين انهم استلموا الحكم بارادة الله وقضوا على الروح الارادية، فثار في وجههم شهداء خيزان الدمشقي والفهري وسعيد بن جبير.
اريد الوقوف عند موضوع مهم وهو ان فريقا من اتباع الامام الصادق وقف ضده وتعرض له فقال لهم: اذهبوا فانتم الرافضة وهم انصار جعفر الصادق، وهذه غلطة كبرى لان الامام الصادق لم يكن ضد الامام زيد ابدا ولم يكن زيد ضد الامام جعفر. الذين طرحوا الاسئلة للنيل من زيد فهم العباسيون الذين كانوا وقتها يخططون لثورتهم ضد الامويين واهل البيت معا. اندسوا مع زيد وطرحوا الاسئلة وقالوا: اذهبوا فانتم الرافضة. هذا رأي طرحته، وان هؤلاء لم يكونوا اتباع الصادق. الرفض مصطلح كان متداولا قبل زيد بن علي. الامام زيد حاول اعادة الروح للنهضية الاسلامية بعيدا عن النفعية
افكار زيد: اولا انه لم يقل ان الامويين لا يصلون او يحجون، بل دعا الى كتاب الله وسنة رسوله، واحياء السنن واماتة البداع، الثورة على الظلمة وجهاد الظالمين والدفاع عن المستضعفين، الغاء التفرقة العنصرية المذهبية، الدعوة الى الكفاءة في العمل، الشورى، ان تتحمل الامة المسؤولية لان الامويين الغوا دور الامة، فلم يعد لها فكر بل اصبحت تابعة لكل متسلط. هذه المباديء التي اطلقها الامام زيد وخرج معه كل الثوار من كل المذهاب حتى الخوارج سواء من ايده بالمال او الرأي او السيف ومنهم ابو حنيفة وفيان الثوري وابن ابي ليلى. قال الامام ابو زهرة: كان الامام موضع رضا كل الطوائف الاسلامية حتى المرجئة والمعتزلة والشيعة.
مثل الامام زيد الروح الحضارية للاسلام وحملها ابناؤه واستشهد منهم 300 شهيد، وفي الوقت نفسه كان الامام الصادق وابناؤه بكتبهم ومدارسهم ينشرون نفس طريقة زيد. الامام زيد وجعفر الصادق اخوان في الفكر لم يختلفا. ليس من اجل تقارب مذهبي، بل من اجل التاريخ. وهكذا تشكل جسر التقت عليه المدارس الاسلامية. الا ان الامويين والعباسيين وبقية الطغاة حاولوا هدم هذا الجسر فاصبح التمذهب عنصرا لتفكيك الامة.
يجب ان نستخدم كلمة المدارس وليس المذاهب. المؤسف ان المذهبية اصبحت نوعا من العنصرية يجب ان نعود ان نسمي المذاهب باسمائها الاصلية “المدارس” باعتبارها تسهل الالتقاء الفكري بين المذهاب ويستيفد كل منها من الاخرى، فليس كل مذهب صوابا مطلقا او خطأ مطلقا. يجب ان نبحث عن المشتركات وما اختلفنا فيه فهو امر طبيعي. كانت هذه الافكار التي مثلت الثورة الزيدية جمعت كل المذاهب من الجعفرية والحنفية ثم تبعتها المالكية والشافعية التي ايدت ثورة النفس الزكية وغيرها. اعادت ثوة زيد الروح الحضارية للاسلام.
استهشد زيد وصلب واحرق ومع ذلك لم تحرق مذاهبه، فحملها الامام يحيح بن زيد ثم اخوه النفس الزكية ثم ابراهيم. رحمهم الله رحمة الابرار. تمكنت الزيدية من اقامة ثلاث دول كانت مضرب المثل في العدل:
- الاولى: طبرستان بقيادة النصار الاطروحي الذي لم يشهد الاسلام حاكما عادلا مثله.
- الثانية: الدولة الادريسية في المغرب، وكان لها جهاد كبير ضد الخوارج وانتهت.
- الثالثة: الهادوية في اليمن، السبب في استمرارها انها ألفت من الكتب ما لم يؤلفه احد مثلهم لكثرتها. وتاسست الدولة على هذا الاساس لانها تولت الجانب العلمي وليس القوة فحسب، فجمعت بين طريقة الامام جعفر ودعوة الامام زيد في محاربة الظلم. احيانا لا يكون هناك دولة زيدية بل سلاطين مثل بني طاهر والعثمانيين ولكن بقي الفكر الهادوي والزيدي هو القائم والمستمر.
هناك اخطاء ارتكبت وتأثرت الزيدية بالفكر السني مثل الامام الشوكاني واوجب طاعة الظلمة وكان اول من بايع ثلاثة ائمة ظلمة وتباهى بانه كان اول من مد يده لمبايعتهم. الشوكاني تأثر بالنظام الاشعري التيار العام بقي ثابتا وهو الخروج على الظلمة ولذلك قتل الكثير من الائمة السادة في اليمن. الفكر الثوري عند الامام زيد بقي مستمرا حتى آخر ثورة في اليمن في العام 1948. اعتقد ان الاساس الحقيقي للثورة على ظلم كان الحسين بن علي عليه السلام. من الغريب جدا ان يموت الثوار بشكل متتابع ولا يتوقفون.
كلمة الدكتور علي قباني:
الزيدية مؤسسها الامام العامل زيد بن علي بن الحسين. ولد الامام زيد عام 80 هجرية واستشهد 122 هجرية. احد نجوم اهل البيت الذين كافحوا الطواغيت من اجل كرامة الانسان. انه امام تقدم في مناخ الاحباط والياس بعد فواجع ثورات الحق التي قام بها ائمة اهل البيت وفي مقدمتها ثورة كربلاء التي تجسدت فيها معاني التضحية والفداء وتجلى فيها التوحيد الخالص لله. سار على نهج جده وتصدى للطاغية الاموي هشام بن عبد الملك واشعل الثورة الخامسة في الاسلام. ثورة زيد ستبقى وجها مضيئا في تاريخ البشرية وفي كل اي بيئة يتسلط فيها طاغية او مستبد. هذا هو الامام الثائر الذي قال عنه احد الائمة: لقد فتح لنا زيد باب الجنة بغير حساب.
ننتقل الى الامام الهادي يحي بن الحسين وهو من ادخل المذهب الزيدي الى اليمن في نهاية القرن الثالث الهجري، واسس دولة له في صعدة. كان عالما فقيها مجتهدا ومع دخل الفكر المعتزلي الذي ارتبط بالزيدية. وتميزت الزيدية بالعقلانية والثورية والخروج على الحاكم الظالم. تولت الزيدية الحكم في شمال اليمن اكثر من 11 قرنا، واسقط الانقلاب عليها في العام 1962. توارد على حكم اليمن حتى العام 1968 68 اماما. ساهم في الحملة على الزيدية كل من السلفية والاخوان المسلمين بسبب انحراف الامام يحيي عن المباديء الزيدية، واعلن مملكة وجد علماء الزيدية ذلك انحرافا فحدثت ثورة بقيادة عبد الله الوزير واقاموا حكما دستوريا لم يستمر طويلا لان قوى الثورة المضادة تحالفت ضدهم وامدت الامام احمد حميد الدين ابن الامام يحيي بالمال ليسقط تلك الدولة، فقتلوا زعماء الثورة وعاد الامام احمد ليحكم، ثم جاء الامام بدر وكان اصلاحيا في البداية ولكن عبد الناصر تدخل ودعم نظام السلالة ليقضي على الحكم الزيدي. حتى الانظمة الرئاسية توارثية. ضعف النفوذ الزيدي وضعفت المدرسة الزيدية.
الحوثيون ثاروا من البداية ضد التدخل الوهابي الذي زرع المدارس الوهابية رفضوها وتحالفوا مع علي عبد الله صالح لمكافحة النفوذ الوهابي الذي بدا يتغلغل في اليمن باموال النفط لكن علي عبد الله صالح غدر بهم ولذلك قتل وبدا الحوثيون في صعدة كفاحهم ضد العدو الخارجي ممثلا بالسعودية. هذا الصراع ما يزال قائما ولكن السعودية لم تستطع فرض نفوذها ولم تهزم الحوثيين لانهم اصحاب البلاد واصحاب الحق وثالثا لان المحتل الخارجي لم ينجح يوما تبثبيت اقدامه في هذه البلاد.
مداخلة: الدكتور محمد حيدر
النفوذ السعودي في اليمن بدأ منذ ان تولى علي عبد الله صالح الحكم. بدات القضية بوجود ظلم شديد للمناطق النائية وتسلط علي عبد الله صالح، وهو الذي ساهم في وجود الوهابية بتحالفه مع القوى الوهابية وكان يتقاضى مبالغ كبرى. الفكر الوهابي لا يمكن ان يتغلغل في صنعاء بدون موافقة الرئيس. المقاومة بدأت في صعدة وهي الافقر من بين المناطق. كان هناك لهفة للثورة الاسلامية في ايران، وتاثر الكثيرون بها، ورأى الكثيرون ان الفكر الجعفري مدخل لذلك. جذور الحركة ليست مذهبية بل هي ثورة اجتماعية.
كان هناك فكرة لتقسيم اليمن قبل هذه الحرب، وكانت هناك حروب متعددة اسماها حروب الوحدة. كان هناك تآلف بين علي عبد الله والسعودية بموافقة الامريكية. عندما ظهرت داعش والقاعدة كان ذلك حجة للتدخل الامريكي. الاصلاح كان اساس الحركة المذهبية. كان هناك غطاء سياسي لهذه الحركة، والنظام هو المسؤول عنها كانت السعودية تروج لتقسيم اليمن. انعكاس ذلك له وقع سيء على الجميع حتى على الشوافع في الجنوب. هذه التقسيمات سيئة جدا، وليس الزيديون هم الذين سيتاثرون بذلك. من بذر هذه البذرة فقد بذر بذرة شريرة. نقطة اخرى، ما منشأ كلمة الرافضة. اتمنى ان يكون هناك بحث في هذه الكلمة لانها كالتكفير. اتمنى ان يركز الباحثون على هذه النقطة.