فلسفة الانتظار وموجبات النهوض

فلسفة الانتظار وموجبات النهوض

الضيف: سماحة الشيخ العلامة حسين احمد شحادة

قصيدة شعرية للشاعر وحيد خيون

اناشيد للمنشد عباس يوسف

التاريخ: 13 فبراير 2025

مقدمة الاخ احمد الحلفي

الامام محمد المهدي عليه السلام، اسمه كإسم النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم.

ألقابه المهدي الموعود وإمام العصر وصاحب الزمان، وبقية الله والحجة والقائم.

الأب: الامام الحسن العسكري عليه السلام.

الام: السيد نرجس.

ولد في 15 شعبان 255 هجري في سامراء. عاش 5 سنوات برعاية والده بصورة مخفية.

تنقسم ادوار حياته الى اربعة ادوار:

الاولى: الطفولة: خمس سنوات تحت رعاية والده. بعد استشهاد والده في 260 فوض مقام الامامة والولاية اليه

الثانية: الغيبة الصغرى من 260 الى 329 هجري.

الثالثة: الغيبة الكبرى من 329 هجري.

الرابعة: ظهوره وتأسيسه الحكومة العالمية.

البشارة النبوية: في أواخر سني حياته حج النبي (ص) ومعه عدد من المسلمين. وفي منى خطب فيهم يدعوهم للمحبة والمساواة والاتحاد وقال: الائمة بعدي اثنا عشر كلهم من قريش. وفي موقف آخر: الائمة بعدي اثنا عشر اولهم علي وآخرهم القائم. وفي موقف ثالث: المهدي منا أهل البيت يملأ الارض قسطا وعدلا. كما بين ان المهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين عليهما السلام. حينما ضرب على منكب الحسين (ع) وقال: من هذا المهدي؟

ولد الامام الحجة من أم رومية تعرف باسم: نرجس. يروى انها كانت بنت ملك من ملوك الروم تنتمي الى شمعون الصفا احد حواريي المسيح عليه السلام. وقعت اسيرة لدى المسلمين في مدينة عمورية انتهت بانتصار المسلمين ووقع عدد من الروم اسرى. كان الاسرى يباع في سوق النخاسة. ارسل الامام علي الهادي عليه السلام احد النخاسين اسمه بشر الى بغداد ليشتري الفتاة الرومية الاسيرة، فحملها النخاس الى سامراء حيث يقيم الامام الذي بشرها بمولودها المبارك. سرت نرجس بهذه البشرى واصبحت قريرة العين، وكانت من الصالحات الناسكات. عندما حملت خفي حملها على الاخريات حتى وضعته.

 

ملخص كلمة العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة

اقترن النصف من شعبان بمولد الامام الحجة عليه السلام.

المسلمون بجميع مذاهبهم ينتظرون عودته المباركة، كما تنتظر الاديان التوحيدية وغيرها هذ اليوم بوصفه يوما للخلاص من العصور المظلمة.

يوم الامام هو يوم من أيام الله وهو يوم أخلاقي بامتياز بملاحظة أنه اذا كانت الفلسفة القديمة قد وضعت باب الاخلاق في مناهجها فان مسألة الانتظار وضعت السؤال الاخلاقي وربطته بجوانبه العقدية في عروة وثقى.

اذا كانت الفلسفة الحديثة تدور مدار العقل في تحليل الظواهر الطبيعية بهدف التوصل الى استناتجات منطقة في تشكيل الاحكام والمعتقدات فان اهم ما يميز فلسفة الانتظار امران: احدهما ان فكرة الخلاص هي فكرة انسانية لا تخص دينا او مذهبا بعينه.

الامر الثاني: ان العناية الروحية والاخلاقية في ادبيات أئمة أهل البيت وضعت العدالة وحقوق الانسان في رأس القيم العليا التي تميزت بها عقيدة المنتمين الى ائمة اهل البيت عليهم السلام.

كذلك فان فلسفة الانتظار هي جزء لا يتجزأ من الفلسفة الاسلامية بوصفها منظومة معرفية تقدم للعالم رؤية الاسلام عن الوجود، لكون الخلق والحياة على قاعدتين: الاولى: الامانة (انا عرضنا الامانة) والثانية: الاستخلاف الالهي للانسان على الارض: (اني جاعل في الارض خليفة).

بهذا المعنى والمقارنة سينفتح مفهوم الانتظار على افق انساني لا تكون فيه فكرة الخلاص طائفية او مذهبية تحتكر الدين او العدل الالهي في حدود انتماءاتها.

ملاحظة في غاية الاهمية ان هذا الانتظار يقودنا الى التفكير بانجاز الشروط الموضوعية لاستقبال الامام المهدي عليه السلام.

ان فلسفة الانتظار جزء لا يتجزأ من الفلسفة الاسلامية، واساسها القرآن الكريم في دعوته المضنية الى وجوب الربط بين عالم الغيب وعالم الشهادة. الامام المنتظر هو غيب من غيب الله وبظهوره المبارك حقيقتان: حقيقة موصولة بعالم الغيب واخرى بعالم الشهادة. والسؤال الموضوعي في ضوء ايماننا بهذا اليوم بكامل رمزياته.

الايمان له مرجعيتان: القرآن الكريم في حديثه عن ادب الانتظار وشروط الخلاص في ضوء الترابط العميق بين فكرة تمامية الدين وتمامية النور حتى تشرق الارض بنور ربها.

المرجعية الثانية هي مرجعية النصوص المباركة التي دونها الثقاة من المحدثين حول الائمة بشكل عام وحول الامام الحجة بشكل خاص. هاتان المرجعيتان تشكلان المصدر المعرفي لارتباطنا بالامام ويومه ورمزيته، وقد احتار العلماء حيرة بالغة في البحث عن حكمة الغيبة.

سئل امامنا الصادق عليه السلام عن الحكمة من غيبة الامام فاجاب: لن ينكشف امر هذه الحكمة إلى أن يظهر.

ما يعنينا من هذا المدخل هو الوقوف على اخطر ما مني به مصطلح الامام المهدي من  استغلال واستثمار سياسي كما جاء في الروايات المختلقة التي اختلقها الامويون والعباسيون في احاديثهم عن الاحاديث المهدوية. هذا الاستثمار السياسي نجدها في قصص مشينة مثل سيرة جعفر بن الامام الهادي، حتى قال عنه ابوه: تجنبوا ابني جعفر فان منزلته مني كمنزلة ابن نوح.

هذا الواقع اخذ الامة في قراءة تاريخها الى مجاهيل وتراث اختلط فيه الغث بالسمين. على ايقاع هذا الاستثمار السياسي في عهد الغيبة الصغرى شهد المسلمون تيارات من المزاعم التي تدعي السفارة ومنهم الحلاج. هذه المزاعم والادعاءات سمحت بنشوء تيارات واتجاهات غريبة عن لب الجوهر الاسلامي.

نشأت مسائل الغلو في الدين وكذلك مذاهب الغلو بالائمة ومذاهب الشعوذة والخرافة ونشأت مذاهب الانطواء والكسل والخمول والاستسلام للامر الواقع حتى لو كان حالكا وانتهت محنة الخراب الى اختزال مكان الامام بجباية المال والفتوى.

هذه الحيرة والمتاهة تقودنا الى سؤال حول مواجهة التحدي

لطالما قلت ان اي تفكير بالنهوض يجب ان نلتمسه من داخل الازمات نفسها. واي تقديم للحلول يجب ان نلتمسه من داخل المشكلات نفسها.

تعلمون ان ازمات العقل العربي والاسلامي مركزة بالعقل وان الازمات كثيرة وان مشكلات متراكمة اخطرها هي الازمات الوجودية

الازمات السياسية

الازمات المتصلة بنهجنا في التفكير

اشعر بألم. فكيف تنهض امة فتحت ذراعيها للغزو الثقافي والحضاري فلم تكتب سطرا عن ثقافة المقاومة.

لم تتفق على شروط نهضتها ولا نجد في اساسيات كتب التربية والتعليم ما يلفن نظر ابنائنا وبناتنا الى شروط النهضة.

كيف تنهض الامة وكثير من حاكميها بيادق لتنفيذ الخطط والمؤامرات، ليس لنهب ثروات الامة، بل لتغيير جغرافيتها الطبيعية والسياسية، وتغيير هويتها من اجل شر يكون فيه الاحتلال هو السيد الوحيد لهذا الشرق الجديد.

كيف تنهض امة نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا واستسلمت للفتن العمياء والسوداء؟ كيف تنهض امرة استشرت فيها الامية؟ اعلى نسبة للامية توجد في امتنا العربية والاسلامية،

فوقعت اسيرة للثنائيات (السلطة والمجتمع، علماني وديني) ثم وقعت اسيرة لتجزئة. كيف تنهض امة انظمتها السياسية بوليسية واحزابها السياسية بوليسية ومذاهبها بوليسية، بينما رجالها مغيبون في اقبية السجون؟. كيف تنهض امة لا تريد ان تفهم ان المرأة شرط نهضتها، وان المرأة اساس في النهوض الممكن؟. كيف تنهض امة روافعها مالت الى هباء  التغريب والانبهار بهذه الحضارة المعدنية وخواطرها مالت الى فتن التاريخ وجهالاته لنطل على مشهد اصبح فيه الاجتهاد والدين تابعين لهوى السلطان. الانحطاط في الدين والفن والادب متواصل.

اصبحنا في واقعنا البائس مرايا لنظام التفاهة بعد ان استسلمنا لمشاريع الحرب الناعمة والفوضى الخلاقة. مليارا مسلم لا يستطيعون عمل شيء. شهدنا الابادة الجماعية في فلسطين. امام هذه التحديات.

كان لا بد من تنوير العقول والقلوب، ليس على طريقة السرد والانشاء ولا على طريقة تمجيد الذات وتقديسها بل على طريق امام جمهورية الانتظار الذي جعل هذا اليوم يوما للمستضعفين والتفكير بموجبات النهوض للتنقل من الانتظار السلبي الى الانتظار الايجابي في حركة ايجابية تؤسس للانتظار وتؤسس للجهاد الثقافي او جهاد التبيين.

لا نستطيع ان نتحدث عن موجبات النهوض بدون ان نفتح بعضا من الجراح. لسنا ضعفاء بل مستعضفون. ما تملكه امة من خيرات لا تملكه امة اخرى، لكن الاحتلال وجد في خاصرتنا اولا ليمنع اي مشروع للنهوض. ثانيا: ليمنع اي مشروع للتضامن والوحدة. ثالثا: ليمنع اي مشروع على مستوى الصياغة الاممية المتصلة بجذورنا الحضارية.

كنا نملك عنصر الهدف من الحضارة لكن لم نملك الادوات

لان الذي زرع في خاصرتنا كان مكلفا ان ينتزع منا الادوات فوقعنا في ملابسات الفتن ما ظهر منها وما بطن والقادم اعظم.

اللهم  اجعلنا هادين مهديين وخذنا الى الصراط المستقيم

ويسألونك عن الامام وهل ترك لنا نهجا للنهوض في غيبته؟ وهل ترك لنا مصابيح وقناديل تفتح لنا افق الوعي الرسالي بمسؤوليتنا الرسالية؟ اقول: نعم، ولنستعد حديث الثقلين: اني تارك لكم الثقلين. سئل الامام جعفر الصادق عليه السلام: أأنت المهدي؟ فاجاب: كلنا مهدويون نهدي الى الصراط المستقيم.

اللهم لنا حق في فلسطين وعلينا مسؤولية كالصلاة والحج، وواجب توحيد الكلمة وحدة تعترف بحقائق التنوع والتعدد داخل الوحدة. لم يعد من الجائز عند الحديث عن الوحدة ان نقصي منها احدا من شركائنا في الوطن.

ابتليت فلسفة الانتظار بذهنيتين

احداهما عقلية الانتقام من الاغيار والمخالفين.

الثانية: عقلية تجاوز الأخوّة والسلام العالمي

والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى