ما أوذي نبي مثل ما أوذيت

برنامج الخميس 29 أغسطس 2024 لمؤسسة الابرار الاسلامية

ما أوذي نبي مثل ما أوذيت

الضيوف: الدكتور هشام الحسني والشيخ علي كربابادي

مقدمة سماحة الشيخ حسن التريكي

﴿الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه﴾

﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾

استذكرنا في 7 صفر ذكرى شهادة الامام الحسن عليه السلام. في السابع عشر وفاة الامام علي الرضا عليه السلام. توجد روايات تذكر ان الشهادتين كانتا في نهاية شهر صفر.

الفاجعة الكبرى التي تحل في 28 صفر ذكرى وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حسب روايات أهل البيت عليهم السلام. كانت خسارة كبرى حلت بالبشرية اذ ارسله الله بشيرا ونذيرا.

عندما انتقل من هذه الحياة فقدت البشرية تلك الرحمة المهداة: “انما انا رحمة مهداة”. كانت خسارة عظيمة للبشرية بشكل عام والمسلمين بشكل خاص واهل البيت بشكل أخص. “اوصيكم في اهل بيتي خيرا”.

عندما راى الحسن والحسين عليهما السلام مع صبية من بني هاشم، اغرورقت عيناه بالدموع، وعندما سئل عن سبب ذلك قال: يتعرض اهل بيتي من بعدي للقتل والتشريد. رثت الزهراء أباها بأبيات. الرواية المشهورة بين الفريقين ان النبي اسر الى الزهراء فبكت ثم أسرها ثانية فضحكت. سألتها عائشة عن ذلك فلم تذكر. في لحظاتها الاخيرة من حياتها قالت انه اخبرها في المرة الأولى بوفاته فبكت، وفي الثانية قال انها اسرع اهل بيته لحوقا به، فبتسمت.

بعد وفاة النبي (ص) رثته بأبيات:

ماذا على من شم تربة أحمد      أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو انها     صبت على الايام صرن لياليا

وقالت

قد كان بعدك أنباء وهنبثة        لو كنت حاضرها لم تكثر الخطب

تجهتمنا رجال واستخف بنا     بعد النبي وكل الخير مغتصب

وكنت بدرا ونورا يستضاء به     عليك تنزل من ذي العزة الكتب

 

نستمع الى محورين:

كلمة بعنوان: ما اوذي نبي مثل ما اوذيت للسيد هشام الحسني

مجلس للشيخ الدكتور علي الكربابادي

ملخص كلمة السيد هشام الحسني

ورد عن النبي (ص) قوله: “ما اوذي نبي مثل ما اوذيت”

نتحدث عن نقاط ثلاث: مصاديق الايذاء، واسباب الايذاء وما العمل لإزالة الايذاء وآثاره؟

المحور الاول:

مصاديق الايذاء: كيف يكون رسول الله (ص) بهذا الأذى ونحن نعلم ان نوحا قضى 950 عاما يدعوهم ليلا ونهارا ولم ينته اذاه، فقد كذبه الاكثرية ثم اصبحوا ساخرين منه.

وماذا عن النبي ابراهيم الخليل عليه السلام ومعاناته مع ابيه آزر، ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾. ﴿قال: اراغب انت عن آلهتي يا ابراهيم﴾.

ابتلي ابراهيم بذبح اسماعيل. موسى ابتلي بفرعون. وماذا عن عيسى وزكريا الذي نشر جسده. وماذا عن يحيي الذي قطع راسه؟ كل ما جرى للانبياء جرى على رسول الله (ص). اضع كل ذلك تحت عنوان: المصاديق المشتركة. وازيد عليها السخرية والتهكم والايذاء البدني، حتى كسرت رباعيته وجرحه في الطائف. ماذا عن ابي لهب وام لهب اللذين آذياه كثيرا. وهنا الايذاء المعنوي المتناسب مع المرسل والرسالة. رسالته هي الرسالة الخاتمة، الاذية التي تصيب رسول الله هي ايذاء بالرسالة العظيمة. ومن مصاديق ذلك التكذيب والاتهامات بانه مجنون. وقيل:

جراحات السنان لها التئام     ولا يلتام ما جرح اللسان

اضافة الى ذلك تعرض الرسول (ص)  الى النبذ والمقاطعة التي شملت كل بني هاشم باستثناء ابي لهب. وهناك تعذيب الاصحاب وقتلهم، قتلت ام عمار وابوعمار (ياسر) وكان لذلك وقع شديد على نفسه. من الممكن ان نتصوره مشتركا مع بقية الانبياء.

هل تعرض رسول الله لايذاء لم يتعرض له الانبياء؟ ساذكر ثمانية انواع:

الاول: التكذيب والتشكيك من قبل مسلمين، او ظاهرهم الاسلام، ومنها حارث الفهري الذي قال للنبي (ص): هل هذا من عندك ام من عند الله؟ هذا العنيد ادار دهره عن رسول الله (ص) وقال: ان كان هذا من عندك فانزل علينا حجارة.

مثال آخر: من استحل الخمر وانكر الحجاب وتهجم على القرآن، انه تشكيك برسالة النبي (ص).

الايذاء الثاني: تأذيه من ذنوبنا لان اعمالنا تعرض على رسول الله فتسوءه اعمالنا :ويكون الرسول عليكم شهيدا. وقال: انا وعلي ابوا هذه الامة.

تخيلوا انكم أب وام لعدد من الاولاد والبنات، ثم يسيئون لكم ما آثر ذلك عليكم؟

الأيذاء الثالث: هجران القرآن: ﴿وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا﴾, وقال: اني تارك فيكم الثقلين. امانة انزلت على رسول الله (ص).

الايذاء الرابع: ايذاء العترة وهي الثقل الثاني، فحين تتنكر الامة للثقل الثاني (ذرية رسول الله والائمة المعصومة). رسول الله وفاطمة مشمول بالقول: ما منا الا مقتول او مسموم.

رسول الله (ص) قال: من آذى عليا فقد آذاني. وقد آذى القوم رسول الله وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام.

الايذاء الخامس: الغدر والجحود. المسلمون لم يقدّروا جهوده او همومه وآلامه. عانى في الغدير لتنصيب الامام علي: نزلت آيتان: ﴿يا ايها الرسول بلغ﴾، و﴿اليوم اكملت لكم دينكم﴾.

المنافقون كانوا موجودين. كان الرسول يحسب حسابات كثيرة لسلامة الرسالة والامة.

وهناك تلكؤهم عن اللحاق بجيش أسامة، امر الجميع ان يلتحقوا به الا عليا. مع ذلك بعض كبار القوم تنكب عن ذلك وبعثوا من يبلغ اسامة ان رسول الله يحتضر. تخيلوا حجم اذى رسول الله.

الأيذاء السادس: النفاق من اخطر الامراض التي تبتلى بها الامم. المجتمع الاسلامي ابتلي بالنفاق بحيث ان القرآن خصص سورة كاملة حوله “المنافقون”. وهناك آيات كثيرة تتحدث عن النفاق والمنافقين. النفاق اضمار شيء واظهار شيء آخر. فهم كالداء في جسد الامة. هؤلاء قد يؤثرون على بعض المؤمنين من شبهات. انهم يطعنون الامة في الظهر، ويتحالفون مع الاعداء بغضا للمؤمنين.

بهذا ي﴾شكلون اكبر خطر في جسم الامة، فهو خطر على نسيجها الاجتماعي وعلى الرسالة والقرآن الكريم.

النفاق له اصناف: النفاق العقدي، النفاق الاجتماعي، النفاق السلوكي (من ثلاث من كن فيه: اذا اؤتمن خان واذا وعد أخلف). سورة المنافقون تعرض عشرين صفة: ﴿اذا جاءك المنافقون قالوا نعلم انك لرسول الله، ذلك بانهم آمنوا ثم كفروا… كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم، سواء عليهم استغفرت لهم ام لم تستغفر لهم… يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخلرجن الاعز منها الاذل﴾.

لسانهم جميل ولكن عملهم ليست كذلك. انه مرض عظيم كان موجودا ايام رسول الله، هذه من انواع الاذية الخاصة برسول الله.

الايذاء السابع: التآمر على الرسالة والقرآن: وهو امر قائم حتى اليوم. تحريف مصاديق بعض الآيات.

سورة النصر: ﴿اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره، انه كان توابا﴾.

هذه السورة كانت آخر ما نزل من القرآن. انها لا تتحدث عن فتح مكة، بل عن فتح مستقبلي لتبشر رسول الله الذي امتلأ همّا. كان هم رسول الله الاكبر هو الرسالة والامة، فجاءت سورة النصر لتبشيره بحتمية دخول افواج من الناس الى الاسلام. سورة النصر نزلت قبل رحيل الرسول بثمانية عشر يوما. لاحظوا ملاحظة عدم تصور المعنى عند البعض.

روى الطبراني ان ابن عباس كان يحضر مجلسا، فسألهم عمر: ماذا تعني لديكم؟ فقالوا: الفتح فتح مكة ونعيت للنبي نفسه. التفت عمر لابن عباس وقال: ما تقول؟ قال ابن عباس: نعيت للنبي نفسه واخبره عن فتح مكة”. انه الفتح الذي سيكون على يدي ابن الامام القائم.

حرق المصاحف بحجة توحيد الصف. الوليد يرمي المصحف ويقول: اتهددنا بجبار عنيد، آخرها ما قام به الاصحاب عندما كان الرسول يحضتر: فقالوا: انه ليهجر، فاخرجهم رسول الله.

الايذاء الثامن: الانقلاب الذي اشار اليه القرآن: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو اقتل انقلبتم على اعقابكم﴾

واضح من تصريحات كبار السلطة الاموية. مثل ابي سفيان: تلقفوها يا بني امية تلقف الصبيان للكرة. قال معاوية: الا دفنا دفنا.

هذه الوان الايذاء الذي تعرض له رسول الله (ص). ترك في امته امانة للمسلمين، فما دمنا نؤمن بالكتاب والرسول فنحن مسؤولون عن ذلك الامر.

اسباب الايذاء: الحقد والحسد. فاطمة بنت الحسين حين خطبت في الكوفة: فانا اهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا.. لحقد متقدم، وحسدتمونا على ما فضلنا الله به.

السبب الثاني: المنازعة في السلطان. اذن المنازعة في السلطان.

السبب الثالث: هيمنة ابليس على الموقف، فما دام موجودا فالتحالف مع الشيطان موجود.

كيف السبيل؟

• اظهار المحبة لرسول الله
• العمل لتوحيد الامة
• الاهتمام بالقرآن
• البراءة من اعداء محمد
• الايمان والعمل الصالح
• الاعداد لظهور المهدي بمواصلة الاستقامة والتطور

 

مجلس وفاة النبي الاكرم (ص)

الشيخ علي الكربابادي

﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما﴾

سبب نزول الآية: تتكلم عن سبب زواج النبي من زينب بنت جحش بعد زواج زيد منها. فقيل ان زيد هو ابن النبي، فكيف يتزوج من طليقة ابنه؟ القرآن والحديث ليس حول الزواج والابناء، لان هناك مجموعة من الاشكالات حول مسألة البنوّة للنبي منها مسألة الزواج وذرية النبي (ص).

الحديث حول فكرة النبي والرسول، كعنوانين حاول بعض القرآنيين من خلال التفريق بينهما ان يحد من العمل بالسنة الشريفة (روايات النبي وروايات اهل البيت).

حين تذكر الآية النبي اسمه تعقب بالصفتين: رسول الله وخاتم النبيين.

ان من كبرى الظلامات ان يظلم الرسول والنبي بأشنع الظلامات، ولكن ان يظلم باسمه

ان يتم استقصاء ذريته وشيعتهم وقتلهم باسمه

ان يتم الصدع بالنبي والعمل بسنته ووصاياه وتعليماته، وهي على غرار التعليمات الالهية.

القرآنيون ومنهم احمد خان في الهند واحمد صبحي منصور في مصر واحمد شحرور في سوريا منعوا من العمل بسنة النبي )ص(.

بعض الاشكالات عند احمد صبحي منصور ان المدرسة السلفية والمدارس السنية في مصر يعتقدون بان كلام النبي وحي، وهو كلام الله.

حينما يتناول احمد صبحي منصور ﴿وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى﴾ يزعم ان علماء الازهر لم يفهوما الآية القرآنية. كان بعض القرآنيين يقول ان مشكلتنا نحن القرآنيين الشيعة هي مع مدرسة النجف الاشرف. يقولون انه لا يوجد سنة غير سنة الله. احدى الاشكالات التفريق بين النبي والرسول. فهم يقولون ان النبي حين يذكر في القرآن فانه شخص محمد بن عبد الله، وانه بهذا المعرض الشخصي معرّض للزجر والتعنيف. نتيجة ذلك اسقاط السنة الشريفة بل ربما اسقاط القرآن.

مؤدى كلام سروش ان النبي كان يتعبد في غار حراء، وان من يتعبد 40 يوما جرت الحكمة على لسانه. اي انه اصبح لديه حالة من الكشف. هذا الكلام هو كلام النبي وليس كلام الله.

يقول د. شحرور ان النبي لم يكن رجل فكر او فيلسوف بل هو طاهر، ان هناك تاييدا له من الله. هذا الكلام ليس حجة.

بعد ذلك يصلون الى درجة اخرى. احمد صبحي منصور يقول: لا تكتب حديثا عن النبي، ويقول نحن لا نعترف بالحديث او السنة. والقران يقول ان السنة واحدة ﴿ولاتجد لسنة الله تبديلا﴾. هذا ما تحدث عن القذافي فتح مكتبا في امريكا لتزويج المسلمة بالكافر. القذافي طبع كتابه آنذاك وانتشر.

هذا المنط من التفكير بان نكتفي بما هو موجود، وان عندما كتاب الله يكفينا. حينما يتكلم القرآن عن النبي (ص) فانه يتكلم عن شخص محمد. يقول ان هناك تعنيفا للرسول: ﴿طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى﴾. ﴿يا نساء النبي لستن كاحد من النساء﴾. ﴿يا ايها النبي قل لازواجك….﴾.

النبوة مقدمة للرسالة، حين يصل ذلك يبدأ بالتبليغ ثم يصلون الى الاستناج بانه لا تجب طاعته لانه معرّض للخطأ والاشتباه.

يعتمدون على جورج طرابليشي وهو اكثر من نظّر في مسألة الآيات واسباب النزول وادعاءات الملامة والتوبيخ. يرجع الامر الى طاعة النبي بالاحكام القضائية.

فكرة النبي والرسول، يقول انه حين تاتي الآيات الداعية للطاعة تقول: اطيعوا الله واطيعوا الرسول. وكثير من الآيات التي تاتي بلفظة “الرسول”. اي انه لا تجب طاعة النبي. هذا الزعم بان القرآن لم يأمر بإطاعة النبي لا دليل عليه وليس بالضرورة ان ياتي الله بالتوجيه المباشر.

هناك آيات اخرى تدعو لاتباع النبي وطاعته؟ الآيات التي تتحدث حول النبي في نفسها لم يأت هؤلاء القرآنيون ويكشفون انها تتحدث عن الآيات الشخصية. الآيات الشريفة دعت لإطاعة النبي وإطاعة الرسول.

الملاحظة الثالثة: ما الذي يضمن ان هذا الانسان الموجود في الخارج حينما يدعو الناس الى الطاعة فانه يدعوهم.

الله سبحانه وتعالى لا يدعو الناس الى طاعته ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ اذا كان هناك احتمال وارد للخطر. الآية التي ذكرناها تؤكد انه حين يامر النبي بامر يجب طاعته حسب القرآن والدليل العقلي. حين يأمر فهو محمد وهو النبي وهو الرسول. ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم….﴾. ﴿انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح من بعده…﴾. ﴿ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل اليهم ما اتخذوهم اولياء﴾. الآيات تدعو الى الاتباع والطاعة والتسليم. ﴿الذين يتبعو الرسول النبي الأمي الذي يجدونه متكوبا عندهم في التوراة والانجيل﴾. ﴿ياايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين﴾.

هذه الدعوة الجزافية تؤدي الى عدم العمل بالسنة والروايات. كان يرى ان هناك من يسعى لتعطيل مشروعه. حيل بينه وبين كتاب يكتبه “آتوني بدواة وكتف”.