الجاليات المسلمة المهاجرة: الهوية والتحديات والفرص

ندوة مؤسسة الابرار الاسلامية: الجاليات المسلمة المهاجرة : الهوية والتحديات والفرص

الاستاذ عبدالمحسن الركابي

التاريخ: 28 نوفمبر 2024

  بسم الله الرحمن الرحيم

حمدا لله رب العالمين، وصلاة على رسوله وحبيبه الأمين محمد وعلى آله الطاهرين وصحبة المتقين.

بسبب كون الفترة الزمنية المعطاة لكلمتي في هذه الندوة فترة محدودة، لذا لا يمكن تناول جميع مفردات عنوان هذه الكلمة لانها مفردات تتطلب وقتا أوسع. ولذلك سوف أقتصر وأركز على الأمور التالية:

١- مقدمة تتضمن محاولة تأسيس منطلق فقهي لمبدأ (التعاون على البِر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان).

٢- المشاكل والتحديات التي تواجه الجاليات المسلمة المهاجرة.

٣- التعريف بفكرة ومبدأ التعاون وأهدافه والأمور المشجعة فيه والمشاكل التي قد تواجهه.

٤- الجهات المناسبة في تنفيذ مبدأ التعاون ومتابعته.

٥-تاريخ الهجرات الإسلامية والعربية في بريطانيا

٦-  أرقام وإحصاءات ومعلومات ضرورية عن الجاليات المسلمة

٧- تركيز على الجالية العربية ودورها

٨- خلاصة.

أولا: مقدمة

 ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ آل عمران 104

الفهم الراجح أو الأغلب لدى علماء التفسير لهذه الآية الكريمة يعتمد على ما يُفهم من كلمة (من) في عبارة (منكم أمة) في الآية الشريفة، فمن هنا (تبعيضية) وليست (بيانية)، اي أن العمل الحسن الذي ندعو له او المعروف الذي نأمر به أو المنكر الذي ننهي عنه أذا قام به البعض من الأمة الذي فيه الكفاية فإن ذلك يسقطه عن الآخرين، حيث يصبح واجبا كفائيا، وبدليل ذيل الآية المباركة (وأولئك هم المفلحون) ذهب ذلك الأغلب من علماء التفسير إلى أن (من) في هذه الآية المباركة تبعيضية. بخلاف ما لو قلنا انها بيانية فحينئذ يصبح ما ندعو له او نأمر به او ننهي عنه واجبا عينيا يجب ان يقوم به جميع المسلمين من دون اختصاص بجماعة معينة.

وفي آية أخرى يخاطب القرآن كل المسلمين بالتعاون على البِر والتقوى:

 ﴿…وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ﴾ (المائدة ٢)

والجمع بين الآيتين يمكن أن يتم بالنحو التالي :

١- إن التعاون على البر والتقوى يبقى مطلوبا من قبل كل مسلم كلما دعت الحاجة له وشخصته جهة موثق بها .

٢- وأذا تطلب الموضوع الذي يطلب التعاون عليه نوعا من التخصص والقابلية والاستعداد والتفرغ، وكان ذلك متوفرا عند جهة او جماعة او مؤسسة او حزب أو غير ذلك فإنها ستكون هي المعنية بالدعوة له والأمر به، وعلى أمة المسلمين الذين لا يمنعهم ولا يصدهم شيء عن المشاركة فيه، أبداء العون والمساعدة المطلوبة بشكل دائم.

٣- إن هذا التوزيع للأدوار بين الفرد والجماعة او المؤسسة او الحزب لا يعني عدم امكانية تصدي الفرد ذي الإمكانيات والقابليات العالية التي تكافأ المؤسسة أو الحزب في تأثيرها وقد تزيد في ذلك، في القيام بدور التعاون، وإنما أخذ الوضع العام الحالي بإمكانياته المرصودة الذي عليه الفرد والجماعة وعلى أقل التقديرات المتصورة.

ثانيا: التعاون على البِر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان

إن الدعوة للتعاون في الآية ٢ من سورة المائدة هي دعوة لمبدأ إسلامي عظيم الفائدة والأثر إذا طبقه المسلمون والتزموا به في أي مجال من المجالات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية وغيرها. إن دعوة القرآن الكريم المسلمين للتعاون في أعمال الخير والمعروف والتزام التقوى في كل أعمالهم، ونهيهم عن التعاون في أعمال الشر والإثم والعدوان، هي دعوة للتمسك بسلاح عظيم يمكن إذا أخلصوا في تطبيقه أن يحقق لهم جميعا إنجازات كبيرة في تلك الأعمال ويعينهم أيضا في الوقوف امام الإثم والظلم والعدوان من أية جهة كان، بل ويمكن للبشرية جمعاء إذا ما فعلوا نفس الأمر أن يجنوا منه أيضا نفس النتائج. إن هذه الوظيفة الربانية والمبدأ الإسلامي المعطل لا زال سلاح ماض بيد المسلمين يمكن استخدامه في أي مكان وأي زمان كلما دعت الحاجة له في تحقيق أهدافهم الحسنة وأشتد طلبهم له في الوقوف امام ظالميهم وظالمي إخوانهم في أماكن وبلدان أخرى، من دون أن يكون في ذلك ضرر للجاليات الأخرى التي يعيشون معها تحت نظام ديمقراطي علماني، كما هو حال جميع الجاليات المسلمة في البلدان الغربية ومنها المملكة المتحدة.

ثالثا: الاهداف المرجوة من تفعيل مبدأ التعاون على البِر والتقوى وسط الجاليات:

١- المحافظة على هوية ودين وعقيدة أبناء الجاليات المسلمة وشعائر دينهم.

٢- توعية المسلمين بخطورة بعض التشريعات التي تتناقض مع مبادئ دينهم.

٣- توعية المسلمين بضرورة ديمومة تمسكهم بمبدأ التعاون على البر والتقوى في تحقيق أهدافهم الحسنة في كافة المجالات.

٤- توعيتهم في المشاركة في الانتخابات المحلية والبرلمانية وتنظيم تلك المشاركة والترشيح لممثليهم فيها.

٥- دعوتهم لتشكيل الاتحادات والمنظمات التي تدير وتنظم وتسرع مختلف أعمالهم.

٦- العمل على تشكيل وصناعة لوبي إسلامي يعينهم في تحقيق اهدافهم والدفاع عنهم، والانطلاق منه في عملية دفاعهم عن حقوق بلدانهم الأصلية المشروعة.

٧- إحياء المناسبات الإسلامية كالعيدين وأيام شهر رمضان المبارك وغير ذلك من الفعاليات بمشاركة الجاليات المسلمة.

٨- توعية المسلمين على ضرورة تعلم اللغة العربية وتوفير الإمكانيات والخدمات اللازمة لذلك، واعتبار هذه المهمة ضرورية واستثنائية بالنسبة للجاليات العربية.

٩- توعية الجاليات المسلمة في كيفية التصدي للكثير من التحديات التي تواجههم باستمرار كتأجيج الشعور بالكراهية ضدهم فيما عرف بظاهرة “الإسلاموفوبيا” والتحدي الأكثر خطورة المتعلق بمس وتضعيف عقيدة وهوية وثقافة الجالية وغيرها.

رابعا: الأمور المشجعة على التعاون

١- ميل معظم الجاليات المسلمة للاهتمام بدينهم ودين أبنائهم، الأمر الذي يدفعهم يدفعهم للتقارب والتعاضد وتسهيل مهمة التعاون بينهم.

٢- معاناة معظم الجاليات المسلمة لعدد من المشاكل المتشابهة، وكذلك أوطانهم الأصلية، ما يجعل من أمر التعاون لاهداف تذليل تلك المشاكل امرا مرغوبا فيه.

٣-رغبة الكثير من الجاليات لتعلم اللغة العربية ووجود جالية عربية كبيرة يمكنها توفير معلمين لهذه المهمة.

خامسا: أهمية التعاون على البر والتقوى
١- التعاون على البر والتقوى هو أمر من الله تعالى وطاعة لرسوله (ص).

1- التعاون على البر والتقوى هو تيسير القيام بالاعمال الحسنة وزيادة إتقانها، وطريق لجذب وزيادة الممتثلين له.

2-هو طريق لتحقيق أهداف ومشاريع قد يعجز الإنسان عن تحقيقها بمفرده، لما فيه من توزيع للمسؤولية بين عدة أفراد.

3-كما أن فيه زيادةَ للإلفة والمحبة بين المسلمين، وشدًّا لعضد بعضهم ببعض، واجتماعا لكلمتهم، وسببا لقوّتهم ومهابتهم من قبل أعدائهم، عملا بقوله صَلَّى اللَّه عَليه وآله: “المُؤمِنَ للمُؤْمِنِ كالبُنيانِ، يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا”.

 خامسا: مجالات التعاون على البر والتقوى:

أما مجالات التعاون فبابها واسع جدا لا يكاد يأتي عليه عد ولا حصر، فقد حث الإسلام على التعاون على كل ما فيه خير الدنيا والآخرة لهم ولإخوانهم المسلمين في أي مكان كلما كان ذلك ممكنا.

سادسا :المشاكل التي تواجه السكان المسلمين في المملكة المتحدة:

أ- الفقر، ومن الدلائل عليه:

١-تُعد الجاليات المسلمة من أفقر الجاليات في المملكة المتحدة، وأن ما يقرب من 50% من الأسر المسلمة تعتبر فقيرة مقارنة بأقل من 20% من إجمالي السكان.

 ٢- يُلاحظ أن أعلى معدل بطالة في إنجلترا وويلز بين الجماعات الدينية في عام 2021، هو بين المسلمين، حيث يعيش حوالي 68٪ من إجمالي السكان المسلمين في مناطق ذات أعلى معدلات بطالة، مقارنة بـ 26٪ من المسيحيين و 25٪ ممن أجاب بإنهم لا يتبعون دينا.

٣- وفي خصوص الجالية العربية تمتلك 17٪؜ من الأسر العربية منازلها الخاصة مقارنة بـ 74٪؜ من الأسر الهندية، و 68٪؜ عند الأغلبية الديموغرافية البريطانية البيضاء. وايضاً وفقا للأرقام الحكومية الرسمية، ومن بين جميع الفئات الديموغرافية المختلفة، فإن العرب لديهم أدنى نسبة للفرد الواحد من ملكية المنازل لكل أسرة.

ب- الصور النمطية السلبية عنهم:

حيث يعاني المسلمون عموما في المملكة المتحدة وعموم البلدان الغربية من عدد من الحواجز التي تعيق نجاحهم بما فيها عدد من الصور النمطية السلبية عنهم. كربط المسلمين بالارهاب والاعتداء والتوحش وعدم الالتزام بالقوانين والتخلف وعدم الاندماج بالمجتمع او التفاعل مع المجتمع ونحو ذلك، وكنظر بعضهم للمسلمين على أنهم لا يشاركون مواطنيهم في احتفالاتهم ومناسباتهم وألعابهم وهواياتهم المحببة ومغامراتهم واكتشافاتهم وسياحتهم الطبيعية ولقاءاتهم العامة وأنشطتهم، ولا يحبون ذلك، ولا يبذلون الجهود في هذه المجالات ونحو ذلك، وأن المرأة المسلمة غير نشيطة وغير فعالة ولا تشارك في أي أنشطة رياضية. ومن الصور النمطية السلبية عن المسلمين قلة الموظفين المسلمين أو القدوات في الفصول الدراسية، والتنمر والتحرش.

وبسبب هذه الصور النمطية السلبية فإن النساء اللائي يرتدين الحجاب على وجه الخصوص يعانين من التمييز بمجرد دخول أماكن العمل. وان الشخصيات المسلمة والنواب المسلمين الملتزمين بالدفاع عن القضايا التي تهم المسلمين يجري العمل على تسقيطهم عبر وسائل الإعلام وغير ذلك. وقد ذكر الأستاذ جاكلين ستيفنسون من جامعة شيفيلد هالام (الذي قاد فريق بحث) إن «المسلمين يجري استبعادهم، والتمييز ضدهم، أو تفشيلهم في كل مراحل الانتقال من التعليم إلى العمل.»

ج- إهمال الحكومات البريطانية لمطالب المسلمين:

بسبب ما يعاني منه المسلمون في بعض المدن من مشاكل مع تركها لفترات طويلة من دون معالجتها معالجة  جدية كالفقر المنتشر بينهم وسياسة العنصرية وعدم المساواة المتخذة ضدهم رغم تظاهراتهم واحتجاجاتهم التي قد تخرج أحيانا عن الحد الذي يسمح به القانون، فإن حلّ تلك المشاكل لا زال بعيد المنال.

د- تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين :

حيث يبرع الإعلام العنصري بتأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين من خلال ما يعرف بظاهرة “الإسلاموفوبيا” وغيرها من الأمور والاحداث التي تُزيف وتُلحق بهم ظلما، حتى اصبح احيانا من الصعب فهم او تبرير الحرب غير العادلة التي تشن ضد العرب من قبل الكثير من وسائل الإعلام والصحافة والسياسيين وصناع القرار هنا في هذا البلد، وما يتبع ذلك من تأثيرات سلبية ونتائج ضارة على العرب في أماكن كثيرة من العالم.

سابعا: المشاكل والتحديات التي قد تواجه الجاليات في مهمة التعاون

١- معاناة الكثير من لجاليات المسلمة من التشتت والتباعد الاجتماعي والجغرافي ضمن البلد الواحد.

٢- التباعد الجغرافي بين المراكز الإسلامية نفسها نتيجة اتساع رقعة الجاليات وعدم تمركزها في تجمعات متقاربة.

٣- تحدي بعض التشريعات السياسية والأنشطة الاجتماعية والثقافية وغيرها التي لا تتوافق مع النشاط الثقافي والتربوي والأخلاقي لتلك الجاليات.

٤- التحدي الخطير الناجم عن ضعف أو إضعاف وتوهين الهوية الثقافية والدينية للمسلمين الأمر الذي قد يجعل من فكرة التعاون بينهم من منطلق إسلامي عديمة التأثير عليهم.

٥- طول مدة العيش في بريطانيا عقودا في انتظار تغيير الظروف السياسية في أوطانهم أثر تأثيرا كبيرا في نفسية وآمال وتطلعات وأهداف الجيل الثاني، فأصبح الأخير عند في شبابهم بآمال وتصورات ومسؤوليات خاصة جديدة تختلف عن تلك التي عند آبائهم.

٦- غياب التنظيم والعمل المؤسسي المتمثل فيما يمكن ان يجري على وفقه سير الأنشطة والفعاليات التي يمكن أن تتفق عليها الجاليات المسلمة لتوحيد رؤيتها فيما يتعلق بعملية التنشئة الثقافية والأحوال التعليمية، حيث تعاني أغلب الجاليات الإسلامية من التشتت والتباعد الاجتماعي والجغرافي في البلد الواحد. وأيضا في كيفية وطريقة تمثيل أغلبية الجاليات المسلمة.

٧- عدم إيلاء الكثير من الأسر المهاجرة الأهمية المطلوبة للتعليم الديني وعدم تقديرهم لخطورة تركه والانصراف عنه، الأمر الذي يقلص كثيرا من مساحة إمكانية التعاون والاجتماع بهم انطلاقا من كونهم مسلمين وتجب محافظتهم على هويتهم وعقيدتهم.

٨- في خصوص الجالية العربية فإن العرب قد يختارون تحديد الهوية وفقا لبلدانهم الأصلية الوطنية بدلا من استعمال تعريف أوسع كعربي او عرب، أو تختار لهم أجهزة العد والإحصاء مساقط رؤوسهم في بريطانيا مثلا لتحديد هويتهم، ما يجعل المناقشة تدور حول مصطلح (عرب في بريطانيا) أو (العرب البريطانيون)، بحيث اصبح هذا المصطلح هو الأكبر عددا (29.5%) عند تعداد الجاليات العربية وأحجامها بحسب مواطنهم الأصلية كالعراقية (9.8%)، والسورية (9.3%)، والمصرية (6.9%)،  المغربية (5.4%) وهكذا.

لم يكن مصطلح “العرب البريطانيون” من بين المصطلحات المستخدمة في تصنيفات الحكومة العرقية المستخدمة في تعداد المملكة المتحدة لعام 2001 والإحصاءات الوطنية. وقد أجبر هذا الغياب لفئة “عربية” منفصلة في تعداد المملكة المتحدة العديد من الأشخاص على اختيار فئات عرقية أخرى. في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أعلنت الحكومة البريطانية أنه سيتم إضافة فئة عرقية “عربية” إلى تعداد المملكة المتحدة لأول مرة. لقد جاء القرار بعد ضغوط من قبل الجمعية الوطنية للعرب البريطانيين ومنظمات عربية أخرى، والتي دافعت عن إدراج مدخل “عربي” منفصل لاستيعاب المجموعات غير المبلغ عنها من العالم العربي .

ثامنا:  توزيع المسلمين في المملكة المتحدة

١- يشكل المسلمون 6.5% من مجموع سكان بريطانيا بعد ان ارتفعت أعدادهم من 2.7 مليون شخص في 2011 إلى 3.9 ملايين في 2021، بزيادة 1.2 مليون مسلم في 10 سنوات. وأظهرت نتائج إحصاء 2021 أن المسيحية لم تعد ديانة الأغلبية في إنجلترا وويلز، بل تراجعت إلى ما دون النصف في حدث تاريخي غير مسبوق في تاريخ المملكة المتحدة، وأن الإسلام هو أسرع الديانات انتشار في البلاد خلال العقد الماضي. كما أظهر الاستطلاع أن عدد الأشخاص اللادينيين يشكلون 37.2% من سكان المملكة المتحدة، ما يجعلهم ثاني أكبر كتلة بعد المسيحيين، يأتي من بعدهم المسلمون، ولكن كدين يأتي المسلمون بالترتيب الثاني بعد المسيحية ويتركزون في مدينة لندن التي يعيش فيها حوالي 38 ٪ من مسلمي إنجلترا.

٢- يتوزع المسلمون وفقا لتعداد السكان لعام 2001 في مدن و(ولايات) المملكة المتحدة وفق النسب السكانية التالية:

⁃ لندن، تعداد سكانها: 7.2 مليون، وتعداد المسلمين: 1 مليون، أي (16%)

⁃ اسكتلندا، تعداد سكانها: 5.1 مليون، وتعداد المسلمين : 40,000، أي (0.8%)

⁃ برمنغهام، تعداد سكانها : 1 مليون، وتعداد المسلمين : 150,000، أي (15%)

⁃ ليستر، بتعداد : 300,000، وتعداد المسلمين: 35,000، أي  (12%)

⁃ برادفورد، بتعداد : 483,000، وتعداد المسلمين: 82,750 أي (17%)

⁃ ليدز، بتعداد : 680,700،  وتعداد المسلمين: 30,750 أي 4.5%

⁃ ويلز، بتعداد: 2.9 مليون، وتعداد المسلمون: 30,000  أي 1.7%

⁃ أولدهام بتعداد : 218,500، وتعداد المسلمين : 25,000، أي 11%

⁃ أيرلندة : بتعداد : 1.7 مليون، وتعداد المسلمين: 4,000، أي 0.2%

٣- من المدن التي تضم عددًا كبيرًا من المسلمين هي برادفورد، لوتون، بلاكبيرن، برمنغهام ، لندن، ديوسبري، هاي ويكومب، وسلو، وليستر، ديربي، مانشستر، ومدن الطواحين في شمال إنجلترا. كما تضم معظم المدن الكبرى واحدة على الأقل بها أغلبية مسلمة حتى لو كانت بقية المدينة بها عدد قليل من المسلمين.

وهناك أيضا أكثر من ٢١ من المناطق المحلية والمدن الإنكليزية (عدا ما في أسكتلندا وأيرلندا الشمالية) يزيد عدد سكانها من المسلمين على 10% وفق تعداد عام 2001، من قبيل :

حي تاور هامنتس في لندن بنسبة 36.4%، حي نيوهام في لندن بنسبة 24.3%، مدينة بلاكبيرن مع داروين بنسبة 19.4٪، مدينة برادفورد بنسبة 16.1٪، منطقة أوف والثام فورست في لندن بنسبة 15.1٪، مدينة لوتون 14.6%، مدينة برمنغهام 14.3٪، مدينة هاي ويكومبي 14.1٪، حي أوف هاكني في لندن 13.8٪، حي أوف إنفيلد في لندن 13.5٪، منطقة بندل في لانكشاير 13.4٪ ، بلدة سلاو 13.4٪ ، منطقة برنت في لندن 12.3٪، أوف ريدبريدج في لندن 11.9٪ ، مدينة وستمنستر في لندن  11.8٪ ، منطقة كامدن في لندن 11.6٪، بلدة هارينجي في لندن 11.3%، متروبوليتان بورو أوف أولدهام 11.1٪، مدينة ليستر 11.0%, منطقة إيلينغ  في لندن 10.3٪ ، كيركليس 10.1٪.

تاسعا: توزيع العرب في المملكة المتحدة بحسب تعداد عام 2021 :

بلغ عدد السكان العرب 355,977 نسمة أو 0.5٪ من السكان، وتوزيعهم بحسب البلد:

 إنجلترا:  320،215 (0.6٪)، ويلز : 11،641 (0.4٪)، أيرلندا الشمالية: 1،817 (0.1٪)، اسكتلندا : 11,641 (0.4٪) من السكان.

أما السلطات المحلية العشر التي لديها أكبر نسبة من العرب البريطانيين إلى حد كبير فقد تركزت في لندن الكبرى: وستمنستر (7.56٪)، برنت (5.27٪)، كنسينغتون وتشيلسي (4.45٪)، إيلينغ (4.39٪)، هامرسميث وفولهام (3.02٪)، مانشستر (2.72٪)، هارو (2.39٪)، كينغستون أبون التايمز (2.13٪)، كامدن (2.10٪) وبارنيت (1.90٪).

 وفي ويلز، كانت أعلى نسبة في كارديف بنسبة 1.83٪؛ وفي اسكتلندا، كان أعلى تركيز في غلاسكو بنسبة 1.40٪، وفي أيرلندا الشمالية، كان أعلى تركيز في بلفاست بنسبة 0.29٪.

واليوم في مدينة بيرمنغهام على سبيل المثال، يوجد أكبر تجمّع للجالية اليمنية، كما أنّ هناك نصبا تذكاريا في مدينة ليفربول (لليمنيين) الذين قاتلوا مع القوات البريطانية في الحربين العالمية الأولى والثانية.

عاشرا: الجالية العربية في المملكة المتحدة بين الإمكانيات والتأثير المقابل:

على الرغم من تواجد العرب المسلمين مبكرا في التاريخ الحديث في المملكة المتحدة الذي يبدأ من عام 1860، وهو تاريخ مجيء  الجالية اليمنية للعمل في صناعة السفن، وعلى الرغم من ان تعداد الجالية العربية حاليا فيها يقرب من حوالي (٤٠٠ ألف) شخص، منهم ما يقر من (٢٥٠ الف) شخص يعيشون أو يعملون في لندن وحدها، مع ما يقرب من (200 بنك ومؤسسة مالية) بقيمة (150 مليار دولار) من الاستثمارات، وأكثر من (10 مليارات) من الأعمال التجارية، وما يصل إلى (١٠) عشر صحف يومية ومجلات أسبوعية، بالإضافة إلى حوالي (٥) خمس محطات فضائية وإذاعية، مع آلاف الأطباء والمهندسين والأساتذة والأكاديميين والكتاب والشعراء وصانعي الأفلام والفنانين وخبراء التمويل والمحللين السياسيين والخبراء الاجتماعيين والعمال المتطوعين، وغير ذلك، لكن هذه الجالية حتى يومنا هذا لا زالت غير مرئية او مختفية التأثير في بريطانيا بشكل يتناسب مع هذه الامكانيات !!

ومع ملاحظة ان معظم المحلات التجارية البريطانية الكبرى تخصّص أقساماً لمنتجات رمضان وهدايا العيد مع عبارات باللغة العربية، وهو الأمر الذي يؤشّر على حجم الوجود العربي والمسلم في بريطانيا، وتأثيره وحجمه الاقتصادي، فهو في نفس الوقت لا يتناسب واقعا مع التأثير السياسي الضعيف جدا للجالية المسلمة والعربية في سياسات الحكومة تجاه المسلمين كمواطنين بريطانيين أو تجاه قضايا بلدانهم الأصلية.

وبسبب هذه المفارقة يأتي التساؤل عن السبب الذي يمنع جالية بكل هذه المدخلات الإيجابية للمجتمع البريطاني من أن تحصل إلى هذه الساعة على مكانها المكتسب بشكل صحيح في المجتمع كباقي الجاليات المؤثرة فيه، ولماذا تتجاهل إمكاناتها الكبيرة؟ فهل بسب ان الجالية العربية لا تريد ان تكون جزءا حقيقيا من المجتمع؟ أم لأن المجتمع البريطاني عموما يرفض هذه الجالية حتى مع وجود التشريعات التي تنادي بالمساواة لجميع المواطنين ونحو ذلك؟ أم أن هناك أسبابا أخرى أعمق من ذلك تقف وراء هذه المفارقة مع وجود السببين المتقدمين بمستوى وبنحو ما؟

ومع ما تقدم، ومع غياب التمثيل السياسي الوازن إلى الوقت الحاضر، فإن ذلك لا يعني خلو الساحة البريطانية من نتائج إيجابية مترتبة على تلك الإمكانيات من قبيل وصول (ليلى موران) كنائبة عربية من أصول فلسطينية للبرلمان و(حمزة توزال) من المغرب عمدة لـ (ويستمنيستر)، وتصدّر الأطباء العرب قائمة أفضل وأمهر الاختصاصيين والجراحين في أشهر المستشفيات والمراكز الصحية، وبروز عدد كبير من العرب في مجالس البلديات، وترؤس طلاب عرب ومسلمين عددا من اتحادات الطلبة كانت آخرهم التونسية (شيماء دلالي). وايضاً تقلد عدد من المسلمين مناصب عليا في المملكة المتحدة، كعمدة لندن المسلم الباكستاني الأصل (صادق خان)، ورئيس وزراء اسكتلندا المسلم (حمزة يوسف).

أحد عشر: الجهات المناسبة في الدعوة ورسم وتنفيذ خطوات وطرق التعاون بين الجاليات المسلمة:

١- المراكز والهيئات الإسلامية :

ليس هناك أكثر تأثيرا في تنفيذ مبدأ التعاون بين الجاليات المسلمة من الجمعيات والمراكز والهيئات والأحزاب الإسلامية الموجودة بين الجاليات. إن كثرتها وتعددها بين مسجد ومصلى أو دار للعبادة ومركز يركز نشاطه على المطبوعات والنشر والتثقيف والتعليم والتوعية والإعلام يجعل منها أدوات وأجهزة يمكن التعويل عليها في مهمة التعاون بين الجاليات المسلمة، من دون أن يعني ذلك عدم امكانية قيام فرد بعينه بجميع أعباء وتكاليف الدعوة والمتابعة والصرف.

ويوجد في بريطانيا لوحدها قرابة  1400 مركز إسلامي، يوجد معظمها في لندن. ويوجد في بريطانيا أكثر من 1500 مسجد ومصلى موزعة في أنحاء البلاد.

٢- اللجان أو المنظمات أو الاتحادات المشكلة لاغراض التعاون بين الجاليات:

لاغراض دراسة ومناقشة وتفعيل مبدأ التعاون في مختلف الصعد لابد من تأسيس لجان او منظمات او اتحادات تضم ممثلين عن جميع الجاليات المسلمة لدراسة ومناقشة الخطوات والآليات المناسبة باتجاه توحيد ما أمكن من النشاطات والفعاليات نحو الاهداف المرجوة على الصعيد الثقافي والاجتماعي والسياسي وغيرها

٣- عموم  شباب الجاليات المسلمة :

ليس هناك أكثر فعالية من الشباب في تنفيذ الاهداف المرجوة من مبدأ التعاون وتجسيدها، مثلما يتحملون نفس القدر في إمكانية إضعاف وإفشال تلك الاهداف، لان المعني الاساس في مشروع التعاون هم الشباب أنفسهم وأبناؤهم واحفادهم، فضلا على أن قابلياتهم ومهاراتهم في التواصل وفقا للآليات الحديثة هي الأوسع والأسرع والأكثر قبولا.

إن قول الامام علي عليه السلام في انه : لا تربوا اولادكم كما رباكم أباؤكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم، ينطبق في هذه الحالة .

ثاني عشر : الجاليات العربية في مبدأ التعاون

وفي الوقت الذي تبرز فيه الاهمية البالغة لإشاعة وتجسيد مبدأ التعاون الواسع داخل الجاليات العربية ثقافيا وسياسيا وربما السهولة المنتظرة في تنفيذ الخطوات بفعل عامل اللغة مع الدين، إلا ان هذه الأهمية والسهولة قد تصطدم بفعل عوامل سياسية ومذهبية داخل الجاليات عموما ومنها العربية. ومع ذلك ينبغي أن تحضى اللغة العربية بأولوية استثنائية ضمن الاهداف المنظورة من إحياء مبدأ التعاون بين الجاليات العربية لما لعامل اللغة العربية من أثر بالغ في المحافظة على الهوية الثقافية والدينية في البيئات الغربية التي نعيشها.

في الجاليات الكبيرة كالجالية العربية ينبغي ان تحضى خطوات التقريب وإذا أمكن التوحيد بين الجاليات الفرعية بحسب انتماءاتها الوطنية بالأسبقية (كلما كان ذلك ممكنا)

من دون التأثير على الأجواء الطيبة والخطوات السارية سابقا بين بعض الجاليات الإسلامية الأخرى

الجالية العربية في المملكة المتحدة بين الواقع والطموح

يواجه العرب البريطانيون غالبا، والمسلمون جميعا، لأسباب عنصرية معادية لهم، عقبات تشتت وتعيق قدراتهم على المشاركة في العملية السياسية والترشح للانتخابات. وربما منذ أن وقفت الحكومة البريطانية في حربها على الإرهاب مع الولايات المتحدة مطلع القرن الواحد والعشرين، فقد بدأت في تغيير تعاملاتها وقوانينها وفقا للرؤية الأمريكية لنماذج الإرهاب.

ومن أجل الوقوف بكفاءة وبمنطلقات فعّالة، ورسم رؤية وطموح واقعي لامكانية تغيير الوجود العربي والمسلم في المملكة المتحدة وعموم بلاد الغرب وجعله مؤثرا ونافعا لهم ولغيرهم، فإن الجالية العربية أو المجتمع أو الوجود العربي والمسلم فيها لابد لهم من إعادة تعريف وجودهم على أنه وجود ومجتمع أصيل وليس طارئا، ليس من الضروري أن تشغله فكرة العودة، لأي سبب كان لبلده الأصلي، مع عدم نسيانه، والوفاء له، والفخر بالانتساب له. كما لابد له من وحدة واتفاق ورؤية مشتركة في كثير من أمور العمل والخطى كمواطنين بريطانيين عرب يعترف لهم بهويتهم الثقافية والدينية، ويخضعون لمبدأ المساواة في التوظيف ويحاربون العنصرية ضدهم وضد غيرهم، وغيرها من أمور، في إطار مجتمع متنوّع يضمن للعرب ولغيرهم من الأقليات ذات الحقوق.

إن هذه الرؤية والسلوك لا ينبغي أن يصطدم ابتداء برغبة بعض المواطنين العرب البريطانيين باتخاذ الوطن الأصليّ لهم وطن آخر لهم يتناولون العيش والسكن المشترك فيهما فيما إذا تمكنوا من توفير المستلزمات المطلوبة لذلك.ينبغي للعرب العمل بعقلية التجميع والتوحيد فيما بينهم وليس بعقلية الاختلاف والتباعد وعدم المبالاة بطاقات وقدرات باقي مكونات الجالية.

كما لابد لهم من وضع اليد على الاسباب الرئيسة لهذا الوجود والتأثير الضعيف لهم وفهمه جيدا لمعرفة كيفية معالجة تدني تمثيلهم وتأثيرهم السياسي الذي يقف في مقدمته انقسامهم وتشتت جهودهم للأسباب التالية:

أ- نقلهم للانقسامات السياسية والحزبية والمذهبية من بلدانهم الأصلية إلى بلدان المهجر، بينما يتطلب الوضع الجديد لهم أن ينسوا الخلافات التي جاؤوا بها من بلدانهم،

ب- مجيء الجيل الأول في الهجرات الحديثة الكبيرة بعقلية اللاجئ الطارئ الذي ترتب عليه، من جملة ما ترتب، خوف الكثير منهم على أبنائهم من الاندماج في المجتمع البريطاني، من دون فهم وتأمل فيما يقابله من اندماج واعي او مدروس او تكامل، مقابل انفتاح آخرين بلا حدود.

ج- إن غالبية المهاجرين جاؤوا فارين من الحروب والاضطهاد السياسي والمذهبي والخوف على الحياة، على أساس الوصول او العيش في مكان آمن وبلا مشاكل.

لكن يبدو أن الجيل الثالث، وربما الرابع من المهاجرين من أبناء البلد الذين ولدوا بريطانيين ودرسوا في المدارس الإنكليزية هم من يعوّل عليهم في إحداث التغيير الإيجابي، فلدى هذا الجيل قناعة مختلفة عمن سبقهم لأنهم ينظرون لأنفسهم كبريطانيين أولا، ويتعاملون مع قضايا بلدانهم من هذا المنطق، وهو الأمر الذي يخضع للنقاش الدائم مع آبائهم.

وفي مجال العمل من أجل قضايا بلدانهم، فهناك أيضا قضايا مشتركة عديدة تتصدرها القضية الفلسطينية التي يجب أن توّحد الجالية العربية والمسلمة، وكذلك المطالبة بحرية وحقوق بلدانهم الأصلية، من أجل الضغط على الأحزاب السياسية البريطانية والحكومات لأخذ هذه المطالبات بعين الاعتبار عند تصويت هذه الجالية لهذا الحزب أو ذاك، وهناك أيضا مطلب تكوين جماعات ضغط فعّالة تؤثر على قرارات الحكومة الداخلية والخارجية.

إن تجربة الجاليتين الباكستانية والبنغلاديشية في إيصال عدد من أعضاء البرلمان ومجلس اللوردات، وفي حالة (حمزة يوسف) رئيسا لوزراء اسكتلندا، جديرة بدراستها على أساس أنهم طاقة اقتصادية نجحوا في توّحدهم وفرض أنفسهم في دعم مرشحين محدّدين.

ز- نظرة سريعة عن علاقات العرب ببريطانيا.

١- تذكر مصادر تاريخيّة أن شعب الشرق الأوسط، وهم أسلاف عرب اليوم، جاءوا إلى الشواطئ البريطانية قبل أن يفعل الرومان ذلك، لغرض تعدين وتصدير المعادن مثل الألومنيوم من أماكن مثل كورنوال (غسان سيبانو “العرب في بريطانيا 2002” ومتحف نيوكاسل ومتحف تشيستر). وبعد أن أصبحت بريطانيا جزءا من الإمبراطورية الرومانية حكمها إمبراطور، (يقال) إنه كان عربيا من سوريا يدعى فيليبوس، علاوة على عائلة مكونة من ثلاثة أباطرة رومانيين وابنين وأب كان ليبيا بالنسب والولادة يدعى سيبتيميوس سيفيروس توفي أيضا في بريطانيا (هاتشينسون، “تاريخ الأمم”، أوغان، “أرض العجائب المعرفة”) وخلال القرن الثاني الميلادي (كان ابن هذا الإمبراطور هو الذي غير العاصمة إلى لندن، غسان سيبانو 2001).

٢- تم إنتاج أول عملات معدنية عربية مسكوكة في بريطانيا في القرن الثامن من قبل الملك أوفاه ملك مريا (المتحف البريطاني)، الذي أعلن توجهه او دينه الإسلامي من خلال وضع عبارة “لا إله إلا الله ومحمد رسوله” على هذه العملات المعدنية خلال فترة حكمه (المتحف البريطاني). ومن الغريب أن الكتاب الجدد في التاريخ البريطاني بالكاد يذكرون أشياء كهذه.

٣- شهد القرن التاسع عشر ارتباطا جديدا بين بريطانيا والعرب بسبب الاستعمار البريطاني لبعض أجزاء العالم العربي والإسلامي، حيث جاء عدد من العرب واستقروا في بريطانيا مثل التجار السوريين واليمنيين في جنوب ويلز وشيفيلد ومانشستر وأماكن أخرى (هاليداي “العرب في بريطانيا”). لكن الظهور الحقيقي للجاليات العربية كان بعد خمسينيات القرن الماضي بسبب الاحداث السياسية في العالم العربي. كما أن الكثيرين من العرب جاءوا إلى المملكة المتحدة أيضا طلبا لمزيد من التعليم أو للعمل واستقروا لاحقا. ومع ذلك، كان معظم أولئك الذين جاءوا في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات يعتزمون العودة بعد تغيّر الوضع السياسي في بلدانهم الأصلية لما يطمحون له.

 والخلاصة :

يفترض أن تكون الجالية العربية اكثر الجاليات الإسلامية عملا مبدأ التعاون على البر والتقوى أذا أرادت أن تكون جالية فعّالة ومهابة ومؤثرة مع بقية الجاليات المؤثرة في بلاد الغرب، مستفيدة من لغتها المتميزة بطابعها الديني وتراثها الغني وانتشارها العالمي الواسع في العالم، وقيمها الدينية والثقافية والاجتماعية، وبكون موطنها الأصلي هو مسقط رأس الأديان السماوية والعديد من الحضارات الاولى المتميزة في التاريخ التي اخترعت الكتابة والأدوات الزراعية الاولى ووضعت العلوم المتنوعة والقوانين الاولى للبشرية فضلا عن غناه وتنوع مصادره الطبيعية والبشرية. إن حماية اللغة العربية للأجيال القادمة مسألة مهمة جدا لا يجب ان تقل عن أهمية تعلم اللغة الإنجليزية لهذه الأجيال من أجل التواصل مع المجتمع البريطاني في شتى قضايا الفن والأدب والعلوم وما إلى ذلك.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الميامين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى