الأخبار

من هو مهندس العلاقات بين النظامين السعودي والصهيوني؟؟

نادراً ما كانت الصحافة الصهيونية تتناول العلاقات السرية بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية التي لا تقيم علاقات sauisraدبلوماسية معه. علي الدوام، كان المُبرر لمنع نشر أي أمورٍ من هذا النوع ‘الحفاظ علي نمط علاقات كان ولا يزال يعتبر استراتيجياً’.

الصحافة الصهيونية كانت أحيانًا تلجأ إلي ما ينشر في الخارج عن هذه العلاقات، وتستند إليها، لنشر تقاريرها عن مثل هذه العلاقات لتتجنب بذلك الرقابة الصهيونية، وفي أحيان أخري تتعمد سلطات الاحتلال تسريب معلومات عن لقاءات تجمع بين شخصيات عربية ومسؤولين صهاينة بهدف كسر حاجز الحرمة لهذه العلاقات.

خلال الأشهر الأخيرة، صعدت الصحافة الصهيونية محاولات كسر حاجز الحرمة في العلاقات المتطورة مع دول عربية لم تكن بينها وبين العدو الصهيوني علاقات علنية، انتقل الحديث عن علاقات مع الأردن ومصر والمغرب والسلطة الفلسطينية إلي الحديث عن روايات وقصص عن علاقات متطورة جدًا مع دول عربية في الخليج الفارسي.

الصحافة الصهيونية تركز اليوم وبشكل خاص علي العلاقات الحميمة بين الكيان الصهيوني ومملكة آل سعود، بدءًا من تقاطع المصالح بين الطرفين، واشتراكهما في العداء للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وصولاً إلي الكشف عن عقد لقاءات متتالية بين مسؤولين سعوديين وصهاينة، لا تنفيها سلطات أي من الطرفين.

وفي هذا السياق يأتي توجه الصحافة الصهيونية أخيرًا لنشر تقارير وتعليقات وتحليلات حول تناول رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لما يسمي بـ«المبادرة العربية للسلام» التي أعدتها سلطات آل سعود، وتبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002، وتقوم علي اعتراف كل الدول العربية بالكيان الصهيوني وإقامة علاقات طبيعية معه وتطبيعها علي مختلف المستويات مقابل قبول الكيان الصهيوني بإقامة دولة فلسطينية علي أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.

المبادرة التي رفضتها سلطات الاحتلال فور الإعلام عنها، باتت اليوم مادة حيوية للمغازلة بين الكيان الصهيوني ودول الخليج الفارسي وعلي رأسها مملكة آل سعود، كمقدمة لإخراج علاقات التعاون بين الطرفين من السر إلي العلن.

المعلّق الأمني في صحيفة «معاريف» يوسي ميلمان تناول في مقال له العلاقات السرية بين سلطات آل سعود و«إسرائيل»، فقال: ‘من الناحية الظاهرية تبدو الهوة كبيرة في المواقف السياسية بين «إسرائيل» والسعودية، حيث تعلن الأخيرة أنها لن توافق أبداً علي تطوير علاقات علنية ومفتوحة مع «إسرائيل» قبل توفير حلٍ للنزاع العربي «الإسرائيلي»، لكن الامر لا يمنع، حسب منشورات أجنبية، وجود اتصالات سرية من أنواع مختلفة تتواصل منذ بضع سنوات، وتسارعت في الآونة الأخيرة’.

ويضيف ميلمان: ‘في الأساس هذه الاتصالات موجودة في العقل السعودي، الذي له مصلحة مشتركة ومركزية مع «إسرائيل»، وهي والخصومة مع إيران، فالسعودية كـ«إسرائيل» تخاف من إيران ومن برنامجها النووي المتطوّر ومن محاولتها توسيع نفوذها في الشرق الاوسط، ودعمها لمنظمات إرهابية (الصفة التي تطلقها سلطات الاحتلال علي حركات المقاومة ضدها) مثل حزب الله، وكذلك دعمها لنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد’.

يلفت ميلمان، إلي تقارير سابقة لصحافة أجنبية تحدثت عن لقاءات بين رئيس الوزراء الصهيوني السابق إيهود أولمرت مع مسؤولين سعوديين. إضافة إلي اللقاءات التي عقدت بين رؤساء لجهاز الاستخبارات الصهيونية «الموساد» ومن بينهم مائير دغان، مع نظرائهم من السعوديين.

ويلمح ميلمان إلي استمرار اللقاءات الصهيونية السعودية علي المستويين الأمني والسياسي، فيقول: ‘إذا كانت هذه المنشورات صحيحة، فإنه يمكن التقدير بأن رئيسي «الموساد» اللذين جاءا بعد دغان ـ تمير باردو ويوسي كوهن ـ يمكنهما في ظروف معينة أن يواصلا هذه اللقاءات. وأحدٌ لن يسقط من كرسيه إذا تبين بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضاً نال ساعات نوعية مع زعماء السعوديين’ (مشيرًا بذلك علي ما يبدو إلي الزيارة التي قام بها وزير خارجية آل سعود عادل الجبير، إلي تل أبيب في شباط/فبراير الماضي، ولقائه مع نتنياهو ناقلاً له رسالة من القيادة السعودية).

ويذكّر ميلمان في سياق حديثه عن العلاقات الصهيونية – السعودية، بأن نتنياهو أثناء لقائه وزراء حزب «الليكود» الاثنين الفائت أعلن أنه لن يوافق أبدًا علي قبول «مبادرة السلام العربية» كأساس للمفاوضات بين «إسرائيل» والفلسطينيين، معتبرًا أنه ‘يجب إجراء تعديلات عليها علي الرغم من تضمّنها بنودًا إيجابية’، وشدّد علي أنه إذا قيل لـ«إسرائيل» إن المبادرة غير قابلة للتغيير، أي خُذها أو دَعها، فإن سيفضل «دعها»’.

وتعليقًا علي تصريحات نتنياهو، يتابع ميلمان، سارع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الي القول ‘لا حاجة لإجراء تعديلات علي «خطة السلام»’.

والتزامًا بمقتضيات الرقابة الصهيونية، يلجأ ميلمان إلي خبر نشرته المجلة الفرنسية «انتلجنس اونلاين»، مؤخرًا عن العلاقات بين الكيان الصهيوني وسلطات آل سعود بعنوان «التعاون يصبح فنيًا». وأكدت فيه أن ‘أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلي«» والسعودية تعمل علي نحو مشترك منذ بضع سنوات، لكنها قررت مؤخرًا الارتباط في المجال الاستخباري الالكتروني أيضًا’.

ويقول ميلمان: ‘ووفقًا للخبر، فإن موظفين كبارًا من الاستخبارات العامة الرئاسية في المملكة طلبوا في الآونة الأخيرة المساعدة من «إسرائيل» لتحسين قدراتهم الفنية’.

وحسب «انتلجنس أونلاين»، فإن ‘السعودية معنية أساسًا بحلول متطورة في مجال الاعتراض والسابير الاستخبارت، وكذلك رفع مستوي قدرات القيادة والتحكم في مراكزها العملياتية’.

كذلك ذكرت المجلة الفرنسية حينها أن ‘التعاون المعلوماتي بين الجانبين أصبح رسميًا أكثر في السنوات الأخيرة ولا سيما في الأشهر الأخيرة وذلك بسبب خوفهما من إيران’، موضحة أن مهندس العلاقات الوثيقة بين الطرفين في الجانب الصهيوني هو ‘تمير باردو’ رئيس «الموساد» السابق.

وينقل ميلمان عن «انتلجنس أونلاين» تأكيدها أن وزارة الحرب الصهيونية ‘تسمح لشركات «إسرائيلي«» بعرض عتاد علي الرياض، ولا سيما في مجال الطائرات غير المأهولة وتكنولوجيا الصواريخ’.

ويتوقّف ميلمان عند حادثة تسبّبت بخروج ‘التعاون بين «إسرائيل» والسعودية الي النور’، إذ يرد في متن الخبر حول وفاة مواطن أمريكي في ظروف غامضة في كانون الثاني 2015 وُصف بأنه ‘مهندس في شركة «البيت» للأجهزة الالكترونية’.

وكان ريتشارد كارمر (50 عامًا) من نيوهمشاير يعمل في شركة «كولسمن»، وهي إحدي فروع شركة «البيت» الأميركية للأجهزة الالكترونية. وقد توفي في فندق في مدينة تبوك السعودية، الواقعة علي مسافة نحو 200 كم عن العقبة وإيلات، وفي تبوك يقع المطار العسكري السعودي الأقرب لـ«إسرائيل». وبحسب زعم سلطات آل سعود فإن كارمر انتحر، غير أن أبناء عائلته ينفون هذا الادعاء.

تصاعد الحديث عن العلاقات السعودية الصهيونية، لم يقتصر علي الصحافة الصهيونية، بل انتقل أخيرًا إلي المستوي الأمني والسياسي في الكيان الصهيوني، وكان مادة رئيسية في الدراسات والمداخلات التي قدمها المسؤولون الصهاينة وأفردت له جلسات خاصة في مؤتمر هرتسيليا السادس عشر المنعقد في تل أبيب، أبرز من تناول هذا الموضوع رئيس الدائرة السياسية ــ الأمنية في وزارة الحرب ‘عاموس غلعاد’، والمدير العام لوزارة الخارجية، دوري غولد، اللذان ركزا علي العداء الصهيوني السعودي المشترك لإيران، والتقارب وتقاطع المصالح بين الطرفين.

المتكلمين في هذا الموضوع في مؤتمر هرتسيليا، ثمنوا ‘التقارب الحاصل بين «إسرائيل» الدول العربية «السنية» (في الخليج الفارسي) وتحديدًا السعودية’، ودعوا إلي اغتنام ‘الفرص الماثلة أمام «إسرائيل» ومصالحها’، و’تنمية هذا التوجه ولتصويبه نحو «الفائدة المشتركة» للجانبين’.

دوري غولد، كان الأكثر حماسة وسعادة للتقارب السعودي الصهيوني، أكد في مداخلته أن الصراع الصهيوني العربي ‘صار في «أسفل» أجندة العالم العربي، وكذلك الأجندة «الإسرائيلية»، معتبرًا أن التقارب الصهيوني مع ‘الدول العربية السنية’، يأتي وفقا لـ«إستراتيجية» نتنياهو، مشيرًا إلي الاتفاق مع هذه الدول ستتم قبل التوصل إلي اتفاق تسوية مع الفلسطينيين.

غولد عبر عن سعادته لهذا التقارب قائلاً: ‘ما يجري بيننا وبين الدول العربية السنية يثلج القلب، لكن علينا أن نكون حذرين ونبقي ذلك سرا دون إعلان، لأن لديهم أوضاعا خاصة… المواطنون لدي هذه الدول لا ينظرون دائما بإيجابية إلي ما يحدث بيننا’.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى