مبادرة العرب.. حبر على ورق

غسان مصطفى الشامي
كثيرة هي المقترحات والمبادرات التي قدمت لإنهاء الصراع الطويل بين الفلسطينيين و” الإسرائيليين” والخروج بحل مرضٍ للجميع، ولكن كافة هذه الحلول والمقترحات كانت حبر على ورق وعلى رأسها مبادرة السلام العربية التي أعلنت في اختتام القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002م، وذلك لأن جل هذه المبادرات والمقترحات تعطي اليهود الصهاينة حقا في أرض فلسطين وتثبت وجودهم على هذه الأرض التي اغتصبها ” الإسرائيليون ” عنوة وارتكبوا عشرات المجازر والمذابح بحق الفلسطينيين، واستخدموا أعتى الأسلحة من أجل تشريد أبناء الشعب الفلسطيني وتهجيرهم عن أرضهم، وقد كان رد المجرم الصهيوني شارون رئيس الوزراء ” الإسرائيلي” الأسبق آنذاك على هذه المبادرة ” أنها لا تساوي حبر الورق الذي كتبت عليه”، كما قام بالرد على هذه مبادرة العرب بالمزيد من التوغلات والاقتحامات للأحياء والمدن الفلسطينية في الضفة المحتلة وتشديد الحصار على قطاع غزة .. لا أدري لماذا يستجدي الزعماء العرب الكيان الصهيوني من أجل الحصول على حق الشعب العربي المسلم وملكيته لأرض فلسطين ؟؟ والإجابة ببساطة لأن العرب ضعفاء، وعلى مدار عشرات السنيين عمل الكيان ” الإسرائيلي ” على اختراق العرب وإضعافهم قوتهم العسكرية والسياسية وبث السموم والخبائث بين أبناء الشعب العربي، كما عملت ” إسرائيل ” خلال وجودها وسط الوطن العربي على حماية المصالح الغربية في البلاد العربية ومنع أية وحدة عربية سياسية دينية تقوم بين العرب . أما الآن فإن الخارطة العربية السياسية تغيرت وباتت ” إسرائيل ” تخشى على نفسها مما يحدث في البلاد العربية جراء سقوط عدد من الأنظمة الحاكمة، كما تخشى ” إسرائيل ” مما يحدث في مصر والشام، لذلك بدأت الجولات الأمريكية المكوكية والأوربية على دولة الكيان الصهيوني والبلدان العربية من أجل التعرف على الظروف الجديدة وتأمين حماية الكيان، كما قامت أمريكيا بدعم ” إسرائيل ” بعدد كبير من الطائرات القتالية الحديثة المطورة لدفاع عن نفسها عند حدوث أي خطر محتمل ولاسيما الخطر القادم من الحدود السورية. إن دولة الكيان الصهيوني لم تقبل مبادرة السلام العربية ولم تنفذ منها أي قرار أو شرط بل ولم تبدي أية اهتمام بما يطرحه العرب في مشاريع الدولتين وذلك للقناعة الكبيرة لدى دولة الاحتلال بأنها قد تخسر الكثير في حالة استجابت للمبادرة وقامت بالانسحاب عن جزء من المناطق الفلسطينية المحتلة، كما أن نموذج انسحاب ” إسرائيل ” من قطاع غزة والخسارة الكبيرة التي منيت بها بعد انسحابها من القطاع لازالت ماثلة أمامها، فهي باتت في هذه الأيام تحسب ألف حساب لأية خطوة قد تخطوها وقد تكلفها الكثيرة .. إن الهم الأكبر للعدو “الإسرائيلي ” يتمثل في كيفية التعامل مع الظروف السياسية الجديدة التي يحياها العالم العربي إلى جانب التفكير في النووي الإيراني، ولكن القضايا الأساسية الماثلة أمامها هو تأمين جبهة الحدود مع سوريا والحفاظ على هضبة الجولان المحتلة، بعد سقوط نظام الأسد، وكيفية التعامل مع سيناء والتهديدات القادمة منها بعد إطلاق عدد من الصواريخ على البلدات ” الإسرائيلية ” وقطاع غزة وكيفية الوقوف في وجه المقاومة الفلسطينية التي تسعى دوما لتطوير قدراتها العسكرية وهي على أهبة الاستعداد لصد أي هجوم ” إسرائيلي ” جديد على القطاع الصامد .. أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي تسعى جاهدة لتحريك مسارات عملية التسوية وبدء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي علها تحرك المياه الراكدة في هذا الملف وتستطيع فرض مبادرة أمريكية جديدة ورؤية سياسية لما يسمونه حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، بحس الرؤى الإسرائيلية والأمريكية، فقد قام وزير الخارجية الأمريكي كيري بجولات مكوكية بين رام الله وتل أبيب وعمان لإحياء ملف المفاوضات وتوضيح الأدوار الجديدة لواشنطن في هذا الملف. أما ما عرضته مؤخرا جامعة الدول العربية من مبادرة لتبادل الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن هذا الأمر على خطورته يؤكد على أن الجامعة تتساوق وتتماشى مع الأطروحات ” الإسرائيلية ” وتعترف الجامعة لليهود بأن لهم حق في أرض فلسطين، بل إن هذه المبادرة يتبعها تنازل عن الكثير من حقوق الفلسطينيين على رأسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم و قضايا الحدود والعمل على إيجاد صيغ جديدة للحل النهائي للصراع بين الشعب الفلسطيني و” الإسرائيليين ” . على مدار تاريخ نضال شعبنا الفلسطيني من أجل تحرير أرضه منذ الاحتلال البريطاني عام 1917م عرض على الفلسطينيين الكثير من المبادرات الغربية للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني، ثم جاء قرار تقسيم فلسطين في عام 1947م وبعدها توالت القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل للصراع بين الفلسطينيين والصهاينة ولكن جميع المبادرات والحلول كانت في صالح الكيان الصهيوني بل وشكلت تثبيت له على أرض فلسطين ولم يحصل الفلسطينيين على شيء إلا من خلال البندقية والصاروخ. إلى الملتقى ،،