نشاطات المؤسسة

ندوة: العراق أين كان وأين يتجه؟

ندوة: العراق أين كان وأين يتجه؟

مؤسسة الابرار الاسلامية – لندن

الضيوف: الدكتور سعد جواد قنديل والدكتور عدنان الشمحاني والدكتور امير المختار.

التاريخ: 2 مارس 2023

الدكتور سعد قنديل:

لم يكن التغيير محدودا بل كان تغييرا في المنظومة السياسية والاقتصادية. يستغرق التغيير اجيالا. هذا التغيير رافقه نجاح واخفاق ايضا:

نتطرق لعناوين بدون التطرق للتفاصيل. الحديث عن التحديات الكبيرة الاساسية منها:

اولا: العدالة الانتقالية: عندما ننتقل من نظام شمولي الى نظام ديمقراطي تواجه الشعوب، امامنا نماذج كثيرة للتغيير كما حدث في اوروبا الشرقية التي تحولت في العام1989 و 1990 من نظام شمولي مثل بولندا والمانيا الشرقية ودول البلطيق الى نظام ديمقراطي. النظام الحي هو جنوب افريقيا. من الصدف ان اعمل سفيرا في بولندا وجنوب افريقيا، وكان هناك مجال كبير للمقارنة في آليات التحول الديمقراطي في هذين البلدين مقارنة بالعراق.

قبل الدخول في السلك الدبلوماسي كنت عضوا بمجلس النواب في دورته الاولى وكنت عضوا بلجنة كتابة الدستور، فواكبت تطورات العملية السياسية منذ بدايتها.

العدالة الانتقالية: حين تواجه الشعوب التغيير ماذا تعمل بالمؤسسات والافراد والرموز المتعلقين بالنظام السابق.

هناك اتجاهان: انتقامي بان تفرض العدالة نفسها وينال هؤلاء جزاءهم ضمن القانون، وهناك اتجاه للعفو وبدء صفحة جديدة. ليس هناك مجال للحديث المفصل حول هذه الامور.

اكثر البلدان من اجل الحفاظ على الاستقرار تعمل بالعدالة الانتقالية، اي ضمن قوانين خاصة بالفترة الانتقالية بهدف حفظ السلم المجتمعي، لان رموز النظام السابق متجذرون في المجتمع، فاذا سعيت لاجتثاثهم فان ذلك يؤدي حالة من عدم الاستقرار، كما انهم يمارسون دورهم في ادارة الدولة وليس من السهل تغطية هذا الفراغ. مبدأ العدالة الانتقالية اول ما عمل به في جنوب افريقيا يستند الى ثلاثة مباديء:

اولا: مرتكبو الجرائم في الفترة الماضية يعفى عنهم بشرط الاعتراف بالجريمة وعدم اعادتها.

ثانيا: تعويض الضحايا.

كان هذا هو الموضوع في العراق آنذاك. ماذا نعمل مع ما يقارب مليون شخص من حزب البعث وعشرات الآلاف من القيادات والاشخاص الذين يعلمون في المؤسسات الأمنية والتعذيب وسواه.

التحدي الآخر هو السلم المجتمعي: هذا التغيير يؤدي الى عدم استقرار في المجتمع، والمجتمع العراقي متعدد القوميات من كرد وعرب ومتعدد المذاهب من سنة وشيعة ومتعدد الاديان.

كان الوضع الاجتماعي مهددا باشتعال النار خصوصا عندما يحدث تحول اجتماعي كبير. هناك شرائح تتراجع واخرى تتقدم. كان هذا تحديا آخر. وكان هناك تحد آخر وهو الحفاظ على الوحدة الوطنية.

كانت هناك دعوات انفصالية: كان الاكراد يتمتعون بحكم ذاتي ويطمحون منذ سنوات للاستقلال وكان لديهم امل بتأسيس دولة كردية بعد سقوط الدولة العثمانية ولكن الظروف السياسية لم تسمح لهم. وكانوا يستغلون كل فرصة لتحقيق الاستقلال.

ووضع الطائفة السنية، بعد حدوث التراجع السياسي كان يمكن ان تحذو حذو الاكراد كان هناك اتجاهان لدى الطائفة السنية: الحكم المركزي او الحكم الذاتي، وكذلك كان لدى الطائفة الشيعية توجه لتأسيس حكم ذاتي. هذه الدعوات كانت تتجه نحو تباعد المكونات وليست تقاربها.

التحدي الآخر هو الاقتصاد: هذا موضوع اختصاصي وفني ومتشابك. الانظمة الشمولية تكون اقدر على السيطرة على الاقتصاد من الانظمة الديمقراطية. الاقتصاد في العهد السابق كان متماسكا وقويا وبعد التحول اصبح هناك تراخ في الاقتصاد والحفاظ على حالة اقتصادية قوية خصوصا الاقتصاد المنتج، وليس الاقتصاد الريعي.

التحدي الآخر: الارهاب

لم يكن في العراق ارهاب في الفترة السابقة للاحتلال، وانما الاحتلال هو الذي صنع مغناطيس لجذب القوى الارهابية، في البداية بعنوان محاربة الاحتلال. كانت هناك مصلحة مشتركة. الاحتلال هو الذي فتح الابواب وعمل المغناطيس لجذب الارهاب. بدلا من ان يحارب الارهاب الحلفاء، دفع العراقيون الثمن. هذا ما حدث، وبالنتيجة وجدنا ان الا رهاب عمل هدنة مع الاحتلال وتوجه نحو الشرائح العراقية. هذه هي التحديات الموجودة.

الانجازات التي تحققت في هذه الفترة:

اهم انجاز هو الدستور بايدي عراقية وضمن آلية منتخبة من الشعب العراقي. كان هذا المطلب الذي طرحه المرجع السيد السيستاني في تحد واضح وصريح لسلطة الاحتلال التي ارادت ان تشكل لجنة كتابة الدستور بطريقة امريكية، ويكتب على النمط الغربي الامريكي

لكن السيد السيستاني بعث رسالة واضحة وصريحة بانه ما لم يكتب الدستور بايد عراقية من لجنة منتخبة فسوف يفتي بحرمة الدستور فاضطر بريمر للموافقة فاجريت الانتخابات في 2005 وكتب الدستور في ذلك العام من قبل الجمعية الوطنية وكنت عضوا في البرلمان ولجنة كتابة الدستور.

العنوان الآخر: السلم المجتمعي، في 2006 عندما قتل الزرقاوي وجد في مذكراته توجيه لكل جماعة داعش والقاعدة انه ما لم تشعل الحرب الطائفية الشيعية السنية فعلينا ان نرحل من العراق لاننا ليس لنا وجود في العراق بدون الحرب الطائفية وقد تجاوزها العراق والمخاطر، وموضوع الوحدة الوطنية تم تجاوزها من خلال النظام الفيدرالي الموجود برغم وجود دعوات الكرد لتحقيق الاستقلال الكامل.

الانجاز الآخر: ستة انتخابات وصناديق الاقتراع وتداول سلمي للسلطة ست مرات.

الانجاز الآخر: دحر الارهاب وداعش الذي دخل العراق في 2014 وسيطر على ثلث العراق مثل الموصل، استمرت العملية ثلاث سنوات وفي 2017 تم تطهير آخر منطقة تسيطر عليها داعش. داعش تعمل في السر ولكن ليس لديها اراض تحت سيطرته.

التراجعات:

  • العملية الديمقراطية لم تؤد اغراضها ولا توجه ديمقراطية معتمدة.
  • هناك اشكالات على هذه العملية وما يزال امامنا الكثير لتحقيقها.
  • تفشي الفساد، حتى بلغ مرحلة خطيرة تهدد كيان الدولة العراقية.
  • الاقتصاد الذي بقي ريعيا، 90 بالمائة من الواردات تعتمده على النفط.
  • المؤسسات الانتاجية متراجعة وعديمة الفاعلية.
  • الدولة تنتج النفط وتوظف اكبر عدد من الموظفين والبطالة المقنعة.

 

الدكتور عدنان الشحماني

سنقيم جلسات بمركزنا حول مرور 20 عاما على التغيير. العنوان مناسب: اين كان والى اين يتجه؟ عشرون عاما من الدماء، من الممارسة الديمقراطية.

ثلاثة مشاهد يتجه اليه العراق:

  • بقاء الوضع على ما هو عليه.
  • توجه نحو الافضل.
  • توجه نحو التراجع.

هذه المشاهد مرتبطة بالفواعل الثلاثة.

الاول: الفاعل الدولي الذي له تاثير كبير في السياسة.

الثاني: الفاعل الاقليمي الذي يلعب دورا كبيرا في العراق.

الثالث: الارادة المحلية الحقيقية.

الفاعل الاساس هو الفاعل المحلي، اذا لم تكن هناك ارادة قوية قادرة على التاثير على السياسات الاقليمية والدولية، فذلك سيحدد بوصلة العراق اما نحو التراجع او الجمود او التطور والارتقاء.

التركيز على الاشكالية الرئيسية:

لا الوم الدول الكبرى فحسب، فاللاعب الدولي والاقليمي اذا وجد مجالا يتمدد واذا وجد ارادة محلية يضطر للتراجع. هل كانت هناك ارادة محلية عراقية ترتقي الى مستوى التحدي الدولي والاقليمي؟ لم يكن ذلك موجودا.

العراق قبل 2003 لا وجه للمقارنة، كان هناك نظام ديكتاتوري استبدادي، قادت العراق الى تخلف وحروب عبثية. ليس من المنطق ان نقارن العراق بما كان عليه. ما يجب ان نقارن العراق بالدول الاخرى وليس بالنظام الديكتاتوري. لماذ حصل تقدم في اليابان والمانيا ولم يحصل في العراق؟

الدول التي دخلتها الديمقراطية فلنقارن تجربتنا بها:

الجمهورية الاسلامية في ايران: لماذا تقدمت وكيف؟ نقارن تجربتنا بايران مثلا او اليابان او المانيا وليس بالنظام السابق.

التجربة المحلية والارادة المحلية كانت منقسمة وساهم في هذا الانقسام الفاعل الدولي والاقليمي. كلاهما ساهم في الانقسام المذهبي والقومي في العراق، والفاعل الدولي وجد ارضية للانقسام لما استطاع تحقيق شيئ. استثمر الاستعداد النفسي والقومي والمذهبي الذي اضعف العراق كدولة لاتخاذ قرارات دولية او قومية.

اصبح لدينا ثلاث سلطات: سلطة يقودها الاكراد وسلطة للسنة وسلطة للشيعة. يجب ان يكون هناك موقف واحد تجاه القضايا الاقليمية والدولية. ثم انتقل الانقسام الى انقسامات داخل المكونات المذهبية. صانع القرار الاقليمي والدولي قادرة على خلق حالة عدم الاستقرار.

نتحدث عن شكل الدولة العراقية، وانما موجود سلطة تتقاسمها قوى تحت عناوين قومية ومذهبية واحزاب وقوى كذلك. النتيجة ان الدولة لا تستطيع تنبي سياسات فاعلة.

المسؤولية الكبرى لا تقع على القوى الدولية فحسب. لا احمل امريكا المسؤولية او السعودية او ايران فحسب، بل أحمل صاحب القرار المحلي من يحدد بوصلة العراق للمرحلة المقبلة. المشهد الثاني نحو التراجع. المشهد الثالث نحو التطور وبناء دولة حديثة. لا توجد دولة خدمات يتناسب مع حجم ما لدى العراق من امكانات.

القوى المحلية هي التي تقرر مستقبل العراق. هذه القوى منقسمة واعادت صناعة موقف الدولة العراقية، مجلس النواب، والحكومة ومجلس القضاء.

الخلاصة اننا بحاجة لمراجعة للدور المحلي في تحديد توجه العراق مستقبلا.

 

الدكتور امير المختار

كيف كان العراق في 2003؟ هل كان مستقرا ومترعرعا.

تركته في 1977 ورجعت في 2003 فرأيته مختلفا: عندما دخلت العراق من الاردن كانت هناك لافتة مكتوب عليها اهلا وسهلا بالعراق الحر، وهناك جندي امريكي محتل لبلدي  واقف تحت هذه اللافتة. الامريكان لم يأتوا العراق محررين.

هناك فيديو لمسؤول بالبنتاجون بعد 11 سبتمبر يقول لدينا سبع دول سنضربها: ايران، لبنان ليبيا السودان العراق سوريا واليمن.

فقد العراق سيادته وهي المشكلة الكبرى.

من الذي يحكم العراق منذ العام 2003 سياسيا واقتصاديا؟

السفيرة الامريكية تصول وتجول.

العراق فقد سيادته في 1991 عندما وقعت اتفاقية صفوان الاستسلامية.

الجيش الامريكي كان موجودا في كل مكان لم يطلق عليه احد طلقة.

صدام استهدف من يعاديه حتى لو كانوا اهل بيته. لم يسلم منه السنة او الشيعة او الاكراد، حتى حزبه قتل منهم50  شخصا اغلبهم قياديون.

دخلت مدينة الطب في 2004 وانا خريج بغداد، رأيت فيها ادوات متواضعة. لم استطع السيطرة على عاطفتي.

الطابق السابع الذي نام فيه فؤاد معصوم كنا نصعد الماء له بالسلم. الشارع محفور. الحصار الاقتصادي في 1991 دمر العراق. صدام دمر العراق خلال الحرب العراقية الايرانية. الانسان اما قتل او هجر. كلنا دفعنا ثمنا باهضا. كان العراق في 2003 محطما لم يكن هناك كهرباء.

كان المبنى الـ 16 من مستشفى مدينة الطب تحت اشراف المخابرات العراقية.

في 2006 حدثت انتخابات. استلم احد رؤساء الورزاء الحكومة. عسكري امريكي كان يعطينا سبع بطاقات لدخول المنطقة الخضراء. قصفت مدينة الطب بالصواريخ. الامريكيون يأتون بالجرحى الى مدينة الطب، ولا تستطيعون تامين الطريق بين الخضراء ومدينة الطب؟

الدولة فاقدة للسيدة. شعب مقسم ومنهك والفقر مدقع، الكفاءات هربت. القوى الوطنية مقسمة ومتناقضة. الدول المحيطة ساهمت في ترتيب التفجيرات. اطلعت على ملفات الـ 56 المطلوبين من قبل القوات الامريكية وقدمنا شهداء من اخواننا كعمار الصفار مثلا.

بعد فترة بدأ اغتيال الأطباء وذهبنا الى رئيس الوزراء قال: ماذا استطيع ان افعل؟ سابني لكم منازل قريبة:

متى يبلغ البنيان يوما تمامه  اذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

نحن مقسمون في ما بيننا. لم نستطع وضع علاج لمرضنا المستشري. الواقع ان رئيس الوزراء تتجاذبه الاتجاهات ولا يستطيع حزبه او مذهبه او قوميته ان يسيطر عليه. كان مطلوبا ان تبقى بغداد ممزقة. الى اين نذهب؟ اذا لم تكن هناك سيادة للعراق فلن نستطيع ان فعل شيئا وان يجتمع العراقيون على المشتركات.

اين نحن من تحمل المسؤولية؟

اذا استمرينا بتسقيط القدوة والرمز، بانه سارق وفاسد فما الذي ابقينا؟

هناك العديد من الشرفاء الذين عادوا الى البلد يقفون ضد الفساد والانحراف والتبعية للاجنبي.

اليوم رئيس الوزراء يكلف شخصا ونبدأ بالحديث ضده. اذا لم نستطع جمع المشتركات فسنظل مختلفين. الجيل الاول من المسلمين فشل كما في معركة احد. ابتعدنا عن الناس في الشوارع، واذا لم نسترجع البوصلة الحقيقية لوحدة الوطن فسنظل في ازمتنا. في صلح الحديبية تصالح رسول الله مع اتعس الناس، ثم حقق الانتصارات. علينا ان نحمي القيادات ولا نسقطها ان اضعنا القدوات. لو لم يطرح السيد السيستاني فتواه لما بقي شبابنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى