نشاطات المؤسسة

الإمامة والهوية

احتفال مؤسسة الابرار الاسلامية بمناسبة ذكرى ولادات أقمار شعبان

الإمـام الـحـسـيـن (ع) والإمـام زيـن الـعـابـديـن (ع) وأبـو الـفـضـل الـعـبـاس (ع)

كـلـمـة بـعــنـوان: الإمـامـة والـهــويـة لسمـاحـة الـشــيـخ شـهـاب الـديـن أحـمـد (باحث وأستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف)

مشاركات شعرية:

الـشـاعــر هــادي دويـلــة

تواشيح وجلوات للرادود الحسيني:

الحاج مـهـدي سـهــوان

التاريخ: 23 فبراير 2023

 

الشيخ شهاب الدين أحمد

يرى السيد الشهيد محمد باقر الصدر ان دراسة الامامة بالنظرة التجزيئية تولد عدة مشاكل.

هناك نظريتان لدراسة الائمة:

الاولى: اتجاه مألوف ومتعارف ينظر للمعصوم بانفصال عن المعصوم الآخر. فحين ندرس حياة الامام علي عليه السلام والاضطرابات التي واجهته ثم نقوم بدراسة منفصلة عن حياة الامام الحسن والامام الحسين عليهما السلام ونسعى لابراز عناصر كل إمان، فان ذلك يولّد عدة مشاكل. ومن اهم المشاكل ما يسمى بالتناقض الظاهري في السلوك. فالامام الحسن عليه السلام يعقد صلحا مع معاوية بينما الحسين عليه السلام في وقت متقارب يعلن الثورة ضد يزيد حتى يستشهد. الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يتخذ الدعاء منحى له. الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام يتخذ طريق بناء الجماعة الصالحة. فبعض الائمة يشن الحرب على الحاكم الظالم، وبعضهم يمارس التقية.

يقترح الشهيد الصدر ان تدرس حياة الائمة بنظرة كلية اي تجمع حياة الائمة ككل وبذلك يزول التناقض في السلوك، فتفسر مهادنة الحسن وثورة الحسين بانه اختلاف في الاساليب. الجوهر ان الهدف العام للائمة يقتضي ان يهادن الحسن ويثور الحسين عليهما السلام.ويلتزم السجاد بالدعاء والباقر عليهما السلام منحى آخر. ادى هذا الاختلاف الذي يعتقد اصحاب النظرة التجزيئية بوجوده، الى اختلاف في السلوك. الائمة اتفقوا على المحافظة على الهوية الاسلامية فتارة تتخذ شكل الثورة وتارة المهادنة.

يرى الشهيد محمد باقر الصدر ان الاجدر درساة حياة الائمة بالنظرة الكلية ونفسر التعدد انه تنوع في الاسلوب.

فحين اراد الائمة الحفاظ على الهوية الاسلامية مارسوا ادوارا ثلاثة:

الاول: تفادي صدمة الانحراف. هذه المرحلة التي عاشها الامام علي عليه حتى الامام زين العابدين عليهما السلام، حدث انحراف بعد رسول الله (ص)، كان يمكن ان يقضي على الاسلام ويهدد مصالح الائمة الاسلامية، فيصبح الاسلام قصة في التاريخ بدون امتداد زمني.

الائمة الاربعة عاشوا صدمة الانحراف وقاموا بالتحصينات اللازمة بما استطاعوا فحافظوا على الخط العام للاسلام. الامام علي عليه السلام ارتآى الابتعاد فترة ثم يراقب. الائمة الاربعة حينما واجهوا صدمة الانحراف حاولوا ان يوقفوه قدر الامكان.

في ذكرى ولادة الامام الحسين عليه السلام، نحاول اختيار موقفه إزاء صدمة الانحراف. الامام الحسين وقف ليعالج مرضا من امراض الامة كما وقف الحسن ليعالج مرضا آخر من امراض الامة. الامة الاسلامية مرت بمنحيين خطيرين:

الاول: انها لا تميز بين القيادة الشرعية الالهية المنصوص عليها والقيادة التي امسكت بزمام الحكم. هذا المنحى اظهر شكا في القيادة. حاول الامام الحسن عليه السلام لمعالجة هذا الانحراف واستخدم الهدنة لعلاجه. انكشف معاوية امام الناس واتضحت القيادة الحقة من القيادة المزيفة. حين انكشفت الحقيقة وظهرت قيادة ترأف بالامة، ظهر مرض ضعف الارادة بعد تشخيص الطريق. وقف الامام الحسين لكي يعالج هذا المرض الخطير وهو ضعف الارادة فهو مرض مستمر حتى يومنا هذا. الانسان قد يشخص الحق ولكنه لا ينصره تشخص لديه الباطل ولكنه لا يخذل الباطل.

امام الانسان في مسيرته عقبتان وبدون تجاوزهما لا يتحقق هدف خلق الانسان، ﴿يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه﴾:

العقبة الاولى: تشخيص الطريق الذي يوصله الى السعادة ويجنبه المساويء فيميز الحق من الباطل.

العقبة الثانية: سلوك طريق الحق بعد تشخيصه وتجنب طريق الباطل وحين لا يستطيع التمييز بين الحق والباطل  وبعد التمييز يظهر ضعف الانسان. هذه العقبة اصعب من العقبة الاولى، لذلك سقط الكثير من الناس في الطريق ليس لانهم لم يشخصوا طريق الحق من طريق الباطل ولكن بعد التشخيص يظهر ضعف الارادة.

الامام علي في دعاء الصباح يوضح هذه الحقيقة: إلهي ان لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي اليك في واضح الطريق. ان طريق الحق واضح وطريق الباطل واضح لكن لا اتمكن من السير على طريق الحق وتجنب طريق الباطل. الامام يشخص ان المشكلة الثانية هي عدم وجود الارادة… فمن السالك بي اليك في واضح الطريق ويقول: وان خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان فقد وكلني خذلانك الى حيث النصب والحرمان. المفروض ان المحارب للنفس والشيطان قد شخص عدوه، فقد وكلني خذلانك الى حيث النصب والحرمان.

القرآن الكريم اشار الى هذه العقبة ويشير الى ان السبب في عدم سير الانسان على طريق الحق هو ارتكابه الذنوب. يقول القرآن في سورة آل عمران: ﴿ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان، انما استزلهم الشيطان﴾. حينما يلتقي الجمعان لا بد ان تتضح الصورة، فمن الذي دفع بعضهم للانهزام من المعركة؟ ذهبوا للحرب وواجهوا احتمالات الموت ففشلوا في التشخيص واستحوذ عليهم الشيطان. انهم يعرفون ان تكليفهم كان على خلاف ما يعلمون وذلك بتأثير من الشيطان وان وسوسة الشيطان. آيات عديدة يستدل بها على ان الامة في زمن الامام الحسين عاشت مرض عدم السير في طريق الحق وتجنب طريق الباطل.

من هنا نجد الامام الحسين عليه السلام في حركته يحاول الدخول الى عمق الانسان ويركز على نقاط الضعف في الانسان. يدخل الى الانسان في عمق احساسه بحركته، كان قلقا على انسانية الظلمة ويخشي من الظلمة على انسانية الانسان. قال الامام الحسين عليه السلام: اتخذوا مال الله دولا. الله هو مالك الكون، هذا المال الذي يجب ان يصرف في سبيل الله، اصبح مال الامير واتباعه. من هنا يقول الحسين، اتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، اي اتخذوهم عبيدا. من هنا اراد الامام الحسين عليه السلام ان يرسم للانسان البعد الانساني وان ينطلق به على طريق التحرر حينما هجم الاعداء على مخيمه قال لهم: يا شيعة آل ابي سفيان، ان لم يكن لكم دين ولا تخافون المعاد فكونوا احرارا في دنياكم.

اشار الى مسألتين

اولا: اذا كنتم لا تلتزمون باحكام الدين فكونوا احرارا، والحر هو الذي لا يبيع موقفه لمن يعطيه المال.

واثار مسألة اخرى، حيث كان يحرك فيهم قيم العروبة.

الجانب الانسان في الخطاب الحسيني تجلى حين طلب والي يزيد من الحسين البيعة “الا وان الدعي بن الدعي قد ركز بين السلة والذلة..”  هنا يخاطب الحسين الانسان ككل وان لا يتخلى عن العزة التي منحها الله عباده، ولله العزة ورسوله والمؤمنين، يقول الامام جعفرالصادق عليه السلام: ان الله فوض الانسان اموره كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى