الاخوة العملية في بناء الاسلام

كلمة القيت في مؤتمر منتدى الوحدة الاسلامية الثالث عشر الذي اقيم عبر العالم الافتراضي 3-4 يوليو 2020
الاخوة العملية ساهمت في بناء الاسلام، وساهمت في التغلب على التباينات.
تذكر في هذا المجال الكثير من الآيات والاحاديث، حيث تحدث الله عن هذا المجتمع: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.
” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
“المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص”.
نعاني عندما لم نحول هذه الاخوة الى مشروع عملي. لا يشعر احدنا بواجبه تجاه الآخرين، يشعر بمسؤوليته تجاه اهله واولاده ولكن ليس تجاه اخوانه المؤمنين.
هناك جهد حثيث لاثارة الفتن، ونحن مجتمع مهيأ لذلك فليس لدينا مناعة.
الخوف سببه عدم تجذر الشعور بالاخوة الايمانية لدى الانسان. لو شعر المجتمع الاسلامي بهذه الروح لذابت الحساسيات والتوترات. عندها لا يعرف المجتمع حقدا او سوء ظن وسوف لا يأتي بعمل يسيء للآخرين.
لا يمكن للمؤمن ان يقطع مع اخيه اكثر من ثلاثة ايام.
دور مثل هذا المؤتمر دراسة سبل استعادة هذه الاخوة،. نحتاج التربية لاولادنا ليشعروا بالاخوة ما بينهم. قد نشعرهم بالانتماء للوطن ولكن لا نشعرهم بأخوة ايمانية تجاه الآخرين في مواقع اخرى.
نحن بحاجة لتأكيد هذه القيمة في داخلنا لنقيم مجتمعا متراصا.
الاسلام بنى العلاقات داخل العلاقات على اساس الدوائر المفتوحة: انا جزء من عائلة، ومن قرية او مدينة او جزء من وطن ولكن انا جزء من الوطن الاسلامي. هذه الاخوة بحاجة الى اعادة نظر في واقعنا والمجتمع الذي نعيشه فيه.
هذا الشعار يختزل على مستوى المذاهب. السنة اخوة فقط. الشيعة اخوة فقط في ما بينهم.
جعل الايمان برحابته وسعته مقياسا.
ان تكون مؤمنا يعني ان تلتقي مع الآخرين على الايمان. الاخوة لا تمنع الاختلاف بين المذاهب لكنها ستجعل الاختلاف لا يتحول الى خلاف مذموم يعقد العلاقات.
في تاريخنا الاسلامي هناك امثلة منعت عناصر الفتنة التي كان يراد لها ان تحصل داخل المجتمع الاسلامي. عندما هاجر المسلمون من مكة الى المدينة هاجروا بكل تنوعاتهم، وكان بالامكان ان تؤدي لتناحرهم، والتقوا بالانصار وانصهر الجميع في المجتمع الجديد. استطاع هذا المجتمع ان يفتح العالم ويوصل صوته الى العالم.
محطة اخرى هي العلاقة التي نشأت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بين الخلفاء في ما بينهم، وهي علاقة حكمتها الغيرة على الاسلام والمسلمين، ولم تكن هناك هذه القطعية التي نعيشها في مجتمعنا.
الشيعة ينطلقون من التزامهم بالامام علي عليه السلام. السنة ينطلقون من التزامهم بالخلفاء.
يكفي ان نذكر الصورة التي عبر عنها الامام علي عليه السلام عندما واجه المرحلة وكان ينطلق من ان الخلافة له بناء على نص رسول الله في غدير خم.
قالها كلمة اشعر فيها باهمية هذه الغيرة على الاسلام، وانطلق في علاقة ايجابية مع كل الخلفاء. كان هناك النصح والتواصل وعلاقات جيدة.
علاقة الامام علي عليه السلام مع عمر بن الخطاب توضحها نصيحته لعمر.
تحدث الامام عليه السلام عن ضرورة ان لا يكون هو في هذا الموقع: ان الاعاجم اذ ينظرون اليك قالوا: هذا اصل العرب، اشار عليه ان لا يذهب، لان القوم سيتوجهون اليه ويؤدي ذلك الى عدم الانتصار.
الامام عبر عن هذه الروح: الاخوة والحرص على الخليفة. في المقام الاخير نجد الخليفة عمر بن الخطاب يشكر الامام على ما يقدمه من نصائح: لا ابقاني لمعضلة ليس لها ابو الحسن.
هذا ما ينقله السيد هاشم معروف الحسين في كتابه” الائمة الاثنا عشر”.
الائمة دعوا لتمتين العلاقات داخل المجتمع الاسلامي.
ابوحنيفة قال: لولا السنتان لهلك النعمان.
الامام جعفر الصادق عليه السلام كان يدعو تلامذته للدراسة عند الامام مالك. نحن بحاجة لاستحضار هذه الرحابة التي كانت موجودة بين الائمة والصحابة. لم يكن هناك قطيعة او سعي ليغدر الواحد بالآخر ليضعفه.
كانت المصلحة الاسلامية حاكمة، كان هناك تشاور وتلاق ونصح. مع الاسف لا نعيش هذا الرقي في علاقاتنا. نحن بحاجة للعودة الى هذه الاخوة بكل قيمها، نربي المجتمع في المساجد. كل شخص ينتمي لمذهب ولكن ليفتح الابواب على الآخرين. انها مسؤولية يسأل الانسان عنها عندما يقف امام الله للحساب. نتمنى لهذه الاخوة ان تكون العنصر الاساسي. وعندما ينفتح الجميع ستزول المخاوف والتوترات التي يصنعها الواقع السياسي ومن لا يريد خيرا لهذه الامة. لكن اذا بقي كل في موقعه يصنع المخاوف من الآخر، واذا شعر انه لم تعد هناك قواسم مشتركة في الفقه والعقيدة سنظل نعاني اكثر.
نسال الله ان يجعلنا ممن يعمل لهذه الاخوة ويعمل من اجلها، وان تكون بابا للانفتاح من واقع الوحدة وليس الانقسام والتشرذم.
ها هي فلسطين مثال على نتائج هذا التشرذم والانقسام