فكر إسلامي

الصِّراعُ وَالغَزْوُ وَالَقَهرُ مُفرداتٌ غربيّةٌ

الشيخ زعيم الخيراللهzaeem2

يَتَحَدَثُ الْغَربِيُّونَ عن الصِراعِ، صِراعِ المصالحِ والصراعِ على النُفُوذِ، وَصِراعِ الطَّبَقاتِ، وهذه الفكرة، فكرةُ الصراعِ على النفوذِ والمواقع عرفتها الحيواناتُ في الغابةِ. ولا وجودَ في قاموس الساسة الغربيين – الذين يبحثون عن السلطة والقوة  لصراعِ القيم – صراعِ الحقِ مع الباطلِ، والخيرِ مع الشَّرِ، والفضيلةِ معَ الرذيلةِ .

الله تعالى يقول: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾. الانبياء: الاية:(18). وهذا الصراعُ الذي يطرحهُ القرانُ الكريمُ هو صراع قيمي لاعلاقة لهُ بصراع المصالح او الصراع على النفوذ او صراع الطبقات. وألله تعالى يتحدث في كتابه عن الغلبة . يقول الله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. المجادلة: الاية: (21). ولكن هذه الغلبة هي غلبة قيمية غلبة القيم الآلهيّة التي يحملها رسلُ الله تعالى.

وَأَيْضاً في الادبيات الغربية يتحدثونَ عن الغَزو، غزو الفضاء، غزو البلدان، ويتحدثون عن قهر الطبيعة وتفجيرِ الذَّرَةِ، وكأَنَّ العلاقةَ بينَ الانسانِ والطبيعة وبينه وبين اخيه الانسان هي علاقة الصدام والقهر والاخضاع، لا ان الانسانَ كائنٌ في هذا الوجود يعيش مع كل مفرداتِ الكون التناغمَ والتناسق والتسخير لموجودات الكون بلا قهرٍ ولا غزوِ ولا صراعٍ .

وهذه البيئة الغربيّة أَفرزت دارون الذي تحدث عن العلاقة الصراعية للكائنات الحيّة فيما عرف بتنازع البقاء وبقاء الاصلح والتي طبقها هتلر. فكرةُ الصراع متجذرة في العقليّة الغربيّة، وماركس ايضاً طرحَ فكرةَ الصراع (صراع الطبقات)، وطرح فكرة الصراع في الوجود كله من خلال المادية الديالكتيكية، والديالكتيك أَخذهُ كارل ماركس من الفيلسوف الالماني هيغل .

الجاهليون كانوا يعيشون حالةَ احترابٍ وصراعاتٍ قبلَ الاسلامِ، وبعد الاسلامِ صاروا اخوةً متحابينَ. يقول الله تعالى :﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾. ال عمران : الاية: (103).

وهذا الواقع المشحون بالاحتراب والصراع والصدام وصفته سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام: (وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القِدَّ والورق، أذلّةً خاسئين. تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم. فأنقذكم الله تعالى بمحمد (صلى الله عليه وآله).

الغربيون انتجوا مفهوم القطيعة المعرفية، بدلاً من مفهوم التواصل المعرفيِّ على اعتبار ان المعرفةَ الانسانيّةَ عمليّةٌ تراكميّةٌ صنعتها اجيال. ومن اميركا تحدث صاموئيل هانتنغتون عن صدام الحضارات وفوكوياما عن نهاية التأريخ .

لماذا لا نعيش الوئامَ والسلام والتناغم مع مفرداتِ هذا الوجود؟ ولماذا لا تكون العلاقة بين الانسان واخيه الانسان هي الحب والوئام بدلاً من الصراعاتِ والاحقادِ والحروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى