
الذكاء الإصطناعي وآفاقه: نعمة أم نقمة؟
الذكاء الاصطناعي: نعمة أم نقمة
الدكتور علي العتابي
ندوة أقيمت في مؤسسة الابرارالاسلامية بتاريخ 9 اكتوبر 2025.
التكنولوجيا هي الآلة التي تساعد الانسان في المهمات الحياتية. التكنولوجيا هي هندسة عكسية لما هو موجود في الطبيعة، فيها ابتكار جديد وقليل من الابداع.
القطارات السريعة تدخل النفق وتسبب صدمة في الهواء فتحدث صوتا عاليا، فكيف نتفادى ذلك؟ نذهب الى الطير وكيف يدخل ويخرج من الماء بدون صوت ونتعلم منه، ونصمم القطار على هندسة الطيور.
هناك محاكاة للعلوم الطبيعية او لعلوم الكيمياء والفيزياء وتحتوي على قوانين. البيولوجيا لها قوانين اخرى.
المحاكماة البيولوجية اصعب. مثلا حيوان “ابوبريص” الوسغ حين ينقطع ذيله يولد ذيلا جديدا.
بين الفيزياء والكيمياء من جهة والبيولوجيا من جهة ثانية لهما منطقة تقاطع، بينهما مسألة اللغة. الذكاء الاصطناعي محاكاة للغة، فلها خاصية انك تستطيع ان تطبق عليها قوانين الفيزياء والكيمياء وكذلك النمو في العالم البيولوجيا.
هناك نظرية التعقيد complex theory. هناك مشكلة صعبة واصعب وهناك مشكلة عويصة.
اللغة هي صعبة جدا، وهناك اشكالات: كيف نحاكي امرا لا نفهمه تماما.
حين نحاكي جناح الطير نفهم قوانين الميكانيا التي تتحكم فيه. اللغة تدخلنا في مشكلة الوعي. هنا تظهر ثنائية اللغة والوعي، وهل هما وجهان لعملة واحدة؟
من اين ينبع الوعي والتفكير؟
في بداية الخمسينات ظهر “ألان تورين” وكتب مقالة علمية وقال: هل يمكن محاكاة الذكاء؟
اقيم مؤتمر في كلية دارتمونت في 1955 ناقشت احدى ورش العمل مسألة الذكاء المصطنع. كان ذلك مظلة لكل البحوث حول هذا الموضوع كان من بين الحاضرين جون مكارثي وغيره. بدأت البحوث وظهرت فكرة او تأسيس لهذا العلم. قالوا: اذا استطعنا ان نصف كل صفات الذكاء بطريقة رياضية نستطيع محاكاتها ولكن لنكتف بما لدينا من فهم.
بدأ ظهور expert system تعتمد على ما يسمى المنطق الرمزي. مثلا: كل انسان يموت، علي العتابي انسان، اذن علي العتابي يموت وطرح موضوع المنطق الصوري. بدأت برمجة الحاسبات وفق هذا المنطق.
الواقع الحقيقي اعقد من ان يختزل بقوانين محددة.
مرت في الستينات والسبعينات مرحلة جمود. في الثمانينات ظهر اشخاص مثل جون ولان همركون
اشتغلا على موضوع التعلم العميق deep learning،
بداوا يبحثون عن الوعي الذي اعتبره اللغة وهو في الدماغ. درسوا الدماغ فوجوده مكونا من ثلاثة اجزاء
الاول: شبكة عصبية معقدة جدا بها وصلات كثيرة
الثاني: نشاط عقلي
الثالث: تيار كهربائي يمر بالشبكة
هذه الامور الثلاثة موجودة في اماكن اخرى. المدينة بها شبكة عصبية ونشاط انساني هادف، وهناك الكون وهو حاضنة للوعي، الكواكب هي الشبكة العصبية. المجتمع كذلك فالناس هم خلايا الشبكة والعلاقات بينهم
تم.
نحتاج شبكة عصبية وتفاعل ومعلومات. سمي ذلك neuron network
ثم بدأ الشتاء الثاني، فمات هذا الموضوع في نهاية الثمانينات. في اواخر التسعينات ظهرت الكومبيوترات وانحلت مشكلة الذاكرة واصبح هناك ظاهرة .com
وتوفرت معلومات واسعة تم انزالها اونلاين، وهناك الخوارزميات وهي خطوات محددة تستخدم لحل مشكلة محددة منها ما هو جبري وما هو اختياري.
في بداية الالفية اصبح هناك عاملان مهمان: كومبيوترات بسرعة عالية، ومعلومات كبيرة data. بدأ الناس يفكرون بشكل جديد. جوجل بدأت تعمل بقوة.
أي بي أم طرحت اجهزة ذكية قوية. اصبح هناك مجال لاختبار سيناريوهات اكبر.
شركة جوجل بدأت تعمل وتقوم بتجارب. في 2017 كتب ثمانية من موظفي جوجل بعنوان: الانتباه هو كل ما نريد. ادخلوا المحولات في الاجهزة الجديدة، فظهرت نتائج غير متوقعة. اصبحت نسبة الدقة في الذكاء الاصطناعي اضعاف المرات. اصبح هناك حل للمشكلة اللغوية.
المكتبة القديمة بها خريطة واقسام جغرافيا، فيزياء، لغة
الكتب مرتبة اما بالموضوع او باسم المؤلف.
المحولات transformers عملت تطورا جديدا. قالوا ان الكلمة تنظر للسياق واصبح هناك قدرة على ربط الكلمة بملايين الكلمات على اليمين واليسار.
هذه العملية ولّدت الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو نظام ارشيف لنظام كبير تستخدمها بطريقتين:
الاولى: هذه جملة مكونة من خمس كلمات، ما هي هذه الكلمات؟
الثانية: ساعطيك كلمة واحدة فاعطني الكلمات على يمينها ويسارها؟
اصبح لدينا نظام يستطيع ان يولّد نصوصا اما بطريق ملء الفراغ او ملء السياق. فلماذا ظهرت النتيجة افضل بمئات المرات؟
هذا يرجعنا الى الفلسفة التي تقول ان اللغة هي عبارة عن جانب من جوانب الوعي. الوعي يعمل بمنطق، واللغة تجسيد للمنطق، وهذه هي النظرية التي عمل بها سيبويه.
ما هو تعريف اللغة وعلاقتها بالمنطق والادراك، هذا يحتاج لمحاضرة.
تبنى الفيلسوف برتراند راسل قول ان النص يحتوي عقل المنتج فاذا اعطيناه للكومبيوتر، فسوف نقوم بهندسية عكسية للمنطق.
راسل قال اذا كان المنطق موجودا في اللغة فنستطيع استرجاعه. عملوا هندسة عكسية للغة. اصبح لدينا هندسة عكسية. مع اننا لم نعرف مصدر اللغة ولا كيف تنتج ولا آليتها.
هناك امور كثيرة لا نعرفها ولكن لدينا تطبيقات لها.
عملية المحاكاة تعني اختزال الواقع بالمنطق واختزال المنطق باللغة، فتم حل مشكلة التظاهر بالفهم.
الذكاء الاصطناعي: هل لديه القابلية للفهم والشعور؟
انها مسألة محاكاة
هناك فرق بين الظاهرة نفسها والتظاهر بها، وهذه تسمى معضلة الغرفة الصينية.
قال: اذا كان هناك شخص في غرفة ولديه قواميس لكل كلمة مقابلها بالصيني، ولديك ورقة تكتب عليها الكلمة بالصينية وترجعها لك بالانجليزي. ولكن هل تعرف ما اذا كان ذلك الشخص صيني او انجليزي.
لا نعرف السؤال الذي نطرحه عن الوعي. هذه هي كيف وصلنا الى كيفية بناء الذكاء الاصطناعي.
هناك جات جي بي تي، اذا استخدمته ستقول ان هذه ليست عملية ارشفة.
لم يعد الامر عبارة عن مخزن واسع، بل اصبح هناك منطق، وفهم لباطن النص وظاهره، وعلاقة اللفظ بالمعنى. يفهم النص اذا كان تهكميا ام سعيدا.
بدأ الناس يعتقدون ان امرا ما يحدث ولكن ان العملية هندسة عكسية. اذا كان بالنصوص مشكلة فستكون النتائج خاطئة. احيانا تجد هلوسة لدى هذه الاجهزة.
المعلومات التي تقدمها للجهاز، وكذلك التعلم المراقب
التعليم تحت الاشراف، وهناك التعليم الموجّه.
تأتي بصور وتقول له: هذا كلب، وهذه قطة ثم تاتيه بصور وتسأله عنها.
الطريقة الثالثة هي التعليم المعزّز، فانت لا تعطيه معلومات ولكن هناك ثواب وعقاب.
فاذا اعطاك الجواب الصحيح تكافئه، واذا أخطأ تعاقبه
اثبتت هذه الطريقة لها فاعلية، حيث حسنت اداءه.
ما زلنا في مجال اللغة.
ثم بدأوا يتحدثون عن الذكاء الاصطناعي الوكيل، اي هناك من يصنف الرسائل في البريد، وهناك من يوصلها
وهناك وظائف جديدة مبنية فوق الذكاء الاصطناعي الاساس.
المشكلة ان هذا الذكاء الاصطناعي اصبح يختزل الواقع، فهو يستطيع ان يجرّب بحدود اللغة.
هناك من يقول: ان اللغة تحد الفكر، او انها احدى مكونات الفكر، او انها أم الفكر، اي التي تشغل الفكر.
الفيلسوف النمساوي فينكلشتاين قال ان اللغة عبارة عن تسميات وهي تجسيد للواقع. ﴿وعلّم آدم الأسماء كلها﴾.
نحن لا ندرك الواقع، بل نراقب العالم من ثقب مفتاح، حواسنا محدودة.
كل ما نتلقاه من العالم الخارجي محدود بمحدودية حواسنا.
لكي تعالج الف كلمة تحتاج عشرة وات، واذا كان اكثر تحتاج وات أكثر. عقلنا قد يستوعب واحد من المليون.
مشكلة الذكاء الاصطناعي يستطيع ان يعمل بأقل من استيعابنا.
نعود لسؤالنا: هل الذكاء الاصطناعي هل هو نعمة ام نقمة؟ الامور التي سيعملها للبشر ستكون هائلة.
في المجال الصحي سيكون التشخيص اضبط. لديه قابلية على وصف الدواء واكتشاف الامراض قبل حدوثها، وايجاد علاجات ولقاحات وادوية وسوف يجيبنا على الاسئلة الاخرى.
المشكلة الحقيقية: هي السلبيات. هناك خطران:
الاول: ان الذكاء الاصطناعي (5-10 سنوات) سيكون اذكى من الانسان.
ليس هناك مثال في الطبيعة ان الذكي يتحكم بالاذكى ولكن الاقوى يتحكم بالقوي. سيظهر ذكاء متفرد.
الثاني: ان يقع الذكاء الاصطناعي بايدي الاشرار فيقتل العالم او يستخدمه للابتزاز والسرقة. الذين بشروا به اصبحوا يحذّرون منه.
الامريكان يريدون ان يسبقوا الصين في صناعة الذكاء الاصطناعي الاقوى.
الحل الثاني: اننا وصلنا ذكاء اصطناعي مع مراعاة الذوق الانساني.
جوجل او اوبن أي آي ملزمة قانونيا بزيادة سعر سهم الشركة وليس الاخلاق والقيم.
مثال واحد: الخصوصية، مدير جات جي بي تي قال: اذا دربت الذكاء الاصطناعي فعلى اي اساس تدرّبه وعلى اي معايير؟ قال: ادرّبه على اساس الرجل الامريكي الابيض، فمن الذي سيكون الضحية؟
المثال الاخير: الاستخدام السيء في مجالات الحرب والعدوان. جوجل قالت انها لن تستخدمها في العسكرية.
جوجل سخرت ما لديها لابادة شعب.
ما دورنا؟ نحتاج الى دول واعية اما تدخل السباق او تحمي نفسها.
سيكون نعمة لصانعه ونقمة علينا.



