
المجلس الحسيني الرابع لمؤسسة الابرار الاسلامية
الحق والصبر في خطبة الامام الحسين عليه السلام
الحق والصبر في خطبة الامام الحسين عليه السلام
السيد علاء آل عيسى
عندما نقف مع خطب الإمام الحسين (ع) فإننا نجد له نص فيما يتصل بالواقع الذي عاشه والتحديات التي واجهها الإسلام، فقد أعطى في الخطبة المعروفة التي خطبها عند خروجه عنواناً لحركته، فقال: “أني لم أخرج أشراً، ولا بطراً (التعالي على النعمة) ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين”.
نجده (ع) يعلن أن الهدف من تحركه ليس من أجل الظلم، بل من أجل أن يرفع الظلم، وهذا هو شأنه وهذه هي رسالته، وليس مفسداً لأنه انطلق من أجل أن يسقط الفساد، وليس أشراً ولا بطراً، بل انطلق من اجل احياء الدين المحمدي.
لذلك لم ينطلق الإمام الحسين (ع) من خلال هذا النص محارباً، بل داعية إلى الله، مصلحاً مغيّراً للواقع ـ إلى أن يقول ( ع): “فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق”، أي إن من يقبلني لا يقبلني لشخصي، ولكنه يقبل الحق الذي هو من الله وإلى الله سبحانه وتعالى.
لماذا قيد الامام الحسين عليه السلام القبول بالحق؟ هنا الامام الحسين عليه السلام يعلمنا درسا في الحق. كأنما يريد ان يقول انا أسير على الحق فاقبلوني قبول الحق. فان لم اكن على الحق فلا تقبلوني. اذا المعيار الذي رسمه الامام الحسين عليه السلام لنا هو الحق.
هنا يضع الامام الحسين عليه السلام هذا الشرط ويعطينا درسا في عدم المجاملة وعدم المداهنة. (المجاملة هي إبداء اللطف والود تجاه الآخرين من خلال الكلمات الطيبة والثناء، بينما المداهنة هي إظهار الرضا عن أفعال الآخرين غير المقبولة، أو التغاضي عن الأخطاء والمنكرات، وقد تتضمن النفاق وإخفاء الحقيقة).
نرى افرادا في مجتماعتنا يجاملون اشخاصا ولو كانوا على باطل. وفي الحقيقة انك لا تستطيع ان تقول له انك على باطل لان مصالحك الشخصية تتطلب ذلك.
وكأنما يذكرنا الامام الحسين عليه السلام بحديث النبي محمد (ص) “علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار”. والامام الحسين عليه السلام مع الحق. هذا القبول هو لله (فالله اولى بالحق).
الامام الحسين عليه السلام علمنا ان نسير على طريق الحق ولا نداهن ولا نجامل ابدا. اليوم بسبب هذا الانفتاح، تقوم الجهات الاعلامية المعادية ببث اكاذيب على انها حقيقة. اصبح الكذب عند الناس شيء طبيعي، “الصدق هو طريق النجاة في الدنيا والآخرة”. نرى المنكر معروف والمعروف منكرا, نرى الطالب يكذب على الاستاذ والابن يكذب على الاب والزوج يكذب على زوجته والزوجة تكذب على زوجها والموظف يكذب على المراجعين.
المشكلة ان الناس ينظّرون ويفلسفون الكذب. الامام الحسين عليه السلام الذي ارسى معيار الحق يريدنا ان نسير مع الحق كما سار الامام علي والنبي صلى الله عليه واله وسلم.
اذا بصريح كلمات الامام ان من يقبل الاخر فسيكون مع الله. من كان مع الله فالله معه وفي طريق النبي والامام علي والحسن والحسين عليهما السلام.
على من يحب الحسين ويعشق الحسين عليه السلام ان يحفظ هذا المعيار. والا لا توجد قيمة مثلا يقول الشخص انا احب الحسين وابكي عليه واصنع طعام له وهو لا يقبل بقبول الحق ولا يتبع منهج ائمة اهل البيت عليهم السلام ويصطف مع المعسكر المعادي للاسلام او يقف على التل متفرجا.
ثم يقول “ومن ردّ علي أصبر حتى يقضي (يحكم) الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين”. اذا الامام الحسين عليه السلام قرر ان يصبر مقابل من خذله ومن حاربه وهذا يذكرنا بموقف الامام علي عليه السلام عندما اغتصبت الخلافة منه “فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا”. الامام الحسين عليه السلام يعطينا درسا ان نسير في قبول الاخرين، فكان عمله خالصا لوجه الله وخروجه خالصا لوجه الله وقدم حياته لوجه الله تعالى.
ايها الاخوة والاخوات. شاهدنا في الايام القليلة الماضية المواجهة ضد الاسلام المحمدي فهل راجعنا انفسنا ومواقفنا؟ هل وقفنا مع الحق كما اراده الامام الحسين ام وقفنا ضده ام بقينا واقفين على التل؟ علينا بمراجعة مواقفنا لان الله سبحانه وتعالى قال إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ
“ومن رد علي” اي من يعارض خروجي، او من رد كلامي او ما اقوم به من تضحية من اجل الاصلاح في امة جدي، فماذا قال الامام عليه السلام لهؤلاء؟ اذبحكم؟ انتقم منكم؟ العنكم؟، كلا بل قال أصبر وهذا هو نوع من الحوار الحضاري عند ائمة اهل البيت عليهم السلام. هنا فعّل الامام الحسين عليه السلام مسألة الصبر وهو لا يريد ان ينتقم من الاخر. الامام لم يبدأهم بالقتال. اذا الواحد منا اذا اختلف مع شخص اخر عليه الاقتداء بالامام الحسين عليه السلام ولكن نرى ماذا يحدث عندما يختلف اثنان؟ تهديد… قتل.. جلسة فصل.. تسقيط وهكذا. وهنا الامام الحسين قال أصبر حتى يقضي الله والله خير الحاكمين ويعتبر هذا إصلاح أخلاقي واني راض بقضاء الله.
اذا علمنا الامام الحسين ان نكون مع الحق وعلمنا ان نكون من الصابرين. علمنا الامام الحسين عليه السلام ان نصبر ازاء المواقف الصعبة. (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا).
فالله هو الحاكم المطلق وهو يحكم بيني وبين القوم الاخرين وبيني وبين من سيحاربني، بيني وبين من سيقتلتني.
ايها الاخوة والاخوات عندما نأتي الى عاشوراء، نجد ان نهضة وثقافة عاشوراء استطاعت ان تدخل قلوب الملايين من البشر حتى من غير المسلمين. القضية الحسينية تستطيع ان تحرك مشاعر وعواطف الانسان. نحن ان استغلينا واحسنا هذا الموسم نستطيع من خلال ثقافة عاشوراء ان ننشر ثقافة اهل البيت عليهم السلام الى كافة طبقات المجتمع.
اذا فقضية الامام الحسين عليه السلام يمكن لها ان تستوعب كل زمان وكل مكان وهذا ما نجده فعلا.
بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفي خسر الا اللذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر
مجلس سماحة الشيخ عبدالله حسين
الحجاب وفلسفته
هل هناك حكمة من الحجاب؟
بعد التطورات العلمية الهائلة ما يزال علم الانسان بالنسبة لعلم الله ضئيل او ما يجهله الانسان اكثر مما يعلمه، علم اله لا يتناهى بينا علم الانسان قليل ﴿ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام….﴾. الاموال التي تنفق على علم الفضاء بلا حدود.
اعداد النجوم كبير جدا، فماذا عن معرفتنا بالارض وما بها من تراب او شجر. علم الانسان محدود ﴿ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي﴾. هل يعرف الانسان الحكمة من التشريعات الاسلامية؟ لماذا صلاة الفجر ركعتان؟ لماذا الطواف سبعة أشواط؟ لماذا رمي الجمرات بسبع حصاة؟ لماذا اباح الله بعض الاطعمة وحرم عليه اخرى، وكذلك السمك؟ ربما نعرف جزء من الحكمة فعرفها. وكذلك الحجاب، ولماذا فرضه الله؟
قال تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله…﴾ هناك اليوم تمرد على الاحكام الشرعية. بعض النساء يصلين ويصمن ولكن لا يؤمن بالحجاب. فالسؤال عن وجوب الحجاب مرتبط بمدى ايمانها بالتشريع الالهي ﴿واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب﴾.
كان المسلمون في عصر النبي يطرقون ابواب بعضهم البعض لاستعارة بعض الاواني. كيف يكون الحجاب طهارة لقلب الرجل؟ قد تكون طهارة ظاهرية، طهارة الجوارح وقد تكون باطنية.
الطهارة تؤثر على سمع الانسان وبصره وكافة جوارحه. الطهارة القلبية تساعد الانسان على الالتزام والطاعة. الحجاب كيف يكون طهارة للانسان؟
لو التزمت النساء بالحجاب لامكن السيطرة على الشهوات. اذا لم تلتزم المرأة بالحجاب فالرجل مطالب بغض البصر. الامام الصادق عليه السلام قال النظرة سهم من سهام ابليس. اذا نظر الانسان بنظره تأثر قلبه.
من ملأ الله قلبه من حرام ملأ الله قلبه.
البصر هو اقل الحواس شكرا لله. الحجاب يؤثر على الطهارة الباطنية.
الامر الاخر ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهم. المرأة تحب ان تكون محل اهتمام الاخرين، بعطرها والباسها. لو ارادت ان ترضي زوجها فحسب، فهذا امر اخر.
الزوج مطالب بان يوجه لها الكلمة الجميلة لكي لا تخرج نحو الحرام. المرأة ستبحث عن من يمدحها من الخارج. المرأة بمثابة الجوهرة الثمينة. الحجاب يصون المرأة.
البعض يقول: ان امرأة غير متحجبة افضل من المتحجبة في اخلاقها وسلوكها. ونقول ان الحجاب وحده لا يكفي بل مطالبة بتحسين ادائها في السلوك.
المحور الاخر هو النماذج الايمانية.
البعض يقول ان الحجاب يعوق المرأة عن العطاء والتطور. الخحاب لا يمنع ذلك.
هناك نماذج من النساء بلغن درجات عليا من الايمان والعطاء، فهي تربي الاجيال وتصنع الاسرة وتحصل على الشهادات العليا.
هناك نساء امتدحهن القرآن وخلد ذكرهن ليصبحن قدوة. هناك آسية زوجة فرعون التي كانت سببا لمنع فتك فرعون بموسى عليه السلام. لم ترضخ لفرعون وقال ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. وهناك مريم بنت عمران ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾. وهناك خديجة الكبرى التي طالما مدحها النبي (ص)، كانت تعرف بالطاهرة. كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء الا اربع، مربم بنت عمران واسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلة وفاطمة بنت محمد”.
كان لديها قابلية لان تكون اما لفاطمة وجدة للائمة. كانت تحمل العفة والطهارة. نساء قريش وقفن ضدها وناضلت وساعدت النبي (ض) ووقفت معه عندما ضرب بالحجارة جبرائيل يقول لمحمد (ص) “ابلغ خديجة السلام وبشرها بمنزل في الجنة.
السيدة الزهراء عليها السلام هي الاخرى عظيمة، حجابها، كلامها، موقفها. خرجت الى مسجد النبي (ص) وضرب بينها وبين القوم ملاءة وجابهت القوم.
لدينا نماذج معاضرة ايضا. نصرت أمين توفيت 1403 هجرية، وصلت رتبة الاجتهاد، المرجع عبدالكريم الحائري اجازها للاجتهاد، حفظت القران صغيرة واصبحت عالمة متفقهة. المرعشي النجفي والكاشاني يرويان عنها، ولم تقصر في تربية ابنائها وخدمة زوجها.
في عصر النبي (ص) هناك نسيبة المازنية، وقال رسول الله (ص): نسمة افضل من فلان وفلان، ضمدت جروح المقاتلين في معركة أحد.
وهناك كذلك السيدة زينب بنت علي عليهما السلام ومواقفها الخالدة. وهناك السيدة طوعة التي آوت مسلم بن عقيل فعاقبها ابن زياد وسجنها وهدم دارها.