لماذا يعادون نبي الرحمة

رحمة للعالمين، ذو الاخلاق العظيمة، وخير من وطأ الثرى، وصاحب المعجزة الكبرى التي لا تضعف قيمتها مدى الدهر. محمد بن عبد الله، النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، هو اليوم عنوان ظلامة المسلمين. لماذا؟ وكيف يمكن ان يتحول العالم الى غابة تتطاول فيها الخفافيش والعناكب على الاسود والضياغم؟ عالم يدعي التقدم ها هو يتراجع ويزداد تخلفا ويثور على صاحب العلم ومجسد العقل ويتآمر بجهالة ضد من كسر شوكة المتآمرين ضد دين الله، واعداء الانسان، وعبدة الاصنام، وعشاق الزخرف. ما هذا العالم الذي لا يكرم اليتيم الذي صنع أمة وحضارة، وأسقط رمووز الاستعباد وكسر اغلال العباد وحررهم من عبادة الاوثان والبشر ووجههم لعبادة الله خالق الكون والعباد.
جميلة هي الايام التي عاشتها الجزيرة العربية بمعية محمد، فقد احيا القلوب بدين الله وأنار ظلمتها بنور الايمان، ووحد كلمتها تحت راية لا إله الا الله. استبدل القبيلة بدين الله الذي يوحد القلوب ويشجع العقول. وقضى على غرور اصحاب رؤوس الاموال الذين عميت قلوبهم وضلوا عن الطريق واستعبدوا الناس وعاثوا في الارض الفساد. أبت عصبيتهم الا محاربة صاحب الرسالة الذي سفه احلامهم وقضى على غرورهم. أمة في رجل، ومجتمع في شخص، جمع رسالات الانبياء في رسالته فكانت خاتمتها جميعا. سار في الناس بهدي الله فعرف من احيا الله قلوبهم طريق الهدى وابتعدوا عن الضلال. توجهوا الى الله بعد ان عكف آباؤهم على عبادة الاصنام، يعبدوان ما يصنعون بايديهم.
يتحدثون عن حرية التعبير، ويستكثرون على رسول الله انه جاء بالقرآن ودعا الناس الى عبادة الواحد الاحد، ودعا الى كسركافة الاغلال وتحطيم الطواغيت. ها هي الجاهلية تحيا من جديد وتنتقم من محمد الذي سفه أحلام رجالها واسقط قداستها عندما اعطى للعقل موقعه وقيمته وقداسته. أرسله الله رحمة للعالمين، فواجه برسالته اولئك الذين تمردوا على العقل وأصروا على التشبث بقيم البداوة وعقلية الاستعباد وقيم القبيلة. لا مكان في عالم ينظمه دين الله ويوجهه القرآن الكريم لمن يصر على التضليل والتجهيل والتخلف. دين محمد كان، وما يزال، وسيظل، هدى للناس، ولن يضير صاحب الرسالة الخالدة ان أصر الضالون على ضلالهم، واستمروا في عبادة الاوثان في اشكالها المعاصرة.
د. سعيد الشهابي