نبش قبور الصحابة من اكبر الموبقات

في زمن الفتنة التي اثارها اعداء الامة، ازداد روادها فجورا باستهداف دور العبادة في العديد من بلدان المسلمين. واستمرت يد التخريب في استهداف المساجد حتى وصلت مؤخرا الى مسجد الصحابي الجليل حجر بن عدي في سوريا. هذه المرة لم يكتف المخربون بتخريب المسجد، بل نبشوا قبر حجر واعتدوا بذلك على حرمة الميت باسلوب مقزز. فماذا يعني ذلك؟
وهل بلغت امة المسلمين من الضعف مستوى جعل كل مقدساتها مكشوفة امام اعدائها؟ واذا كان الاعتداء قد هز ضمائر الغالبية القصوى من المسلمين، فان آثاره لن تنتهي هنا، بل ستصبح مقياسا لمدى وجود الامة او فنائها. كما انه فتح ملفات استهداف الآثار الاسلامية بشكل ممنهج، حتى انه قضى على 90 بالمائة من الآثار الاسلامية في الحجاز. فما الذي يربط بين تدمير مقبرة البقيع بالمدينة المنورة في عشرينات القرن الماضي وتفجير مرقد العسكريين في سامراء في 2005 وقبر حجر بن عدي في 2013؟ وما الخيط المتصل بين هدم مساجد البحرين في ابريل 2011 ومساجد ليبيا ومالي وتونس ومصر؟
في مطلع الشهر قامت المجموعات المسلحة في سوريا بنبش قبر الصحابي الجليل حجب بن عدي بمنطقة عدرا في ريف دمشق واستخراج الجثمان الشريف ودفنه بمكان غير معروف. وقام المسلحون بتخريب المسجد وتدمير محتوياته. واستنكر علماء المسلمين هذا العمل الشنيع نظرا لما له من دلالات خطيرة. فهو اعتداء على حرمة الميت، واستهداف لمسجد صلى فيه المسلمون لربهم باخلاص وتضرع، وتعميق لفتنة افتعلتها جهات التزمت منهج التطرف وتفتيت شمل الامة وبث افكار جاهلية تمزق الناس وفق خطوط الانتماء العرقي والمذهبي. كما انه استمرار لسياسة استهداف آثار المسلمين وتدميرها بهدف القضاء على مقدسات المسلمين واستفزازهم واثارة مشاعر الحقد في ما بينهم. انه حلقة من مسلسل الفتنة الطائفية التي تبنتها جهات صغيرة تمتلك اموالا نفطية هائلة وتسعى لحماية انظمة حكمها من الجماهير الغاضبة. وتعتبر الاثارات الطائفية “سلاحا قذرا” لجأت اليه قوى الثورة المضادة لحماية انظمة الاستبداد ومنع لهيب ثورات الربيع العربي من الوصول الى دول النفط المحكومة بأشد انظمة الحكم تخلفا. وهنا استهداف متواصل لكافة المساجد والاضرحة التاريخية للاولياء في كافة بلدان المسلمين، يهدف لاثارة الفتنة في ما بينهم ومنع تراص صفوفهم على طريق التغيير المطلوب في هذه البلدان.
لقد اتضحت خيوط المؤامرة ضد الامة ووحدتها منذ ان امتدت معاول الهدم الى مقابر المسلمين قبل تسعين عاما لتزيل معالم اسلامية تاريخية وتثير اصحاب المذاهب الفقهية المختلفة مع المذهب الذي انطلق من الجزيرة العربية ليهدد بقية المسلمين. ومنذ ذلك الوقت تواصل استهداف المساجد والآثار الاسلامية بشكل ممنهج، حتى لم يبق من تلك الآثار الا نزر يسير. وقد هدمت مقبرة البقيع التي تضم قبور أئمة اهل البيت ومن بينهم فاطمة الزهراء عليهم السلام. واصبح المشروع الطائفي واحدا من أقذر الاسلحة التي يستخدمها السلفيون المتطرفون ضد الآخرين. فبالاضافة لتفجير مرقد العسكريين بسامراء العراق قبل ثمانية اعوام، استهدفت مساجد المسلمين الشيعة في البحرين وهدم منها حوالي 40 مسجدا. وامتدت يد التخريب الى مساجد ليبيا التاريخية التي يعود بعضها الى اكثر من 500 عام، بينما استهدفت مساجد ليبيا في العامين الماضيين بشكل ممنهج لازالة آثار اهلها وقطع علاقة شعبها مع تاريخه.
مطلوب وعي المخطط الطائفي الذي اصبح هدم المساجد من اهم اساليبه. وما لم يتم الضرب بيد من حديد على ايدي العابثين بمقدرات المسلمين وآثارهم ومقدساتهم، فسيتسمر نزيف الامة بينما يتواصل رقص المتطرفين على انغام بكاء الارامل واليتامى الرازحين في قبضة الجلادين والقتلة والحاقدين على الدين واهله. مطلوب ايضا تحريم دماء المسلمين بشكل قاطع لاخماد الفتنة الطائفية التي يسعى مروجوها لتصعيدها عبر وسائل دنيئة في مقدمتها هدم مساجد المسلمين ومقابر موتاهم.
د. سعيد الشهابي